كرزاي يقر بتلقي دفعات مالية «شفافة» من إيران.. ومصادر أميركية تدعو للتحقيق

طهران تنفي: إنها مزاعم خاطئة.. وحاكم أفغاني سابق يقول إنه عزل لانتقاده إيران

الرئيس الأفغاني حميد كرزاي أثناء مؤتمر صحافي في كابل أمس (إ.ب.أ)
TT

وصفت مصادر أميركية اعتراف الرئيس الأفغاني حميد كرزاي أمس بأن إدارته تلقت «أكياسا من النقود» من الحكومة الإيرانية، وأن ذلك كان «مساعدة من دولة صديقة» بأنه «لغز» لا بد من التحقيق فيه.

ولاحظ مراقبون في واشنطن أن الاعتراف جاء بعدما نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن مدير مكتب كرزاي، تلقى ملايين الدولارات من السفير الإيراني لدى أفغانستان.

وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» كشفت أن أكثر من 3 مليارات دولار خرجت «بطرق غير قانونية» من أفغانستان خلال السنوات القليلة الماضية. وأن جزءا كبيرا منها ذهب إلى دبي ودول خليجية أخرى، بالإضافة إلى بنوك أوروبية. وقالت الصحيفة إن هذه الأموال لم يعلن عنها رسميا، لكنها كانت واضحة عند خروج حامليها عن طريق مطار كابل.

وقال تعليق في صحيفة «واشنطن بوست»: «بعد 9 سنوات من وجودنا في أفغانستان، صار واضحا أن الحكومة الأميركية ساعدت على تأسيس واحدة من أكثر الحكومات فسادا في العالم».

وأضاف التعليق: «إن اعتراف كرزاي وقوله إن هذه أشياء (عادية)، وإن الرئيس السابق بوش الابن كان على علم بها، يدل على أن الحكومة الأميركية كانت، أيضا، تقدم له (أكياسا من النقود)» وأضاف: «إذا لاحظنا أن سفارة إيران في كابل أنكرت تسليم الأموال إلى كرزاي، هل سنتوقع أن تنكر الحكومة الأميركية أنها سلمت أموالا إليه؟».

ولاحظت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن كرزاي لم يقدم معلومات كافية عن طريقة صرف الأموال الإيرانية.

وكان كرزاي قد أقر أمس بأن إدارته تتلقى «أكياسا من المال» من إيران غير أنه أكد أن هذه المدفوعات هي مساعدة رسمية و«شفافة». وقال كرزاي في مؤتمر صحافي إن «الحكومة الإيرانية تساعدنا مرة أو مرتين سنويا وتمنحنا 500 ألف أو 600 ألف أو 700 ألف يورو كل مرة». وأضاف: «إنها مساعدة رسمية. يتلقى (رئيس مكتب الرئاسة أموال الحكومة الإيرانية بناء على أوامري)». وأكد: «كل ذلك يتسم بالشفافية. وصحيح أن المال يصل في أكياس». وتابع كرزاي: «إن دفعات أموال سائلة تصل من العديد من البلدان الصديقة لمساعدة مكتب الرئيس. وهذا أمر كنت تحدثت فيه مع الرئيس (جورج) بوش في كامب ديفيد». وقال «أذكركم بأنه في 2002 كانت العديد من البلدان تدفع أموالا سائلة للأفغان».

من جهتها، وصفت السفارة الإيرانية في كابل أمس ما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» أن رئيس مكتب الرئيس الأفغاني حميد كرزاي يتلقى بانتظام أموالا من إيران التي تسعى لتكريس نفوذها في كابل، بأنه مزاعم «مهينة وسخيفة».

وجاء في بيان أن «سفارة جمهورية إيران الإسلامية تنفي بشدة المزاعم الخاطئة والمهينة والسخيفة لنيويورك تايمز». وأضافت السفارة أن «هذه التخمينات التي لا أساس لها تأتي من وسائل إعلام غربية تسعى إلى زرع البلبلة في الرأي العام وإلى تلطيخ العلاقات القوية القائمة بين الحكومتين والشعبين في الجمهوريتين الإسلاميتين في أفغانستان وإيران».

إلى ذلك، قال محافظ إقليم نيمروز الأفغاني السابق إن كابل وحلفاءها الغربيين يستخفون بتأثير إيران الذي يزعزع استقرار أفغانستان. وقال غلام داستجير أزاد الذي يزعم أنه عزل من منصبه لانتقاده طهران أنه كثيرا ما حقق في هجمات داخل أفغانستان استخدمت فيها أسلحة مقدمة من إيرانيين أو نفذها متشددون دربهم إيرانيون وأنه هو نفسه كان أحيانا هدفا مقصودا لهجمات. وأضاف أن الحكومة وحلفاءها الأجانب يركزون أكثر مما يجب على باكستان جارة أفغانستان في عملية البحث عن الاستقرار ويتجاهلون دور إيران.

وأردف قائلا لـ«رويترز» في مقابلة في شقته في العاصمة الأفغانية كابل: «لا أحد يولي اهتماما كثيرا لإيران مثل باكستان ولكن هذا خطأ.. إيران تلعب لعبتها الخفية لزيادة نفوذها في المناطق الغربية». «إننا في نيمروز نتقاسم نحو 90 كيلومترا من الحدود مع إيران والتي تستغلها إيران بسهولة لكي ترسل بشكل منتظم شحنات ناسفة وأسلحة إلى أفغانستان». وترك أزاد منصبه في الإقليم قبل شهرين. وأبلغ ضابط شرطة من قوات الحدود «رويترز» أنه قبل أسبوعين عثر على 19 طنا من المتفجرات في حاوية قادمة من إيران مخبأة أسفل مواد غذائية. ونصح بألا يتكلم بسوء عن النفوذ الإيراني في المنطقة وطلب منه إلا يكشف عن هويته.

وتقع نيمروز في جنوب غربي أفغانستان ويبلغ عدد سكانها وفقا لتقدير أزاد 400 ألف نسمة فقط لأن كثيرا من أراضيها التي تبلغ مساحتها 40 ألف متر مربع صحراء خالية بما في ذلك ما يعرف بسهل الموتى.

ولكن الإقليم يشترك في الحدود مع إيران إلى الغرب وباكستان إلى الجنوب وهما دولتان يصفهما أزاد بأنهما «جاران مخيفان» ويعدان معبرا منذ فترة طويلة للمهربين. وأضاف أزاد: «ما دمنا لا نعزز حدودنا فإن الأمن سيزداد تدهورا»، مشيرا إلى أشخاص كانوا سينفذون هجمات انتحارية وقال إنهم اعتقلوا واعترفوا للشرطة في نيمروز بأنهم تلقوا التدريب في إيران.

وقال: «لدي أيضا أدلة على أن إيران تسيء استغلال لاجئين أفغان من خلال توفير المأوى والعتاد والتدريب ثم ترسلهم بعد ذلك لتنفيذ هجمات ضد الحكومة وقوات حلف شمال الأطلسي».