قناة خلفية من وراء الستار بين البيت الأبيض والحكومة الإسرائيلية

روس وفر عنصرا غائبا في العلاقة التي بدأت متوترة بين نتنياهو وأوباما

دينيس روس
TT

صعد نجم دينيس روس، الخبير المخضرم في شؤون الشرق الأوسط، كقناة اتصال محورية خلف الستار بين البيت الأبيض والحكومة الإسرائيلية، حيث تعاون بصورة وثيقة مع المحامي الخاص برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو - وكذلك وزير الدفاع إيهود باراك - بهدف العمل بهدوء على تسوية الخلافات والنزاعات بين الحكومتين.

ويتسم دور روس، حسب ما وصفه مسؤولون ومصادر أخرى قريبة من العملية، بحساسية بالغة لأنه ربما ينظر إليها باعتباره يقوض مهمة جورج ميتشل، المبعوث الخاص للرئيس أوباما للسلام في الشرق الأوسط. وقد رفض جميع من أجرينا مقابلات معهم الكشف عن هوياتهم بسبب هذه الحساسية.

كما يتعامل ميتشل مباشرة مع المحامي، ييتزاك مولهو. ومع ذلك، كان روس - المدير البارز لشؤون السياسات تجاه الشرق الأوسط داخل البيت الأبيض - هو الذي تعامل بصورة رئيسة مع مولهو وباراك حول حزمة الحوافز التي تعرضها إدارة أوباما على نتنياهو لتمديد قرار تجميد بناء المستوطنات لمدة 60 يوما بغية الحفاظ على محادثات السلام الناشئة مع الفلسطينيين على المسار المأمول.

من جهته، أحال البيت الأبيض الأسئلة إلى وزارة الخارجية. وبدوره، أعلن بي جيه كراولي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، في بيان له أن «الدور المهم لدينيس روس في هذه الجهود معروف ويلقى تقديرا كبيرا. وعبر تعاونه مع جورج ميتشل وفي ظل توجيهات وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، يعمل روس على تشجيع الأطراف المعنية على الاستمرار في المفاوضات نحو التوصل لاتفاق يؤدي لإقرار حل الدولتين».

وقالت مصادر داخل الولايات المتحدة وإسرائيل إن روس وفر عنصرا كان غائبا عن العلاقة الثنائية، التي اتسمت بالتوتر منذ تولي أوباما الرئاسة.

الملاحظ أن المسؤولين الإسرائيليين فضلوا منذ أمد بعيد الالتفاف على وزارة الخارجية ومبعوثي السلام، والتعامل مباشرة، بدلا من ذلك، مع مسؤول رفيع المستوى في البيت الأبيض. وقال مسؤولون سابقون من إدارتي بيل كلينتون وجورج بوش إن الإسرائيليين يعتقدون أن البيت الأبيض هو المسؤول الفعلي في نهاية الأمر عن صياغة السياسة الخارجية، وعلى قناعة بأن وزارة الخارجية منحازة إلى الصف العربي على نحو مفرط.

داخل إدارة بوش، تعاونت مستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس على نحو وثيق مع دوف فيسغلاس، رئيس فريق العمل المعاون لأرييل شارون، حيث تفاوضا فعليا حول الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة. وخلال فترة رئاسة بوش الثانية، تعامل مستشار الأمن القومي ستيفن جيه هادلي بصورة مباشرة مع يورام توربوويز، رئيس فريق العمل المعاون لرئيس الوزراء إيهود أولمرت؛ غالبا لتقديم شكاوى حول ما تفعله رايس في إطار دورها الجديد كوزيرة للخارجية.

وأشار مصدر مقرب من الإدارة إلى أن نتنياهو «كان يتطلع نحو مثل هذه القناة بادئ الأمر لكنه عجز عن العثور على واحدة».

وازداد وضوح دور روس بعد تحويل أوباما مساره هذا العام واتخاذه قرارا بتحسين علاقته مع نتنياهو.

وذكر مسؤول إسرائيلي، رفض الكشف عن هويته، أن «عددا قليلا للغاية من العناصر يشارك في الأمر، حيث أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه من الضروري للغاية تنفيذ هذا الأمر على نحو متكتم وهادئ».

من جانبه، يعرف روس كل من مولهو وباراك جيدا منذ عهد إدارة كلينتون عندما اضطلع بدور محوري كمفاوض للسلام في الشرق الأوسط.

وفي مذكراته الصادرة بعنوان «السلام المفقود»، وصف روس مولهو، الصديق المقرب من نتنياهو، بأنه «الشخص الوحيد الذي أولاه بيبي ثقته الكاملة» و«ربما الشخص الوحيد حول بيبي الذي في إمكانه أن يخبره بما لا يود الأخير سماعه». خلال الفترة الأولى لعمل نتنياهو كرئيس للوزراء، في تسعينات القرن الماضي، بدأ مولهو اتصالات مع ياسر عرفات عندما كان زعيما للجانب الفلسطيني.

في تلك الأثناء، ظهر باراك كوزير الخارجية الفعلي لإسرائيل نظرا لأن أفيغدور ليبرمان، الذي يتولى المنصب رسميا، متشدد وله آراء يرفضها الجانب الأميركي. وقال مصدر مقرب من الإدارة: «باراك شخص نعرفه ونثق به، وهو الشخص الذي تتوجه إليه الولايات المتحدة». إلا أن باراك ليس من المقربين من نتنياهو، بل يعد واحدا من خصومه السياسيين ويتزعم حزب العمل.

وأشار أحد المصادر إلى أنه سرعان ما جدد روس صلاته بمولهو، وأضاف المصدر أن «الأمر انطوى على مخاطرة كبيرة بالنسبة لروس لأنه كان بذلك يقوض فعليا ميتشل وكلينتون». إلا أن التوترات بين البلدين كانت متفاقمة لدرجة حالت دون اكتساب قناة «روس - مولهو» فعالية.

بعد ذلك، أشرفت العلاقات الأميركية - الإسرائيلية على الانهيار في مارس (آذار) بسبب الإهانة التي تعرض لها نائب الرئيس بايدن خلال زيارته لإسرائيل. وأعقب هذا الخلاف المعلن - حيث اتصلت كلينتون بنتنياهو لتوبيخه علانية - توصل الإدارة لقرار بأنه ينبغي تخفيف حدة التوتر بين الجانبين.

وعليه، جاء رد فعل الإدارة للهجوم الإسرائيلي الفتاك في يونيو (حزيران) ضد قافلة متجهة لغزة، هادئا. ورحب أوباما بعد ذلك بنتنياهو بود خلال لقائهما في البيت الأبيض في يوليو (تموز). وقال المصدر: «بمجرد إصلاح العلاقات، أصبح من الأيسر بكثير ازدهار هذه القناة».

* خدمة «نيويورك تايمز»