تذمر في أوساط الصحوة بعد عامين من تسلم الحكومة العراقية ملفات عناصرها

قادتها يحذرون: إهمالنا سيساعد في تردي الوضع الأمني

TT

يبدي قادة مجالس الصحوة التي تحارب التنظيمات المتطرفة تذمرا حيال إهمال الحكومة لمطالبهم بعد مرور عامين بالضبط على قيام الجيش الأميركي بتسليم السلطات العراقية ملف هذه المجموعات التي تساعد في ترسيخ الأمن في البلاد. ويحذر هؤلاء من أن الاستمرار في إهمال قوات الصحوة سيساعد في تردي الأوضاع الأمنية، وخصوصا في مناطق العرب السنة المحيطة بالعاصمة من جهاتها الأربع.

وقال قائد قوات الصحوة في سامراء (125 كلم شمال بغداد) خالد فليح لوكالة الصحافة الفرنسية إن «إهمال الصحوة سيؤدي إلى تردي الأوضاع الأمنية في البلاد (...) قدراتنا محدودة ولم تعد كما كانت مع القوات الأميركية. لقد اختلفت الأوضاع كثيرا».

وقام الجيش الأميركي قبل عامين بالضبط بنقل مسؤوليات نحو مائة ألف مقاتل في مجالس الصحوة إلى الحكومة العراقية بعد أن ساهمت في استقرار الأوضاع الأمنية منذ انطلاقتها على أيدي عشائر الأنبار في سبتمبر (أيلول) 2006. وأضاف فليح أن «قوات الصحوة في محافظة صلاح الدين (كبرى مدنها تكريت) قدمت 120 شهيدا إضافة إلى تعرض آخرين لتفجير منازلهم وإحراق سياراتهم دون أن يحصلوا على أي تعويض من الحكومة». وتابع أن «عدد عناصر الصحوة في صلاح الدين يبلغ أكثر من 9 آلاف حاليا بعد انضمام نحو 1200 منهم إلى الأجهزة الأمنية». وأضاف أن «الحكومة تقدم فقط رواتب غالبا ما تتأخر لأشهر. فهي تريد من خلال ذلك تفكيك الصحوات (...) إنها لا تزودنا بالرصاص لنواجه أعداءنا». وتتراوح الرواتب بين 300 و600 ألف دينار (255 و500 دولار).

وتساهم قوات الصحوة في مناطق العرب السنة في تراجع أعمال العنف بعد أن رفع عناصرها السلاح في وجه من قاتلوا في صفوفهم سابقا، لكنها بدأت قبل أشهر تتعرض لهجمات دامية، خصوصا في شمال بغداد وجنوبها. ويسود الاعتقاد على نطاق واسع بأن الحكومة العراقية ذات الغالبية الشيعية لا تبدي ثقة كبيرة بقوات الصحوة. وقد أكد مسؤولون عراقيون مرارا أن 20 في المائة من هؤلاء المقاتلين سينضمون إلى صفوف الجيش والشرطة في حين سيتولى الآخرون وظائف مدنية.

ففي الرمادي، كبرى مدن محافظة الأنبار ومهد الصحوة، يندد عناصر الصحوة بقرار الحكومة الأخير، إلغاء الرتب الفخرية لقادة الصحوة، وأبدى رئيس «مؤتمر صحوة العراق» الشيخ أحمد أبو ريشة استغرابه حيال القرار، لأن «العراق لا يزال بحاجة لخدمات هؤلاء الذين ضحوا بالغالي لطرد الإرهاب. على الحكومة أن تفكر جديا في وضع الحلول المناسبة لأصحاب الرتب الفخرية»، واقترح «إحالتهم إلى الدوائر المدنية أو التقاعد أو تثبيتهم رسميا أو إدخالهم في دورات تدريبية تطور مهاراتهم»، ووصف القرار بـ«المؤامرة السياسية التي تهدف إلى عودة الأنبار للمربع الأول».

لكن قائد شرطة الأنبار اللواء بهاء حسين القيسي أكد أن الحكومة تسعى من خلال قرارها إلى «قيام مؤسسة عسكرية ذات كفاءة وفق ضوابط ومعايير مهنية صحيحة، لأن غالبية ضباط الرتب الفخرية لا يجيدون حتى القراءة والكتابة».

وظهرت قوات الصحوة للمرة الأولى في سبتمبر 2006 في محافظة الأنبار، حيث استطاعت خلال أشهر قليلة طرد تنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة التي تدور في فلكه، الأمر الذي شجع الجيش الأميركي على تطبيق هذه التجربة في محافظات أخرى.

ومنذ مطلع 2007 عمل الجيش الأميركي على تشكيل مجالس الصحوة أو الإسناد في مناطق العرب السنة بشكل رئيسي بحيث بات عددها يناهز الـ130 مجلسا تابعا لبلدات ومدن ونواح في محيط بغداد.

من جهته، قال خالد النعيمي، أحد قادة الصحوة في بعقوبة كبرى مدن محافظة ديالى المضطربة، إن عدد عناصر الصحوة «كان أكثر من 14 ألفا لكنه بدأ بالانخفاض تدريجيا حتى بلغ 9 آلاف تقريبا عندما تسلمت السلطات العراقية ملفها قبل عامين». وأكد أن «العدد يبلغ أكثر من 6 آلاف حاليا»، مشيرا إلى «مقتل نحو 68 من عناصرها، كما أن عدد المتطوعين في القوات الأمنية بلغ ألفي مقاتل».

أما في كركوك، فقد أشار مصدر أمني رفيع إلى الخشية من عودة «القاعدة»، وأوضح أن 8 آلاف عنصر من الصحوة يجري إعدادهم لضمهم إلى قوات حماية النفط. من جهته، طالب الشيخ حسين علي العاتي «بالبحث عن مصير حاسم، فهؤلاء أبطال كان لهم مواقفهم، وما زالوا في مجابهة (القاعدة) ويجب إنصافهم». وشدد يونس الكضاوي، مؤسس أول فوج صحوة في محافظة كركوك ويضم 900 مقاتل، على أن «التهديدات لا تزال قائمة». كما قال قائد صحوة الرياض، غرب كركوك، رعد الكوامي «لا يزال لدي 500 مقاتل بعد انسحاب 400 بسبب تدني الرواتب». وأضاف «أصبحنا اليوم بين مطرقة قوات الشرطة وسندان الجيش العراقي».