إلغاء اجتماع المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية اليوم بسبب خلافات على «دمشق»

فتح طلبت نقله إلى أي مكان آخر.. وحماس تمسكت بسورية.. والقاهرة رفضت استقبالهما إلا للتوقيع

صورة ضوئية للخبر الذي انفردت به («الشرق الاوسط») حول تفاصيل المشادة بين الرئيسين عباس والأسد في سرت، وذكرت فيه أن ذلك دفع إلى التفكير في نقل مكان لقاء المصالحة من دمشق إلى بيروت
TT

ألغي الاجتماع الذي كان مقررا اليوم بين حركتي فتح وحماس في دمشق، لنقاش الملف الأمني العالق ضمن ملف المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، بسبب خلاف بين الطرفين على مكان عقد اللقاء، إذ رفضت فتح عقده في دمشق كما طلبت حماس، بينما رفضت هذه الأخيرة نقله إلى أي عاصمة أخرى كما طلبت فتح. وأعلنت حماس رسميا أمس، إلغاء الاجتماع، وقالت في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن الاتصالات ستتواصل مع حركة فتح للاتفاق على موعد بديل للقاء المشترك بين الحركتين.

وأوضحت الحركة أنه «في ضوء اعتذار الإخوة في حركة فتح عن حضور اللقاء المشترك مع حركة حماس المقرّر عقده في دمشق يوم الأربعاء 20 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي لاستكمال ما تم التوصل إليه في اللقاء السابق حول المصالحة.. فإنه ستجري اتصالات بين الحركتين للاتفاق على موعد بديل لاحقا».

وكانت فتح طلبت تغيير مكان اللقاء، وليس موعده، في اتصال هاتفي قبل أيام أجراه رئيس وفد فتح للمصالحة، وعضو اللجنة المركزية للحركة، عزام الأحمد، بنائب رئيس المكتب السياسي لحماس، موسى أبو مرزوق، الذي طلب مهلة للتشاور مع قادة الحركة، قبل أن تعلن حماس أمس رفضها طلب فتح.

يذكر أنه في مرات سابقة اجتمعت فتح مع حماس في دمشق أكثر من مرة، آخرها الشهر الماضي، وتوصلا في هذا اللقاء إلى حلول متفق عليها في ملفي الانتخابات ومنظمة التحرير، لكنها (فتح) امتنعت هذه المرة عن عقد اللقاء في العاصمة السورية، بسبب توتر العلاقة بين الرئيسين الفلسطيني محمود عباس والسوري بشار الأسد، بعد مشادة كلامية في قمة سرت تبادل فيها الرئيسان اتهامات بشأن المقاومة والمفاوضات.

وكان الأسد انتقد عباس، وطالبه بوقف المفاوضات التي أثبتت أنها غير مجدية والتركيز على المقاومة، فرد عباس بأنه وفتح من اخترعوا المقاومة، وأن على الأسد إذا أرد المقاومة أن يعلن الحرب بدل أن يقاوم بالفلسطينيين وحسب.

وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت يوم السبت الماضي تفاصيل المشادة بين الرئيسين عباس والأسد في سرت، وذكرت أن ما حدث في سرت دفع إلى التفكير في نقل مكان لقاء المصالحة من دمشق إلى بيروت.

وقال مصدر في فتح لـ«الشرق الأوسط»، إن فتح فوجئت بإعلان حماس إلغاء الاجتماع بينما كانت تنتظر ردا رسميا من حماس على اقتراح عقد الاجتماع في أي عاصمة أخرى. وقال فيصل أبو شهلا، القيادي وعضو المجلس الثوري لفتح، لـ«الشرق الأوسط»: «اقترحنا عليهم أي مكان يختارونه هم، قلنا لهم في اليمن أو في بيروت وحتى في تركيا، وأوضحنا لهم السبب».

وأضاف «اللغة التي تحدث بها الرئيس السوري في سرت لم تكن مريحة، هناك امتعاض فلسطيني كبير من الكلام الذي تحدث به الرئيس الأسد، ولهذا طلبنا عقد اللقاء في أي مكان غير دمشق».

