طرابلس تحتوي أزمة مفاجئة مع روما.. وتعتذر عن إطلاق نار على قارب صيد إيطالي

الحادث وقع جراء عدم امتثاله لطلب دورية ليبية بالتوقف

TT

قالت مصادر ليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات الليبية سعت أمس لاحتواء أزمة مفاجئة في العلاقات مع إيطاليا على خلفية حادث إطلاق النار على قارب صيد إيطالي من جانب زورق دورية ليبية قبل يومين.

وقالت المصادر ذاتها إن وزارة الخارجية الليبية قدمت عبر السفير الليبي في العاصمة الإيطالية روما، حافظ قدور، اعتذارا رسميا إلى نظيرتها الإيطالية، وأنها وعدت بالتحقيق في ملابسات الحادث وموافاة السلطات الإيطالية لاحقا بنتائجه.

وفى تأكيد على أن إيطاليا قبلت الاعتذار الرسمي الليبي، قال وزير الداخلية الإيطالي، روبرتو ماروني «إن شيئا لم يتغير في العلاقات مع ليبيا رغم فداحة الحادث»، مضيفا «لقد تلقينا بالشكل اللائق اعتذارا رسميا من ليبيا، كما أراد الوزير (الخارجية) موسى كوسا أن يؤكد شخصيا وبصورة مباشرة ذلك».

ونقلت وكالة أنباء «آكي» الإيطالية عن ماروني قوله «ليبيا سوف تبلغنا بنتائج تحقيقاتها، وهناك حقيقة مستمرة لسنوات كثيرة ألا وهي أن سفن الصيد الإيطالية تستطيع الصيد في المجال البحري، الذي تعتبره ليبيا مياهها الإقليمية».

وأضاف «في كثير من الحالات لا يحدث أي شيء، وفي حالات أخرى هناك حوادث، مثل الاستيلاء على السفن أو في بعض الأحيان إلقاء القبض على بحارة إيطاليين سرعان ما يتم الإفراج عنهم بسرعة».

ولفت ماروني إلى أن «المشكلة قيد التفاوض منذ بعض الوقت، أي ما لا يقل عن سنة»، مشيرا إلى أن تنظيم مشكلة مشابهة مع تونس استغرق سبع سنوات من المفاوضات لأنها مسألة حيوية، وقال «شرعنا في وضع إطار لاتفاق حول الصيد بين إيطاليا وليبيا».

وكان وزير الداخلية الإيطالي قد قال في تصريحات إذاعية سابقة «يمكنني أن أتخيل أن إطلاق النار حدث لأن القارب لم يتوقف تنفيذا لأمر الزورق الليبي، مما جعلهم يشكون بكونه يحمل مهاجرين غير شرعيين»، مضيفا «لكنه مجرد تخيل فليس عندنا حتى الآن كل المعلومات، لذا فقد فتحت تحقيقا لتحديد ما حدث بالفعل، وعندما يكون لدينا المعلومات سنكون قادرين على تقييم الأمر والحيلولة دون تكرارها في المستقبل»، وفق تعبيره.

وكشف ماروني عن كون الزورق الذي أطلق النار على المركب «واحدا من 6 أعطيناها للسلطات الليبية في إطار اتفاقية مكافحة الهجرة غير الشرعية التي وقعها سلفي الوزير أماتو، وهو بالطبع يجب أن يكون في صالح القضاء على الظاهرة، وعلى متنه يوجد فنيون إيطاليون ولكن ليس لديهم مهام الطاقم فهم يقدمون دعما فنيا فقط، وهذا النظام قائم منذ عام ونصف العام، ويعمل جيدا حيث ساعد في خفض مراكب الهجرة غير الشرعية، وما حدث بالأمس لم يكن من المفترض حدوثه».

وكانت مصادر من أسطول صيد بلدة «ماتزارا ديل فاللو» الصقلية قد أعلنت أول من أمس أن أحد قواربه تعرض لرشقة بسلاح رشاش أطلقت من قارب دورية ليبي كان قد أعطاه أمرا بالتوقف.

وأضافت المصادر أن «إطلاق النار الذي وقع قبالة السواحل الليبية، لم يلحق ضررا بالطاقم الذي تمكن من تجنب الاصطدام والابتعاد، مواصلا الإبحار باتجاه مرفأ لامبيدوزا، حيث وصله هذا الصباح»، على حد قولها.

وسعى وزير الداخلية الإيطالي إلى التخفيف من حدة الجدل، بعدما خصصت كل الصحف الإيطالية صفحاتها الأولى أمس للحادث الذي وقع مساء الأحد، عندما أطلق زورق سريع قدمته إيطاليا لليبيا لمكافحة الهجرة السرية النار من رشاشات على سفينة صيد انطلقت من ماتزارا ديل فاللو في صقلية.

وقال غاسبار مرون، قبطان سفينة الصيد ارييت (32 مترا، وأفراد طاقمها العشرة)، أن أيا من أفراد الطاقم لم يصب لكن «ما حصل كان جحيما في الواقع، وخلال دقائق لم نفهم شيئا».

وقبل تقديم طرابلس اعتذارها، أعلن عمدة ماتزارا ديل فاللو، نيكولا كريستالدي أنه سيطلب من وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني طلب توضيح من قائد زورق الدورية الليبية، بينما قال البرلماني المعارض، جامبيرو داليا: «لو لم يكن الأمر بهذه الخطورة والجدية لقلت إنه جزء من الاحتفالات بمعاهدة الصداقة الإيطالية - الليبية».

وتقاربت إيطاليا وليبيا منذ موافقة رئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو برلسكوني على صفقة تعويضات قيمتها 5 مليارات دولار في عام 2008. وزادت ليبيا الاستثمارات بعد ذلك في الشركات الإيطالية في حين أصبحت إيطاليا أكبر حليف لليبيا في أوروبا.

واستغل ساسة المعارضة في إيطاليا هذا الحادث لمهاجمة العلاقة الوثيقة بين برلسكوني والزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، ووصفوها بأنها أحدثت إهانة ليبية لإيطاليا، وطالبوا الحكومة بمناقشة هذه المسألة في البرلمان.