مبعوث الولايات المتحدة: عدد متزايد من قادة طالبان يريد التفاوض مع الحكومة الافغانية

600 جندي أجنبي قتلوا في أفغانستان منذ مطلع 2010

TT

أعلن مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى أفغانستان ريتشارد هولبروك أن عددا متزايدا من كبار قادة طالبان يبدون اهتماما بإجراء مفاوضات مع حكومة كابل المدعومة من واشنطن، فيما يتزايد الضغط مع تكثيف الحملة العسكرية التي تشنها قوات حلف شمال الأطلسي على المتمردين. لكن هولبروك المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان وباكستان، حذر من أن الأمر يقتصر حتى الآن على «اتصالات ومباحثات» وليس مفاوضات سلام لإنهاء حرب تدخل عامها العاشر.

وقال هولبروك: «نلاحظ عددا أكبر من مسؤولي طالبان الكبار يقولون (نريد التفاوض)»، مضيفا «نعتقد أن ذلك جاء إلى حد كبير نتيجة الضغوط المتزايدة التي يتعرضون لها من قبل قائد القوات الدولية في أفغانستان، الجنرال ديفيد بترايوس، وقيادة إيساف (القوة الدولية للمساعدة على إرساء الأمن في أفغانستان التابعة للأطلسي)». وتعليقات هولبروك التي جاءت في مقابلة بثتها شبكة «سي إن إن» تعتبر آخر إشارة على أن واشنطن تشجع الرئيس الأفغاني حميد كرزاي على القيام بمبادرات سلام تجاه طالبان، فيما تتطلع لبدء سحب قواتها من هذا البلد السنة المقبلة. وشكل كرزاي مجلسا أعلى للسلام لإجراء حوار مع طالبان ومجموعات متمردة أخرى.

وأشارت «نيويورك تايمز» الأسبوع الماضي إلى أنه عرض على قادة طالبان تأمين مرورهم من قبل قوات الأطلسي من مخابئهم في باكستان، وفي إحدى الحالات تم نقلهم على متن مروحية تابعة لقوات الأطلسي إلى كابل.

واعتبر بعض المعلقين هذا التحول جزءا من استراتيجية «القتال والحوار» التي يعتمدها بترايوس، بعدما أمر بتكثيف هجمات الطائرات من دون طيار على مخابئ قادة طالبان، مستخدما الإعدادات الإضافية للقوات الدولية لإضعاف معاقل المتمردين في الجنوب.

وحذر هولبروك الذي سبق أن خاض مفاوضات لإنهاء حروب في نزاعات أخرى، من عدم توقع تسوية الحرب في أفغانستان، عبر مفاوضات سلام رسمية، كما حصل في فيتنام أو البوسنة.

وقال: «في هذه الحالة الخاصة، وخلافا لهذين النزاعين، فليست هناك جهة واحدة واضحة يمكنك التحاور معها».

وأوضح «في أفغانستان ليس هناك هو شي منه، ولا سلوبودان مليوشيفيتش ولا سلطة فلسطينية. ثمة مجموعة متفرقة من الناس نسميها العدو».

ولائحة المجموعات تشمل طالبان الأفغانية بقيادة الملا محمد عمر والباكستانية وشبكة الحقاني والحزب الإسلامي وعسكر طيبة و«القاعدة». والمجموعة الوحيدة التي استبعد هولبروك إجراء محادثات معها هي شبكة القاعدة.

وأكد أن «فكرة محادثات السلام أو المفاوضات لا تغير شيئا في طريقة تطور الأمور». لكنه أضاف أن الحرب لا يمكن الانتصار بها عسكريا، لافتا إلى «ضرورة وجود عنصر سياسي، ونحن ندرس كل جانب من هذا الأمر».

وكان هولبروك قد حذر في حديثه من دور باكستان في المحادثات، لا سيما بعد التقارير التي أشارت إلى أنها تبقي على اتصالات مع مجموعات من طالبان بهدف الحفاظ على نفوذ لها في أفغانستان بعد رحيل قوات الأطلسي.

وقد قاومت باكستان الضغوط الأميركية للتحرك ضد الناشطين في وزيرستان الشمالية، المنطقة القبلية على حدودها الشمالية الغربية مع أفغانستان، حيث لجأ الكثير من مجموعات الناشطين.

