العاصمة المصرية تتخلص من وزاراتها ومؤسساتها عبر برنامج «خلخلة القاهرة»

وسط جدل حول طريقة التطبيق

TT

تباينت الرؤى حول قرار الرئيس المصري حسني مبارك، بإنشاء مركز إداري لنقل الوزارات والهيئات الحكومية خارج القاهرة. ففي الوقت الذي رحب فيه البعض بقرار الرئيس المصري، باعتباره نقلة حضارية سوف تخفف التكدس عن القاهرة، رأى آخرون أن القرار الرئاسي لا يكفي، وأنه يحتاج إلى متابعة، وأن نقل المصالح والهيئات إلى مكان واحد من دون تفتيتها سوف يخلق حالة جديدة من التكدس.

وكان مجلس الوزراء المصري في اجتماعه أول من أمس قد وافق على قرار الرئيس المصري حسني مبارك، بإنشاء مركز إداري وتجاري جديد في مدينة القاهرة، يقام على قطعة أرض مملوكة للدولة غرب الطريق الدائري، على مساحة 1550 فدانا، ضمن برنامج «خلخلة القاهرة» إداريا، ونقل الوزارات والهيئات الحكومية خارج الكتلة العمرانية.

ومن جانبه، أكد الدكتور حمدي عبد العظيم، الرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، أنه يفترض فعليا نقل الوزارات المركزية من القاهرة لتخفيف الزحام في منطقة وسط القاهرة، والقضاء على الاختناقات المرورية التي تتكرر بشكل يومي، خاصة عند إشارات المرور. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مشروع تفريغ القاهرة تأخر كثيرا، وكان يجب أن يتم في عهد الرئيس المصري السابق أنور السادات، عندما أنشأ مجمعا للوزارات في مدينة السادات، عند الكيلو 93 طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي، بالقرب من محافظة المنوفية عام 1976. ولم ينفذ المشروع حتى وقتنا هذا، ولم يتم بعده التفكير في أي مشروع بديل».

وأوضح عبد العظيم أن الأزمة ليست في نقل المصالح والتجمعات إلى مكان آخر، ولكن الأزمة في نقلها بالطريقة نفسها الموجودة عليها في القاهرة، متابعا: «لا بد من وضع مخطط لتفتيت هذه المصالح، وعدم تركزها في مكان واحد، حتى لا تحدث مركزية أخرى، وتؤدي إلى تكدسات جديدة».

وكشف عبد العظيم عن أن النظرة المستقبلية في مصر، تؤكد وجود توسعات في منطقة غرب الدائري، وبالتالي مع إنشاء المركز الجديد سوف يتضاعف الزحام، بالإضافة إلى صعوبة وصول المواطن العادي إلى هذه المنطقة، لبعدها عن القاهرة وعدم وجود مواصلات مباشرة لها.

واقترح عبد العظيم «نقل الوزارات التي لا يتردد عليها المواطن باستمرار إلى المركز الجديد، لكن الوزارات الخدمية فلا بد أن تنقل إلى أماكن قريبة من القاهرة».

فيما أكد النائب صلاح الصايغ، عضو البرلمان المصري، أن المركز الجديد نقلة حضارية، ونتاج للكثير من المطالبات والتوصيات من نواب البرلمان المصري إلى الحكومة بشأن نقل الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية من القاهرة إلى المدن الجديدة، أو حتى إنشاء مدن جديدة على أطراف القاهرة. على أن يتم ترك الوزارات السيادية داخل القاهرة، ويتم نقل الوزارات الأخرى خارجها.

كما أضاف الصايغ «طالبنا بتوفير وسائل مواصلات للمواطنين، للقضاء على الحوادث اليومية وأزمات المواصلات المستعصية والتلوث السمعي والبصري الناتج عن السيارات.. لتعود القاهرة عاصمة المعز إلى هدوئها القديم، بعدما أصبحت في المركز الثالث بعد طوكيو وأمستردام في عدد السكان، الذي يبلغ 22 مليون نسمة، يضاف إليهم 7 ملايين نسمة (عمالة من خارجها) يدخلونها كل صباح. وهذا الرقم (27 مليونا) يعادل سكان دولة بكاملها، الأمر الذي يسبب شللا مروريا ويعطل مصالح المواطنين».

وأوضح الصايغ أن موضوع ازدحام القاهرة أثير في البرلمان المصري، ولكن الحكومة لم تستجب، وأكدت أن هناك دراسات ومناقشات جار إعدادها، وهو ما احتاج لتدخل الرئيس مبارك وإصدار قرار سياسي، وهو ما حدث بالفعل الآن، حيث أصدر الرئيس مبارك أوامره للحكومة بسرعة إنشاء المركز.

وكشف الصايغ «أن نقل الوزارات والهيئات إلي المركز الجديد لن يخلق أزمة مرورية في المنطقة المقترحة، لأن المدة التي اقترحتها الحكومة لبقاء الوزارات والهيئات في المركز الجديد من 10 إلى 15 عاما، بعدها يتم البحث عن منطقة أخرى، لنقل هذه الوزارات، حتى لا يحدث تكدس آخر».

وأكد النائب جابر خليل، عضو البرلمان المصري، ضرورة وجود خطة للمركز الجديد، «حتى لا تتكرر مأساة مدينة السادات التي أنشأها الرئيس السابق أنور السادات عام 1976، لنقل جميع الوزارات والهيئات الحكومية إليها، وتحولت الآن إلى مدينة لا تصلح لأي شيء».

وأضاف خليل «قرار الرئيس مبارك بإنشاء المركز الجديد يحتاج إلى متابعة جادة، وتفهم شعبي بضرورة تفريغ القاهرة التي تنذر الأمور فيها بالاقتراب من كارثة سكانية، فقد أصبح من العسير الانتقال من مكان إلى مكان فيها بسهولة»، معربا عن خشيته من أن «نركز على الانتقال من القاهرة إلى أطرفها، وتتحول المناطق الجديدة في المستقبل إلى مناطق مزدحمة مثل وسط البلد».