السودان: خطط الأمم المتحدة لإقامة مناطق منزوعة السلاح في الجنوب إما «جهل» أو تدخل

باقان أموم: لن نعود للحرب بسبب النفط وسنتعامل بـ«الجنيه» السوداني بعد الانفصال.. والمفوضية: الزمن لا يكفي

TT

انتقد الجيش السوداني الأمم المتحدة بشأن خطط لإقامة منطقة عازلة على طول الحدود بين الشمال والجنوب قبيل استفتاء يتسم بالحساسية السياسية، قائلا إن ذلك التحرك علامة على أنه إما أن يكون «جهلا» وإما أن يكون «تحرشا».

وقال دبلوماسيون في الأمم المتحدة، الأربعاء: إن المنظمة الدولية تعيد نشر قوات حفظ السلام في بؤر التوتر على طول الحدود بسبب مخاوف من اندلاع الصراع قبيل الاستفتاء بشأن إعلان الجنوب الاستقلال أو أن يظل تابعا للسودان.

وقال المقدم الصوارمي خالد سعد، المتحدث باسم الجيش السوداني، لوكالة السودان للأنباء في وقت متأخر من مساء أول من أمس: «حديث مسؤول عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة ألان لوروا حول نشر قوات أممية عازلة على الحدود بين الشمال والجنوب لا يعبر إلا عن جهل بمجريات الأحداث الحقيقية في السودان أو قد يكون تحرشا يستهدف استقراره وسلامته».

وقال أعضاء من وفد مجلس الأمن، الذي زار السودان الأسبوع الماضي: إن سلفا كير، رئيس جنوب السودان شبه المستقل، أبلغ مبعوثي المجلس التابع للأمم المتحدة أنه يخشى من أن يحرك الشمال قوات باتجاه الجنوب وأن يتأهب لحرب.

وأكدت سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، يوم الخميس، أن كير طلب إقامة منطقة عازلة بعمق 16 كيلومترا تديرها الأمم المتحدة على طول الحدود.

وأبلغ الصوارمي الوكالة السودانية أمس بأنه لا يوجد تهديد لأمن الجنوبيين، وأن القوات المسلحة السودانية يمكنها التصدي لأي حوادث أمنية. وأضاف أن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في البلاد لديها بالفعل مهمة يتعين النهوض بها، ألا وهي مراقبة تطبيق اتفاق سلام 2005. وللأمم المتحدة بالفعل 10 آلاف فرد من قوات حفظ السلام في السودان بخلاف أفراد بعثتها المشتركة مع الاتحاد الأفريقي في دارفور يتمركز أغلبهم في الجنوب ومناطق القتال السابقة في الحرب الأهلية.

من جهة ثانية، شدد الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم على أن «الحركة الشعبية لن تعود إلى الحرب بسبب قطرات من الزيت أو النفط»، في تصريحات أدلى بها إلى صحيفتي «الشرق الأوسط» و«أجراس الحرية» السودانية، القريبة من الحركة الشعبية. وقال أموم، في تلميح لتهدئة المخاوف الشمالية إن حركته تعتزم التعامل بالعملة السودانية الحالية «الجنيه»، ولا تخطط لإنشاء خط أنابيب لتصدير النفط، يكون بديلا للخط الذي يمر بالشمال، ما يعني استمرار التصدير عبر الشمال في حال انفصال الجنوب بعد استفتاء تقرير المصير.

وقال أموم: «لن نعود إلى الحرب بسبب قطرات من الزيت أو النفط». ودعا المؤتمر الوطني لـ«عدم جعل النفط سببا لهدم عملية السلام». وكشف أموم، وهو وزير السلام في حكومة الجنوب، عن أن حكومته لا تخطط لإنشاء خط أنابيب لتصدير النفط عبر دولة أفريقية مجاورة، في إشارة إلى كينيا، التي أشارت تقارير إلى وجود دراسات لإنشاء خط أنابيب إلى ميناء ممبسا. وأضاف، في لغة هادئة: «الاستفتاء ليس لخلق الكراهية بين الشماليين والجنوبيين، وستكون هناك علاقات اقتصادية بين الشمال والجنوب إذا اختار الجنوبيون الاستقلال».

إلى ذلك، تقدمت مفوضية استفتاء جنوب السودان بمذكرة لمؤسسة الرئاسة السودانية شكت فيها من ضيق الزمن المتبقي لإجراء عملية الاستفتاء.. وينص اتفاق السلام الشامل على إجراء الاستحقاق في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأقرت المفوضية بأنها تواجه عقبة ضيق الزمن لإجراء الاستفتاء في 9 يناير المقبل، ووصفت الفترة التي حددها القانون بـ3 أشهر، بين إعلان بدء التسجيل وفتح التصويت، بأنها غير كافية، مقارنة بالفترة المتبقية لقيام الاستفتاء.

وقال الناطق باسم المفوضية، السفير جمال محمد إبراهيم: «إن التشاور جارٍ لوضع اللمسات الأخيرة للجدول الزمني للعملية». وأضاف: «المفوضية الآن تواجه عقبة ضيق الزمن». وأشار جمال للصحافيين أمس إلى أن المفوضية تدرس الآن مسألة ضيق الوقت. ووصف جمال الفترة المتبقية بغير الكافية.

في السياق ذاته، أبدت اللجنة الدولية لمراقبة استفتاء جنوب السودان، أمس، قلقها مما سمته عدم التقدم في العمليات المتعلقة باستفتاء الجنوب وضيق الوقت وقلة الموارد المالية المخصصة للعملية، وقال رئيس اللجنة الدولية بنيامين مكابا، في مؤتمر صحافي بالخرطوم: «نحن قلقون لعدم التقدم في جبهات عدة، ومنها عدم تسجيل الناخبين، بينما لم يتبق إلا 84 يوما، وكذلك عدم توافر الموارد المالية لمفوضية الاستفتاء وعدم وضوح الرؤية حول ترتيبات ما بعد الاستفتاء». وأضاف: «لقد لاحظنا أن الأجواء مشحونة بصورة سلبية للغاية، لا بد من تقليل لغة التصعيد وتهيئة الأجواء، ولا بد من ضمان سلامة الجنوبيين وأمنهم في الشمال، والشماليين في الجنوب، بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء». وطالب مكابا المجتمع الدولي بتوفير الدعم اللازم لمفوضية الاستفتاء واللجنة العليا للاستفتاء بالجنوب، وقال: «إن المفوضية واللجنة العليا للاستفتاء لا تمتلكان المال الكافي لتعيين الموظفين، ولا تمتلكان أية وسائل لوجيستية».