وإلى جانب التهديد الذي تشكله للعمليات الأميركية وعمليات الأطلسي في أفغانستان، فإن مخابئ المتطرفين تستخدم أيضا قاعدة تدريب وتخطيط لهجمات ضد الغرب من قبل مجموعات مثل «القاعدة».

وأضاف هولبروك «لقد بحثنا هذا الأمر مع الباكستانيين، والآن هناك 70 ألفا من قواتهم يعملون على تأمين الإغاثة بعد الفيضانات» الكارثية التي شهدتها البلاد.

وتابع: «لست أدافع عن الجيش الباكستاني أو أهاجمه، إنهم يعرفون وجهات نظرنا بخصوص أهمية هذه المنطقة».

إلى ذلك، وصل عدد الجنود الأجانب الذين قتلوا عام 2010 في أفغانستان إلى عتبة 600 قتيل بعد الإعلان أمس عن مقتل جندي جديد، في أعلى حصيلة تسجل في صفوف قوات الحلف الأطلسي، خلال 9 سنوات من الحرب في هذا البلد.

ويقتل معدل جنديين أجنبيين يوميا في أفغانستان، وفق وتيرة مرتفعة تقارب خسائر أسوأ حقبة من الحرب في العراق في مطلع 2007.

وقتل جندي من القوات الأطلسية في هجوم شنه المتمردون في شرق البلاد، وفق ما أعلنه الحلف من دون أن يحدد جنسيته وظروف وفاته.

وبذلك يرتفع عدد الجنود الأجانب الذين قتلوا في إطار العمليات العسكرية في أفغانستان منذ مطلع العام إلى 600 قتيل، حسب حصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية، استنادا إلى موقع «آي كاجولتيز. أورغ» الإلكتروني المستقل. وبذلك يصل عدد الجنود الأجانب الذين قتلوا في أفغانستان منذ شن العملية العسكرية بقيادة أميركية إلى 2170 قتيلا، وهي التي أطاحت نظام طالبان في نهاية 2001.

ومنذ بدء حركة التمرد عام 2003 في هذا البلد، تسجل أرقام قياسية جديدة كل سنة، مع تسارع واضح في وتيرة سقوط القتلى منذ 2006.

وعلى سبيل المقارنة، قتل 58 جنديا أجنبيا عام 2003، و60 جنديا عام 2004، و131 عام 2005، و191 عام 2006، و232 عام 2007، و295 عام 2008، و521 عام 2009، بحسب الموقع الإلكتروني. ومعظم القتلى في صفوف القوات الدولية منذ 2001 من الجنود الأميركيين (1348 قتيلا) الذين يشكلون أكثر من ثلثي جنود التحالف المنتشرين في أفغانستان، وعددهم نحو 150 ألفا. ومثلما سبق وفعلت في العراق عام2007، أرسلت الولايات المتحدة تعزيزات إلى أفغانستان واعتمدت استراتيجية جديدة للتصدي للمتمردين.

وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) والحلف الأطلسي قد حذرا من أن عدد الجنود الذين يقتلون في أفغانستان سيزداد تلقائيا مع وصول 40 ألف جندي إضافي عام 2010 وتكثيف العمليات ضد المتمردين.

وعلى الرغم من ذلك يبقى المدنيون الضحايا الأوائل للنزاع في أفغانستان، وقد بلغ عدد القتلى المدنيين أكثر من 2400 عام 2009، بحسب الأمم المتحدة، بزيادة 14 في المائة عن عام 2008. وإزاء اشتداد النزاع الذي يزداد استنزافا سنة بعد سنة، بات الرأي العام في الدول الأربعين المساهمة في القوات الدولية التابعة للحلف الأطلسي (إيساف)، وفي طليعتها الولايات المتحدة، معارضا بغالبيته لإرسال جنود. وعمدت بعض الدول لسحب قواتها، أو أعلنت عن سحبها في المستقبل، وكانت هولندا في الأول من أغسطس (آب) أول من اتخذ هذا القرار. وحدد الرئيس الأميركي باراك أوباما يوليو (تموز) 2011، موعدا لبدء سحب القوات الأميركية. والهدف الرسمي بالنسبة لقوات الحلف الأطلسي التي تواجه تصعيدا في حركة التمرد بات يهدد جميع أنحاء البلاد، هو نقل المسؤوليات الأمنية إلى القوات الأفغانية بحلول نهاية 2014. غير أن الخبراء يشككون في قدرة القوات الأفغانية على الاضطلاع بهذا التحدي.