رئيس الوزراء العراقي في سورية اليوم للقاء الأسد وإنهاء قطيعة دامت أكثر من عام

مقرب منه لــ«الشرق الأوسط»: أوفدنا إلى دمشق لإرجاء الزيارة وفوجئنا بقراره

TT

بعد نحو 24 ساعة على إعراب الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء التركي عن قلقهما من تأخير تشكيل الحكومة العراقية ودعوتهما إلى الإسراع في تشكيل حكومة بالعراق، أعلن في بغداد أمس عن قيام رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي بزيارة إلى دمشق اليوم بغية تطوير العلاقات الثنائية في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، وبما يخدم «مصالح البلدين والشعبين الشقيقين».

وفي دمشق، قالت مصادر متابعة لـ«الشرق الأوسط» إن المالكي سيلتقي اليوم الرئيس بشار الأسد ورئيس الوزراء محمد ناجي العطري، في تأكيد لما أعلنه مكتب المالكي أمس.

وكان الرئيس السوري قال في مؤتمر صحافي أول من أمس إن محادثاته مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تركزت على الوضع في العراق، وتحديدا ملف تشكيل الحكومة العراقية المتعثر منذ الانتخابات التشريعية في مارس (آذار) الماضي، وعبر الجانبان عن «قلقهما لعدم تشكيل الحكومة العراقية». وقال الأسد إن «الأولوية في هذه الأيام للموضوع العراقي، لأن هناك عملية تشكيل حكومة المفترض أنها بدأت مباشرة بعد الانتخابات، وقد مضى أكثر من 6 أشهر ولم تتشكل». وأضاف «من الطبيعي أن يكون لدى الدول المجاورة للعراق قلق وأمل في نفس الوقت من أي تغيير يحصل في العراق، لأنه يؤثر فينا سلبا أو إيجابا بحسب الوضع في العراق سياسيا أو أمنيا». واعتبر أن حديث دول الجوار العراقي حول هذا الموضوع «لا يعني أننا نتحدث نيابة عن العراقيين، ولكن من خلال علاقاتنا مع القوى العراقية». كما عبر أردوغان من جانبه عن «حزنه» لاستمرار «الفراغ السياسي في العراق الذي يجب أن يزول من خلال اتفاق وطني يجمع كافة الأحزاب والأطياف العراقية». واعتبر أن أي «حكومة يتم تشكيلها على أسس طائفية أو دينية أو مذهبية أو عرقية لن تخدم الأمن والاستقرار في العراق».

وتأتي زيارة المالكي إلى دمشق بعد قطيعة أكثر من عام على خلفية توجيه حكومة المالكي اتهامات لسورية بإيواء عراقيين ضالعين في تفجيرات وقعت في بغداد في أغسطس (آب) 2009 أسفرت عن سقوط أكثر من 100 قتيل، الأمر الذي رفضته سورية، معربة عن أسفها أن تصبح العلاقات مع العراق «رهنا لخلافات داخلية وأجندات خارجية»، وعلى خلفية الأزمة تبادل البلدان استدعاء سفيريهما.. إلا أن الشهرين الأخيرين شهدا عدة تطورات على صعيد تحسن العلاقات بين الجانبين حيث زار سورية وفد من دولة القانون الذي يتزعمه المالكي، كما التقى وزيرا خارجية البلدين الشهر الحالي في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة، وتوجت تلك الاتصالات بلقاء جرى مساء السبت الماضي بين الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس العراقي جلال طالباني في ليبيا على هامش قمة سرت، جرى خلاله بحث الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة وضرورة التوصل إلى توافق لتشكيل حكومة شراكة وطنية تمثل كل الأطياف العراقية بما يضمن وحدة الصف العراقي الكفيلة بالحفاظ على وحدة العراق وأمنه واستقراره، كما تناول اللقاء العلاقات الثنائية، وأعرب الرئيس طالباني عن أهمية العلاقات بين البلدين، من خلال التنسيق الكامل لكل ما يهم العراق وسورية، في حين أكد الرئيس الأسد حرص سورية على أفضل العلاقات مع العراق، مشددا على «أهمية وضع آلية وأسس لهذه العلاقات تضمن مصالح الشعبين الشقيقين». وفي اليوم التالي للقاء، أي الأحد الماضي، باشر السفير العراقي لدى سورية مهامه مجددا في دمشق، بعد انقطاع دام أكثر من عام.

من جهته كشف عزة الشابندر، القيادي في ائتلاف دولة القانون، عن أن زيارة المالكي إلى سورية «رتب لها خلال زيارة سابقة لوفد من ائتلاف دولة القانون إلى دمشق، وخلالها التقينا الرئيس بشار الأسد»، مشيرا إلى أن «مهمتي حاليا في دمشق من أجل تأجيل هذه الزيارة إلى أسبوع آخر، حيث أبلغني المالكي بالتوجه إلى دمشق والعمل على تأجيل الزيارة، ثم فوجئت أمس بقرار رئيس الوزراء العراقي بأن الزيارة ستتم غدا (اليوم) والزيارة ضمن جولة للمالكي إلى الأردن وقطر وإيران وتركيا». وعن الحملة التي شنها بعض أعضاء دولة القانون على العراقية ورئيسها علاوي بسبب زيارته على رأس وفد من ائتلافه إلى السعودية، ووصف زيارات وفود العراقية إلى دول الجوار العربي بأنها «من أجل الاستقواء بتلك الدول على دولة القانون»، وقال الشابندر «إن هناك فرقا بين استراتيجيتنا، دولة القانون، في زيارات الوفود أو المالكي، وهي قليلة قياسا إلى زيارات العراقية وعلاوي، حيث نحن لا نعتمد كثيرا على الاستقواء بهذه الدول على أزمات الداخل، بل نحن نقوم بإيضاح الحقائق وطلب المساعدات المشروعة في حل الأزمات»، مستدركا بقوله «مع ذلك نحن ليس من حقنا انتقاد الآخرين، فمن حق كل الأطراف أن تقوم بزيارات لدول الجوار».

بدورها قالت ميسون الدملوجي، الناطقة الرسمية باسم كتلة العراقية بأن الكتلة «تستمر في لقاءاتها بقادة الدول العربية والإقليمية والمجتمع الدولي للتحاور في مستجدات العملية السياسية في العراق، لما في ذلك من تأثير مباشر على مستقبل المنطقة والعالم». وقالت لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد أمس إن «زيارة وفد من كتلة العراقية برئاسة الدكتور إياد علاوي إلى المملكة العربية السعودية للقاء خادم الحرمين الشريفين جاءت من منطلق التحاور مع الأشقاء العرب الذين يشكلون عمقنا الاستراتيجي، ولأن السعودية كانت ولا تزال داعمة للعراق واستقرار شعبه، حيث أبدى خادم الحرمين حرص بلاده على دعم العملية السياسية في العراق، وأعرب عن رغبته في تشكيل حكومة تضم الطيف السياسي بما يضمن استقرار العراق والمنطقة ككل، وأبدى حرصه الشديد على شعب العراق وأمنه وسلامته».