غزة: طلبة الدكتوراه في الخارج محرومون من مناقشة أطروحاتهم جراء الحصار

بعضهم يدعو لمناقشتها عبر «الفيديو كونفرنس»

TT

كان صلاح يكتفي بإطلاق النكات عندما يُسأل عن موعد مناقشة رسالة الدكتوراه التي يعمل على إنجازها منذ أكثر من عام وينتظر مناقشتها. فصلاح الذي التحق بمعهد البحوث والدراسات العربية في القاهرة منذ أربعة أعوام لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ لم يتمكن من مغادرة قطاع غزة لمناقشة الرسالة والحصول على الدرجة في القاهرة، تارة بسبب إغلاق المعبر، وتارة أخرى بسبب رفض السلطات المصرية السماح له بعبور أراضيها. وقال صلاح، الذي يعمل مدرسا في إحدى الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة، لـ«الشرق الأوسط»، إنه يفكر في أن يطرح على مشرفه الجامعي وعلى إدارة معهد البحوث والدراسات العربية أن يتمكن من المناقشة عبر تقنية «الفيديو كونفرنس». وأضاف «أعلم أن النظم في المعهد لا تسمح بهذا الأمر، لكني أطمح أن يتفهم المسؤولون في المعهد ظروفي، فهناك مؤسسات أكاديمية سمحت لطلاب فلسطينيين بالمناقشة عبر هذه التقنية، فمن دون أن تبدو مرونة معي، فعلى ما يبدو فإنه سيمضي وقت طويل قبل أن أحصل على الشهادة».

وبالفعل هناك جامعات ومؤسسات في الخارج، سمحت بمناقشة رسائل التخرج لطلاب الماجستير والدكتوراه من طلاب، غزة عبر تقنية «الفيديو كونفرنس»، وأحد هؤلاء الدكتور زكريا الذي أكمل دراسة الدكتوراه في التاريخ.

بعض الطلاب لم يجدوا بدا سوى بذل جهود كبير من أجل الحصول على تحويلات طبية ليسمح لهم بمغادرة القطاع بالتالي الالتحاق بجامعاتهم ومناقشة أطروحاتهم. ومن الطلاب من يستغلون مواسم الحج والعمرة لكي يتمكنوا من السفر والالتحاق بجامعاتهم. وقال أحد هؤلاء الطلاب - الذي فضل عدم ذكر اسمه - لـ«الشرق الأوسط»، إنه سجل لأداء العمرة في رمضان الماضي، وبعد أداء المناسك توجه للدولة التي التحق بالدراسة فيها، حيث ناقش بحثه وعاد بعد أن حاز شهادة الدكتوراه».

لكن مشكلات الطلاب الذين يرغبون في مناقشة أطروحاتهم عبر «الفيديو كونفرنس» لا تتوقف عند الموافقة على طلباتهم، حيث إن هناك احتمالا بألا يتم الاعتراف بشهاداتهم من قبل وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية. فحسب نظم وزارة التربية والتعليم الفلسطينية الجديدة فإن أي طالب ينهي دراسة الدكتوراه أو الماجستير في الخارج يتوجب عليه أن يقدم شهادة تثبت أنه كان منتظما في الجامعة، أي أنه يتوجب أن يثبت أنه أمضى على الأقل عامين في الدولة التي حصل منها على الشهادة. وكانت النظم السابقة تقضي بأن يمضي الطالب ثمانية شهور في الدولة التي حصل منها على الشهادة حتى تتم مصادقة شهادته، وعلى هذا الأساس اكتفى الكثير من الطلاب بهذه المدة ثم عادوا للقطاع بعد أن حصلوا على الشهادات، ليكتشفوا أنه من غير الممكن المصادقة على شهاداتهم، حيث يتطلب منهم المكوث عامين في الدول التي حصلوا منها على الشهادات. ويبذل أعضاء من المجلس التشريعي الفلسطيني جهود لدى وزارة التربية والتعليم لتسوية الأمر والاعتراف بالشهادات.

ويرى بعض الطلاب أنه حتى لو كانت الحركة حرة وتمكنوا من مغادرة القطاع، فإنه نظرا للأوضاع الاقتصادية الصعبة والأمنية في قطاع غزة فإنه من غير الممكن أن يمضوا عامين خارج القطاع. وقال هشام الحسيني، الذي سجل للدكتوراه في إحدى الجامعات العربية، إن مكوثه عامين في هذه الدولة يعني أنه سيتكلف عشرة آلاف دولار كل عام، إلى جانب الرسوم الجامعية، معتبرا أن هذا مبلغ كبير ولا يمكنه توفيره.