مصر: جدل سياسي بعد تأكيد قيادي بالحزب الحاكم ترشح مبارك في الانتخابات الرئاسية القادمة

معارضون رأوا أنه أمر متوقع.. وآخرون طالبوا بانتخابات تجمع الرئيس ونجله

TT

أثارت تصريحات لقيادي بارز في الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) بمصر، قطع فيها بأن مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل 2011 هو الرئيس حسني مبارك، حالة من الجدل السياسي. فبينما قال معارضون إن الأمر ينهي صراعا داخل أروقة الحزب بين الحرس القديم والجديد، اعتبر آخرون أن ما أُعلن كان متوقعا، لأنه لا يوجد بديل لمبارك، ورأى فريق ثالث أن مبارك هو الأفضل لمصر في المرحلة الراهنة.

وكان علي الدين هلال، القيادي البارز أمين الإعلام بالحزب، وهو وزير سابق، قد قطع بشكل جازم في تصريحات له أمس بأن «مرشح الحزب في انتخابات الرئاسة المقبلة سيكون اسمه محمد حسني مبارك». وحين سُئل عن استمرار ربط قادة الحزب هذا الاختيار دائما بتعبير «إلا إذا قرر الرئيس مبارك غير ذلك»، وما إذا كانت «إلا إذا» قد انتهت فعليا الآن، قال أمين الإعلام «مرشح الحزب الوطني في انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) القادم هو الرئيس محمد حسنى مبارك».

من جانبه، قال مجدي الكردي، مؤسس الائتلاف الشعبي لدعم ترشيح جمال مبارك للرئاسة «الدكتور علي الدين هلال من حقه أن يطلق ما يشاء من تصريحات، والحزب له الحق في أن يرشح من يشاء لانتخابات الرئاسة، ونحن كائتلاف شعبي لنا الحق أيضا في ترشيح من نشاء.. هذه هي قمة الديمقراطية».

وأضاف الكردي لـ«الشرق الأوسط»: «إذا ترشح جمال مبارك منافسا لوالده في انتخابات رئاسية حرة ستكون هذه الديمقراطية التي ننشدها، وسنكون محط أنظار العالم. لأن السياسة لا تعرف العواطف»، مشيرا إلى أن حملته جمعت حتى الآن 600 ألف توقيع على بيان دعم جمال مبارك.

وأضاف «وقت أن نصل إلى الرقم 5 ملايين توقيع سنطالب السيد جمال مبارك بالترشح للانتخابات أيا كان منافسه»، متوقعا أن يصل عدد التوقيعات إلى الرقم مليون خلال الشهر المقبل.

وقال «نحن نعتمد على إمكانياتنا الذاتية في الائتلاف، ولا يوجد رجال أعمال يدعموننا، لكننا نأخذ دعمنا من فقراء هذا الشعب الذين أصبح جمال مبارك هو حلمهم».

من جانبه، اعتبر الدكتور عصام العريان، عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين والمتحدث الرسمي باسم الجماعة، أن ترشيح الرئيس مبارك في الانتخابات الرئاسية المقبلة أمر متوقع، مشيرا إلى أن الرئيس مبارك قال في خطاب رسمي أمام البرلمان إنه سيظل في منصبه حتى «آخر نفس».

وقال العريان لـ«الشرق الأوسط»: «الفترة الماضية شهدت نشاطا ملحوظا للرئيس مبارك للتدليل على أنه بحالة صحية جيدة»، مضيفا أن الحزب الحاكم شهد الفترة الماضية صراعا محموما لدفع «جمال» النجل الأصغر للرئيس مبارك للترشح في الانتخابات الرئاسية.. «لذلك أرى أنه صراع داخل أروقة الحزب ليس للرأي العام دور فيه».

واعتبر العريان أن توقيت إعلان تلك التصريحات له علاقة بالانتخابات البرلمانية المصرية المقرر إجراؤها يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وقال «قطعا الإعلان في هذا التوقيت أمر مقصود، أولا لدعم مرشحي الحزب في الانتخابات المقبلة، وثانيا أتوقع أن هذا الإعلان سيخلق تغييرا في المجمعات الانتخابية داخل الحزب الوطني، وسيسفر عن اختيارات جديدة ستكون لصالح مرشحي من يسمون بالحرس القديم في الحزب».

ومن جهته، قال أحمد عبد الحفيظ، الأمين العام المساعد للحزب الناصري، إن ترشيح الرئيس مبارك أمر طبيعي ومتوقع، وقال «إن النظام المصري لم تعد لديه أي قدرة على التجديد بعد 30 عاما من حكم الرئيس المصري، وليست لديه أي رؤية محتملة لتقبل فكرة رئيس جديد ورئيس سابق».

وقال «إن جميع القوى السياسية تقبل بترشيح الرئيس مبارك، لأنه لا يوجد أحد في مصر له علاقة بانتخابات الرئاسة إلا مؤسسة الرئاسة نفسها»، معتبرا أن الحديث عن مشروع توريث الحكم من الرئيس مبارك لنجله هو «كلام فارغ»، مضيفا «لو كان مبارك يريد أن يورث الحكم لنجله، كان أتم موضوع التوريث منذ عام 1999 (بداية ظهور جمال مبارك على ساحة الحياة العامة)».

فيما أشار ياسر حسان، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد المعارض، إلى أن إعلان ترشيح الرئيس مبارك سيمنح الأحزاب السياسية وقوى المعارضة في مصر ثقة كبيرة للترشح في انتخابات الرئاسة المقبلة. واعتبر حسان أن «الرئيس مبارك هو الأفضل لمصر في المرحلة الراهنة، وإعلان الوطني ترشيحه سوف يجعل الأوضاع مستقرة داخل مصر وخارجها، لأنه مرشح معروف ومعلوم للجميع داخل وخارج مصر»، معتبرا أن الحملة التي كانت قد ظهرت لدعم جمال مبارك لم تعد لها أي قيمة الآن بعد إعلان والده الترشيح لفترة ولاية جديدة.

من جانبه، اعتبر جورج إسحاق، القيادي بالجمعية الوطنية للتغيير التي أسسها الدكتور محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها العام المقبل، أن حسم أمر ترشح الرئيس مبارك في الانتخابات الرئاسية القادمة تم منذ فترة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الرئيس مبارك صرح ذات مرة بأنه سيفتتح عام 2017 مشروع الجامعة اليابانية الذي يجري إنشاؤه حاليا».

وأضاف إسحاق «لا توجد أي دلائل على أن هناك مرشحا آخر عن الحزب الوطني في الانتخابات الرئاسية غير الرئيس مبارك الذي أكد أكثر من مرة أنه سيستمر في موقعه حتى آخر نفس».