مرجع السنة في إيران: علماؤنا يمنعون من السفر

أكد معلومات «الشرق الأوسط».. ومدعي عام زاهدان يدعو «الزمر الإرهابية» إلى تسليم أنفسهم

نائب الرئيس الايراني محمد رضا رحيمي (يمين) خلال استقباله رئيس الوزراء الأرميني تيجران سركسيان في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

فيما تواصل السلطات الإيرانية حملاتها في مدينة زاهدان بجنوب شرقي إيران, دعا محمد مرزية المدعي العام في المدينة من وصفهم بالعناصر المتبقية من الزمر الإرهابية, في إشارة إلى تنظيم جند الله السني المسلح المناوئ للسلطات الإيرانية, لتسليم أنفسهم للقانون بغية أن تشملهم الرأفة من قبل النظام الإيراني.

وزعم مرزية في تصريحات بثتها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا) أن ملف بعض هؤلاء الأفراد الذين سلموا أنفسهم تم البت فيها بالرأفة وتخفيف الأحكام بحقهم، وأن أوضاع عدد آخر منهم يجرى البت فيها حاليا.

وكشف النقاب عن أن الأجهزة الأمنية والقضائية تراقب بدقة تحركات من سماهم بالعناصر الإرهابية وسيتم التصدي لهم بشدة فيما لو قاموا بارتكاب أعمال مخلة بالأمن, مشيرا إلى اعتقال أربعة أفراد ضالعين في تفجير مسجد زاهدان مؤخرا.

وأضاف: إن ملف هؤلاء الأفراد قيد التحقيق لدى المسؤول القضائي، وبعد اكتمال التحقيق سيرسل الملف إلى المحكمة لإصدار الحكم, موضحا أن هؤلاء اعترفوا بأنهم ارتكبوا الجريمة تحت تأثير إيحاءات أعداء الثورة والإسلام في خارج إيران.

لكن قياديا في تنظيم جند الله قال في المقابل لـ«الشرق الأوسط»: إن تصريحات المسؤول الإيراني تأتي بمثابة محاولة فاشلة للإيحاء بوجود انشقاق داخل كوادر التنظيم الذي يكافح منذ سنوات لنيل حقوق السنة والبلوشستان في إيران.

وأوضح القيادي الذي طلب في رسالة بالبريد الإلكتروني عدم تعريفه، أن أجهزة المخابرات الإيرانية تمارس ما وصفه بحملة ترويع وتخويف واسعة النطاق للحد من أنشطة التنظيم وسط السكان المحليين. وأضاف: «نحن نسخر وبشدة من هذا العرض الذي يعكس فشل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في إيران لمنع استمرار تنظيم جند الله من عملياته النوعية الناجحة».

من جهته وفي تصعيد لافت للانتباه من حدة انتقاداته الموجهة إلى السلطات الإيرانية, اعتبر الشيخ عبد الحميد الزهي، المرجع الديني الأعلى للسنة في إيران, أن سياسات التهميش الجارية ضد علماء السنة والجماعة في إيران تثير الشك والريبة، وطالب ضمنيا المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي بالتدخل لوقف ما يتعرض له السنة من مضايقات وممارسات تعسفية.

وأضاف الشيخ الزهي في الخطبة التي ألقاها أول من أمس: أصبحنا نتساءل: لماذا يجرى تهميش العلماء الذين لا يضمرون في صدورهم إلا النصح والخير للمجتمع ودفعهم إلى العزلة؟

ولفت الزهي في الخطبة التي فرضت السلطات الإيرانية تعتيما إعلاميا عليها ومنعت نشرها, إلى الموقع الاستراتيجي لمحافظة سيستان وبلوشستان ودور علماء هذه المحافظة في القضايا الأمنية, لافتا إلى أن أهل هذه المحافظة كانوا على الدوام من ضحايا هذه الأوضاع الأمنية المتدهورة، وضاعت حقوقهم واضطهدوا مرات كثيرة.

