الفلسطينيون يسعون إلى كسب تأييد دولي لإعلان الدولة

عشراوي: إذا لم نتمكن من وقف الاستيطان عبر المفاوضات فسنضطر للذهاب إلى كل الهيئات الدولية

TT

تركز القيادة الفلسطينية، الموشكة على اليأس من التوصل إلى اتفاق تفاوضي مع إسرائيل بشأن حل الدولتين، بشكل كبير، على كيفية دفع المؤسسات والمحاكم الدولية إلى إعلان دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية.

وتتلخص الفكرة، التي تمت مناقشتها في المنتديات الرسمية وغير الرسمية عبر الضفة الغربية، في مناشدة الأمم المتحدة، ومحكمة العدل الدولية، والموقعين على معاهدات جنيف لمعارضة الاستيطان والاحتلال الإسرائيلي، للوصول في النهاية إلى نوع من التأكيد العالمي للدولة الفلسطينية التي ستكبل أيدي إسرائيل.

ولقيت هذه الخطة تأييدا واسعا نتيجة لتوقف محادثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة بسبب استمرار بناء المستوطنات.

وتقول حنان عشراوي، مفاوضة السلام السابقة، التي كانت جزءا من الدائرة الداخلية الحاكمة في منظمة التحرير الفلسطينية: «حل الدولتين يتبدد، وما لم نتمكن من وقف الاستيطان عبر مفاوضات السلام، سنضطر إلى الذهاب إلى مجلس الأمن، ومجلس حقوق الإنسان، وكل الهيئات الدولية».

وقالت عشراوي في مقابلة إن منظمة التحرير الفلسطينية تجري مفاوضات رفيعة المستوى بشأن هذه الخيارات هذا الأسبوع.

من جانبهم، يرفض المسؤولون الإسرائيليون هذه الخطوة ويصفونها بأنها غير مقبولة، وانتهاك لاتفاقات أوسلو الحاكمة للعلاقات الإسرائيلية - الفلسطينية، كما أنها ستعوق أي جهود تقوم بها إسرائيل للحفاظ على بعض المستوطنات والتفاوض حول حدود معدلة. لكن الإسرائيليين قلقون، فلم تدعم أي حكومة في العالم سياستهم الاستيطانية، ويخشون من دعم أغلب دول العالم، ومن بينها دول أوروبا، للفلسطينيين.

ويرى الإسرائيليون أن ما يحدث بالفعل هو محاولة فلسطينية للحصول على الدولة دون الحاجة إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن الحدود والمستوطنات التي ستتضمنها المفاوضات. وهو ما دفع الإسرائيليين إلى محاولة التأثير على إدارة الرئيس باراك أوباما لاتخاذ موقف علني أكثر صلابة ضد الاستراتيجية الفلسطينية الجديدة، لكن واشنطن لم تظهر أي نيات للقيام بذلك.

وقال مسؤول إسرائيلي بارز، طلب عدم الكشف عن اسمه: «يعتقد كثير من أفراد المجتمع الدولي أن منح الفلسطينيين المزيد من الدعم بصفتهم الجانب الأضعف، سيساعدهم ذلك في المفاوضات معنا، لكن ذلك لن يأتي إلا بنتائج عكسية لأنه سيقتل أي تسوية قائمة على التفاوض».

ويرى إبراهام فوكسمان، المدير الإقليمي الأميركي لرابطة مكافحة التشهير، الذي كان في إسرائيل، وتحدث إلى قادتها، أنهم يتفقون جميعا على ضرورة اتخاذ الولايات المتحدة موقفا حاسما إزاء المسعى الفلسطيني.

وقال: «هذا جزء من حملة نفي الشرعية الموجهة إلى إسرائيل، ومن ثم ينبغي على إدارة أوباما اتخاذ موقف علني حيال المسعى الفلسطيني مماثل لموقفها إزاء المستوطنات الإسرائيلية. يجب إغلاق جميع المنافذ أمام الفلسطينيين حتى لا يكون أمامهم خيار سوى التفاوض».

بدأ الفلسطينيون والإسرائيليون المفاوضات المباشرة أوائل شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، لكن تجميد بناء المستوطنات في الضفة الغربية انتهى قبل أربعة أسابيع، وهو ما دفع السلطة الفلسطينية إلى القول إنها لن تعود إلى طاولة المفاوضات ما لم يتم تمديد التجميد.

وكانت جامعة الدول العربية التي يعتبر دعمها شرطا أساسيا قد وافقت في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي على منح الأميركيين والإسرائيليين شهرا للتوصل إلى صيغة لوقف عملية بناء المستوطنات.

من جانبها، تناشد الولايات المتحدة الفلسطينيين عدم التخلي عن الأمل، حيث قالت وزيرة الخارجية الأميركية في حديث لها أمام حشد من الفلسطينيين في واشنطن يوم الأربعاء الماضي، إن الولايات المتحدة تعمل جاهدة لإعادة بدء عملية السلام مجددا، وإن المبعوث الخاص للإدارة، جورج ميتشل، سيعود إلى المنطقة في القريب العاجل.

أما الإسرائيليون فيرون أن بناء المستوطنات يجب أن يكون جزءا من جملة قضايا في المحادثات وليس شرطا مسبقا، بيد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يسعى لتطبيق وقف ثان لعمليات البناء في مقابل ضمانات أميركية.

وما يدور النقاش حوله في الوقت الراهن هو الحصول على وعد أميركي بمعارضة أي إعلان خارجي للدولة الفلسطينية. وغالبا ما يشار إلى الاستراتيجية الفلسطينية على أنها إعلان أحادي للدولة، لكنهم أعلنوا دولتهم قبل 20 عاما، وأدركوا أن مجرد الإعلان عنها سيكون له تأثير طفيف. وبدلا من ذلك، فإنهم سيسعون للحصول على ما يمكن أن يسمى إعلانا متعدد الأطراف.

ويقول حنا عميرة، عضو منظمة التحرير الفلسطينية، في مقابلة بمكتبه في رام الله: «نحن لا نملك أوراقا تفاوضية قوية، لكننا نرغب في إقناع العالم باتخاذ موقف والحصول على اعتراف بالدولة الفلسطينية، فنحن نشعر أننا في حاجة إلى تجاوز الولايات المتحدة إلى العالم».

من بين المساعي الفلسطينية الأخرى، اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ففي يوم الأربعاء استمع المدعي العام في المحكمة إلى شهادات ثمانية أفراد - أربعة من كل جانب - حول إمكانية الاعتراف بالسلطة الفلسطينية من قبل المحكمة في اتهاماتها الموجهة ضد الانتهاكات الإسرائيلية في حرب غزة، أواخر 2008 وأوائل 2009، حيث تنص بنود المحكمة على السماح للدول فقط برفع القضايا أمام المحكمة.

وكررت مؤسسة «الحق»، وهي جماعة حقوقية فلسطينية، استدلالها بضرورة اعتبار فلسطين دولة، لأنها تتمتع بعلاقات دولية وتحاكم مواطنيها وفق نظامها القضائي، ولأن النظام القضائي الدولي يحمل مسؤولية خاصة تجاه الفلسطينيين.

* خدمة «نيويورك تايمز»