وتساءل أبو شهلا «نحن أوضحنا سبب عدم عقد اللقاء في دمشق، أما هم لماذا تمسكوا بدمشق؟، أعتقد أن تغيير المكان لم يكن سببا لإلغاء اللقاء». وأكد أبو شهلا أن أي اتفاق أصلا لم يتم على تحديد دمشق مكانا للقاء. وقال: «اللقاء الأول في دمشق تم بمحض الصدفة خلال اجتماع البرلمان العربي، وكان يمكن أن يكون في أي مكان آخر، المهم هو الاتفاق وليس المكان».

ونفى أبو شهلا أن تكون حركته رفضت عقد هذا اللقاء في غزة، كما أشار إلى ذلك القيادي في حماس صلاح البردويل، الذي قال «إن فتح رفضت عقد اللقاء في مدينة غزة».

وعقب أبو شهلا بالقول: «هذا غير صحيح أبدا، لم يكن البردويل موفقا في تصريحه ولا أساس لكلامه». وأضاف «قياديو حماس الذين يخوضون الحوار يعيشون في الخارج، ولا يستطيعون أصلا دخول غزة، والحوار الحالي يتم مع مسؤولين محددين في الخارج، والحديث لا يدور عن حوار مع أي كان أو أي أشخاص لمجرد القول إن هناك حوارا وحسب».

أما الأحمد فاعتبر في حديث للإذاعة الفلسطينية الرسمية، أن على حماس أن تتفهم طلب فتح بنقل مكان الاجتماع من دمشق بسبب الأجواء السلبية التي سادت قمة سرت، والنقاش الذي جرى بين الرئيسين الأسد وعباس.

وأكد الأحمد على أهمية تجاوز الأمر باعتبار أن مكان الاجتماع ليس محل الخلاف. وأكدت مصادر فلسطينية مختلفة لـ«الشرق الأوسط» أن مصر رفضت استضافة اللقاءات الحالية بين فتح وحماس باعتبار أنها قدمت ما عليها، ولكنها ستنتظرهما (فتح وحماس) متفقتين من أجل توقيع الورقة المصرية في الاحتفال النهائي في القاهرة.

وتعتبر حماس الملف الأمني المتبقي، أكثر الملفات تعقيدا وأهمها، وكان رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية، أكد في وقت سابق أن الملف الأمني هو المفتاح للوصول إلى مصالحة.

وتنتظر الحركتان تفاصيل مهمة لها علاقة بدور حماس في الضفة الغربية، وأوضح الأحمد أن الاجتماع القادم من المفترض أنه سيركز على تبادل وجهات النظر فيما يخص قضية الأمن وليس حسمه بشكل نهائي، لأن موضوع الأمن سبق أن تم نقاشه بالتفصيل في الحوار الشامل والحوار الثنائي وهناك كثير من النقاط سبق أن تم الاتفاق عليها. وتحاول حركتا فتح وحماس الوصول إلى تفاهمات داخلية تؤخذ بالحسبان عند تطبيق الاتفاق الذي توصل له الطرفان سابقا برعاية مصرية، وتكون ملزمة لكافة الأطراف، لكنها ليست بديلا عن الورقة المصرية. وقال الأحمد إن حركته لن تخضع للضغوط الإسرائيلية الساعية لإفشال جهود المصالحة الفلسطينية، وإنها تصر على ضرورة إنجازها لإنهاء الانقسام الداخلي وتوحيد الجبهة الفلسطينية الداخلية.

إلى ذلك، حذرت فصائل تحالف القوى الفلسطينية (8 فصائل بينها حركتا حماس والجهاد الإسلامي) من مواقف وتصريحات مسؤولي السلطة الفلسطينية، واعتبرت تصريحات الرئيس محمود عباس، التي «أبدى فيها استعداده للتنازل عن الحقوق والثوابت التاريخية»، بأنها تصريحات ومواقف «خطيرة»، وطالبت الفصائل في بيان لها صدر أمس الثلاثاء حركة فتح «بتحديد موقفها الواضح من التصريحات التي أطلقها محمود عباس وياسر عبد ربه»، وشجبت الفصائل «بشدة التصريحات والمواقف التي أدلى بها الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته محمود عباس، التي أبدى استعداده فيها بالتنازل عن الحقوق والثوابت التاريخية».

واعتبرت أن هذه المواقف «تأتي في سياق سياسات قيادة السلطة في رام الله التي تمهد لتقديم التنازلات وإبداء حسن النيات للعدو الصهيوني، والتي سبقتها تصريحات ياسر عبد ربه حول الاستعداد للاعتراف بيهودية الدولة الصهيونية».