وأضاف في الخطبة التي تلقت «الشرق الأوسط» نصها: «لأجل ذلك رأينا من واجبنا أن نرفع صوتنا ضد هذه المشكلات واستنكرنا معاملة المضيعين لحقوق شعبنا، ومن اضطهدهم، ولم يكن هدفنا أبدا تحقيق أغراض مادية أو اكتساب منافع دنيوية. كما أننا بجانب ذلك استنكرنا العنف وإثارة الطائفية، وقمنا بإدانة مرتكبي الجرائم، ومن أراد الفتنة والطائفية في المنطقة».

وقال الزهي: «لقد جعلنا منافع الشعب والدولة نصب أنظارنا دائما، ولم نبع أنفسنا للحكام أو المسؤولين».

وأضاف: ليس منشأ الآراء والانتقادات التي أطرحها الولاء لأحد، فإنه لا يستطيع أحد أن يشترينا، والجميع يعرفوننا ويعرفون أننا لسنا ممن يبيعون أنفسهم للأجانب. وأشار الشيخ عبد الحميد الذي يشغل أيضا منصب أمام مسجد مدينة زاهدان بجنوب شرقي إيران إلى سياسة التهميش، ودفع علماء السنة إلى العزلة في الآونة الأخيرة, مضيفا: «نشعر مؤخرا مع الأسف أنها تجري سياسة في البلاد لتهميش علماء السنة ودفعهم إلى العزلة، وهي في الواقع سياسة تبعث الشك والريب في النفوس، كما أنها أثارت هذا السؤال فينا: لماذا يجري تهميش علماء السنة؟».

وأضاف: انتقاداتنا من الحكومة ليست عن عداوة، بل تنشأ كلها من النصح والشفقة. نحن من المشفقين والناصحين للراعي وللرعية، وكلما رأينا من الحاجة نعمل بهذا الواجب العظيم، ونعتقد أنه ينبغي ألا تكون الدولة وسيطرة العلماء طائفية.

وتطرق الشيخ الزهي إلى المعلومات التي نشرتها «الشرق الأوسط» مؤخرا حول احتجاز جوازات السفر لبعض علماء السنة في إيران وفرض حظر السفر عليهم من قبل السلطات الإيرانية, وقال: «لقد عومل مع الأسف بعض علمائنا في هذه الأيام معاملة يجب أن نذكر شكوانا منها».

وشرح أن عددا من علماء السنة في الأسبوع الماضي سعوا المشاركة في مؤتمر بتركيا، لكن مع الأسف تمت مصادرة جوازاتهم ولم يستطيعوا السفر والمشاركة في المؤتمر المذكور، معتبرا أن هذه المعاملات مع المواطنين السنة تبعث على القلق.

وشدد على أن المواطن، عالما كان أو غير عالم، إذا أراد السفر إلى خارج البلاد أو أراد المشاركة في مؤتمر، فإنه يجب أن يملك هذه الحرية للسفر. ولا ينبغي سلب الحرية القانونية التي يملكها المواطنون.

وأضاف: أنا شخصيا أفضل طرح المشكلات والانتقادات التي أرى طرحها من الضرورة في هذا المسجد، ونتابع مشكلاتنا وقضيانا في الداخل من طرقها القانونية والمشروعة، ولكن في المؤتمرات التي شاركناها في الخارج سعينا دائما لأن نحافظ على عزة ومكانة بلدنا ونتجنب دائما الحديث عن مشكلاتنا الداخلية.

كما أشار الشيخ الزهي إلى تعرض الشيخ محمد إسلام، أحد أساتذة جامعة دار العلوم في زاهدان للطعن بالسكين من قبل عناصر مجهولة الأسبوع الماضي, وقال: «الحمد لله الشيخ بخير الآن, لقد شهدنا مثل هذه الأحداث في الماضي، ويبدو أن أناسا في مدينتنا يحبون خلق الفوضى وإثارة الفتن، في مثل هذه الظروف. يجب أن يكون جميع الناس واعين يقظين وألا ينتبهوا للإشاعات».

وأضاف «نحن ندين بشدة مثل هذه الأعمال الإجرامية والإفراطية، أيا كانت دوافع مرتكبيها، لأننا نعتقد في التعايش السلمي ونوصي الجميع به».