السنيورة يقيّم تجربته في «الحكومة المقيدة»: مماحكات وزارية ماراثونية ومبادلة بين الصبر والعض على الجراح

مصادره لـ «الشرق الأوسط»: ثلث حزب الله المعطل عرقل قراراتها

TT

على غرار العادة التي دأب عليها بعد انتهاء الفترات الحكومية التي تولى رئاستها منذ يوليو (تموز) 2005، أصدر رئيس الحكومة اللبنانية السابق فؤاد السنيورة أمس تقريرا - كتابا عن أعمال الحكومة التي ترأسها بعد اتفاق الدوحة، والتي عملت بين يوليو 2008 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2009، تحت عنوان: «الحكومة المقيدة». يأتي صدور هذا التقرير - الكتاب بعد ثلاثة إصدارات مماثلة حملت عناوين: «سنة على حكومة الإصلاح والنهوض» (يوليو 2005 - يونيو «حزيران» 2006)، «السنة الثانية على حكومة الاستقلال الثاني» (يوليو 2006 - أغسطس «آب» 2007)، «ثلاث سنوات من أجل الجمهورية»، (يوليو 2005 - يوليو 2008). ووفق البيان الصادر عن المكتب الإعلامي للرئيس السنيورة فإن هذه الإصدارات، التي وثّقت للأعمال التي قامت بها الحكومتان الأولى والثانية، تشكل «مرجعا للباحثين والمهتمين بمتابعة الوقائع والحقائق، بعيدا من المزايدات الإعلامية والحملات السياسية».

يحتوي الكتاب على «ثلاثة فصول و13 ملحقا، ويقع في 385 صفحة، ويتضمن جداول وأرقاما وتقارير عن الخطوات التي تم إنجازها، والتي كان معدا لها، والعراقيل التي وقفت في وجهها».

وترفض مصادر الرئيس السنيورة ربط صدور الكتاب بـ«الواقع السياسي القائم»، لافتا إلى أنه تقرير عما تم إنجازه وما لم ينجز. وأوضحت في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن «اسم الإصدار يعكس بكل بساطة تجربة الحكم في تلك الفترة، لأن الحكومة تشكلت بعد الدوحة ولم تتمكن بفضل الثلث المعطل الذي اشترطه حزب الله، على الرغم من أنه لم يملك الأكثرية النيابية، من أخذ قراراتها حسب نص الدستور». وشددت على أن «هذا الشرط جعلها مقيدة لناحية أنها لا تستطيع أخذ قراراتها».

وذكرت هذه المصادر أنها «ليست المرة الأولى التي يصدر فيها الرئيس السنيورة كتابا بعد انتهاء ولايته الحكومية»، مشيرة إلى أن «هذا الكتاب يكمّل الكتب الأخرى الصادرة سابقا».

في مقدمة كتابه أعاد الرئيس السنيورة التذكير بالظروف التي أدت إلى إنشاء هذه الحكومة بعد ظروف عصيبة شهدها لبنان، فأشار إلى أنه «ليس سرا أن الثلث المعطل في حكومة الوحدة الوطنية، أو حكومة الإرادة الجامعة، جاء نتيجة اتفاق الدوحة، وبهدف تجاوز الانعكاسات والآثار المؤسفة لأحداث السابع من مايو (أيار) التي شهدتها العاصمة بيروت وبعض المناطق اللبنانية». وجدد الإشارة إلى «شبه الإجماع على أن هذا الاتفاق هو عبارة عن اتفاق مرحلي، لفترة محددة وعابرة، اقتضتها ضرورات تجاوُز ما حصل في بيروت وصيدا وبعض المناطق، باعتبار ذلك فترة انتقالية تعود بعدها الأمور إلى طبيعتها على مختلف المستويات». ولفت إلى أن «الحكومة أتت لكي ترعى هذا الانتقال، من حال إلى آخر، خصوصا وأن المدة التي كانت متبقية من عمر ولاية مجلس النواب لم تكن تسمح لأية حكومة بأكثر من خطوات وإجراءات انتقالية».

وبرر الرئيس السنيورة ما لحق بحكومته من اتهامات حول عدم تحقيقها الكثير من الإنجازات بالإشارة إلى أن «هدف الحكومة كان الحفاظ على حالة الاستقرار بغض النظر عن النتائج وسرعة الإنجاز»، مسلطا الضوء على ما «شهدته البلاد عبر هذه الحكومة، وبسبب وجود الثلث المعطل بيد قوى تحالف (8 آذار)، من تجربة حكومية فريدة تمثلت في طول اجتماعات مجلس الوزراء، التي لم تتمكن نسبة إلى الوقت المصروف من الخروج بما كان مطلوبا من قرارات». وأضاف: «الحكومة وطوال فترة عشرة أشهر لم تتمكن من إنجاز أية تعيينات ضرورية وأساسية في المراكز القيادية الشاغرة في الدولة اللبنانية، كما أنها لم تتمكن من إقرار المشاريع التي كان من الممكن إقرارها لو أن الحكومة كانت حكومة طبيعية تعمل حسب نصوص الدستور وبالإنتاجية والفعالية المعتادة لأية حكومة طبيعية».

ولم يغِب الرئيس السنيورة عن الإشارة إلى صعوبة العمل في تلك الفترة، لا سيما أن «أغلب اجتماعات الحكومة تميزت بمماحكات ماراتونية من دون نتائج تحاكي هذا الكم من الجهد والصبر اللذين بُذلا من قبله وقبل رئيسي الجمهورية ميشال سليمان وفؤاد السنيورة».

وكشف بأن «الموقف المضمر للرئيسين كان إجراء المبادلة بين الصبر والعض على الجراح نتيجة هذه الوضعية الاستثنائية للحكومة، بانتظار تمرير هذه المرحلة التي يفترض أن تتلوها مرحلة جديدة بعد إتمام الانتخابات النيابية».