الرئيس الفلسطيني: لا أقاطع نتنياهو.. وأريد ضمان عدم ضياع أرضنا لصالح الاستيطان

أبو مازن يتحدث للإسرائيليين بلغة سلام.. ورئيس وزرائهم يحذر من قصف تل أبيب.. ورئيس الأركان يهدد غزة

طلاب فلسطينيون ينتمون لحركة فتح يرددون شعارات مساندة للرئيس الفلسطيني محمود عباس في مظاهرة نظمت أمس في جامعة «النجاح» بنابلس في الضفة الغربية (أ.ب)
TT

توجه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بخطاب سلمي إيجابي للمواطنين الإسرائيليين عبر قناتهم التلفزيونية الرسمية، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رد عليه بالإعراب عن القلق من قصف تل أبيب بالصواريخ الفلسطينية من الضفة الغربية، بينما رد رئيس أركان الجيش الجديد، يوآف غالانت، بتهديد «لإكمال مهمة الجيش التي لم تكتمل في الحرب الأخيرة على غزة».

وقال غالانت: إن الحرب العدوانية على قطاع غزة، التي قادها بشكل شخصي بوصفه قائدا للواء الجنوبي في الجيش، حققت ردعا واضحا؛ حيث إن حركة حماس باتت حذرة جدا اليوم، ولا تسارع إلى قصف البلدات الإسرائيلية بالصواريخ بفضل تلك الحرب، ولكن هذه المهمة لم تكتمل. وقال غالانت، الذي كان يتحدث خلال لقاء مع القيادات الميدانية العسكرية والمدنية في الجنوب إنه لا يرتاح ما دامت هناك قدرات لدى حماس وبقية التنظيمات على قصف إسرائيل.

من جهة ثانية، تكلم نتنياهو بروح حربية أمام رفاقه في قيادة حزب الليكود، صباح أمس.. فبعد ساعات من ظهور الرئيس الفلسطيني في التلفزيون الإسرائيلي مطالبا بصنع السلام بين الشعبين لمصلحة الأجيال المقبلة، ألقى نتنياهو خطابا خصصه لما سماه «أهمية موضوع الأمن في اتفاقيات السلام المقبلة»، فشكا من أن هناك خطرا بأن تتحول الضفة الغربية إلى قاعدة لإطلاق الصواريخ على تل أبيب والمناطق المحيطة بها. وقال إن الطائرات الإسرائيلية لا تستطيع اليوم التحليق فوق قطاع غزة بسبب وجود صواريخ مضادة للطائرات بحوزة حماس وإنه لا يريد أن يحصل أمر مشابه في الضفة الغربية. وكان الرئيس عباس قد تكلم في مقابلة صحافية، الليلة قبل الماضية، موجهة للجمهور الإسرائيلي، فقال: إن هناك فرصة حقيقية لتحقيق السلام، وينبغي عدم إضاعتها. وأكد أن تجميد البناء الاستيطاني ليس شرطا مسبقا تضعه منظمة التحرير الفلسطينية، بل هو أحد الالتزامات التي تعهدت بها إسرائيل في «خريطة الطريق» (التي قبلها الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني سنة 2003 عندما كان الليكود في الحكم)، والتي قال الرئيس الأميركي السابق جورج بوش إنه لا يؤيد المطلب الفلسطيني فحسب، بل أقام جهازا أميركيا خاصا لمراقبة البناء الاستيطاني حتى يمنع هذا البناء. واليوم يطرح مطلب تجميد البناء الاستيطاني العالم كله، ولا يعقل أن يتخلف الفلسطينيون عن الركب فيتنازلوا عن تجميد البناء. وقال: «أريد أن أفاوض على قيام دولة فلسطينية تقوم على أرض فلسطينية. والاستيطان يتم على حساب هذه الأرض، فهل نتفق على دولة ونجد أنفسنا بلا أرض تقوم عليها؟!». وكشف عن أنه قال لنتنياهو هذا الكلام، فأجابه بأن تجميد البناء الاستيطاني سيتسبب في إسقاط حكومته «فأجبته: إن السلام أثمن من الحكومة. مستقبل أولادنا وأولادكم أهم من الحكومة. والحكومة عندك لن تسقط، فأنت تتمتع بأكثرية، وإذا انسحب حزب أو حزبان تستطيع تعويضهما من أحزاب المعارضة». وفسر أبو مازن للجمهور الإسرائيلي موقفه الرافض للاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، فقال: «خلال سنوات طويلة من المفاوضات مع إسرائيل شهدنا نهجا لافتا للنظر ويضع علامات استفهام؛ ففي سنة 1974 قالوا لنا أنتم لا تعترفون بقراري مجلس الأمن 242 و338 وهذا يصعب الاعتراف بكم، فرفضنا، ولكننا اعترفنا بهما في سنة 1988 في المجلس الوطني الفلسطيني، ولم يوافقوا على مفاوضتنا.. وفي أوسلو اعترفنا بإسرائيل مقابل الاعتراف بمنظمة التحرير فراحوا يطالبون بإلغاء بنود في الميثاق الوطني الفلسطيني تدعو لإبادة إسرائيل، فألغيناها سنة 1996، وفي السنة التالية جاءنا نتنياهو نفسه (في دورة حكمه الأولى)، وطلب أن نلغي البنود مرة أخرى بصورة أكثر وضوحا ففعلنا.. وهكذا، كل مرة يأتوننا بمطلب جديد، وهذه المرة مطلب الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، نحن اعترفنا بإسرائيل، ومن جهتنا هذا الأمر محسوم، لا نرى ضرورة لأي اعتراف آخر، فهذه مجرد حجة يتذرعون بها للتهرب من مستلزمات السلام».

ونفى أبو مازن أن يكون مقاطعا لنتنياهو، وقال إنه مستعد للقائه في كل وقت، ولكن من أجل المفاوضات المباشرة معه حول السلام، يحتاج إلى قرار بوقف تهويد الأرض الفلسطينية. وقال إنه اجتمع مع نتنياهو نحو 25 ساعة، منها 21 بأربع عيون و4 ساعات بحضور وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، والمبعوث الرئاسي جورج ميتشل.. وخلالها جرى حوار بينهما حول كل قضايا التسوية النهائية وحول الماضي والحاضر، ولكنه اعتذر عن عدم الإدلاء بتفاصيل «لأننا اتفقنا معا على إبقاء مضمون هذا الحوار سريا». ووافق فقط على الكشف عن جملة واحدة من هذا الحوار: «قلت له: نحن أمام فرصة تاريخية فإذا لم تستغلوها ستضيع».

أما نتنياهو، فرد على أقوال أبو مازن بالقول إنه شاهد المقابلة ويفضل الرد عليها وجها لوجه، لكنه أضاف أنه يرى أن مطلب تجميد البناء الاستيطاني هو شرط مصطنع؛ لأن الفلسطينيين لم يطلبوه في الماضي.