نتنياهو ينفي الموافقة على تجميد البناء الاستيطاني 3 أشهر

روس: أعمل في السياسة منذ 30 سنة ولم أشهد فيها دعما أميركيا عسكريا لإسرائيل كما هو الآن

TT

أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بيانا نفى فيه أنباء نشرت أمس وأفادت بأنه وافق على تجميد البناء الاستيطاني بالكامل لمدة 3 أشهر، وتجميده جزئيا لمدة 9 أشهر أخرى، من أجل ضمان استئناف المفاوضات. وقال إن حكومته تدير محادثات ناجعة مع الولايات المتحدة من أجل دفع مسيرة السلام، ولكن هذه المحادثات لم تنته بعد ولم تسفر بعد عن نتائج نهائية.

وكانت صحيفة «معاريف»، قد نشرت خبرا بارزا على صفحتها الأولى تقول فيه إن نتنياهو وافق على المطلب الفلسطيني الأميركي لاستئناف المفاوضات والقاضي بتجميد البناء الاستيطاني في القدس والضفة الغربية، تماما خلال 3 أشهر، وبشكل محدود خلال 9 أشهر لاحقة.

وأضافت الصحيفة أن نتنياهو ينوي عرض موقفه الجديد على الرئيس الأميركي، باراك أوباما، إذا وافق هذا على لقائه في الأسبوع المقبل، لدى وصوله إلى الولايات المتحدة للمشاركة في مؤتمر اللجنة العامة للعلاقات الأميركية - الإسرائيلية (إيباك)، التي توحد حركات اليمين والوسط في صفوف يهود الولايات المتحدة وكندا. وأكدت أن نتنياهو يعمل بشكل سري على تمرير هذه الخطة في حكومته ومع حلفائه في أحزاب الائتلاف الحكومي. وأنه جنبا إلى جنب، مع هذه الجهود، يعمل على بناء ائتلاف حكومي بديل للائتلاف اليميني المتطرف في حكومته الحالية. وأنه سيعتمد في الائتلاف الجديد على حزب «كديما» المعارض، علما أنه كان قد عقد سلسلة اجتماعات مع رئيسة هذا الحزب، تسيبي ليفني، في الأسابيع الأخيرة.

وقالت مصادر مقربة من نتنياهو للصحيفة، إن الأمور نضجت لديه، وبات على يقين بأنه لن يستطيع الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة بإدارتها الحالية من دون التقدم في المسيرة السلمية، وأنه لن يستطيع التقدم في هذه المسيرة بهذا الائتلاف، وأن عليه أن يتصرف كقائد قوي ويتخذ قرارات شجاعة، حتى لو فرط ائتلافه وخرج حزب كبير مثل «إسرائيل بيتنا» بقيادة أفيغدور ليبرمان من الائتلاف.

من جهة ثانية، كشفت مصادر في حزب الليكود أن نتنياهو يحاول تجنيد العناصر الأساسية فيه إلى جانبه في هذه المعركة، حتى يخفف من المعارضة لبرنامجه. وقد نجح في تجنيد 3 وزراء حتى الآن، هم دان مريدور، نائب رئيس الحكومة ووزير شؤون المخابرات، وميخائيل إيتان، وزير شؤون العلاقات مع الجمهور، وجدعون ساعر، وزير التعليم. ويسير في خطوات متقدمة مع وزير البيئة، جلعاد أردان، المعروف بقربه منه. وهو يحاول إقناع بقية وزرائه. ويقول لهم إن الإدارة الأميركية بدأت تتذمر من الوضع الحالي وترى فيه خطرا على مصالحها. وإنه يجب عدم الدخول في صدام مع هذه الإدارة، لأنها تعتبر أفضل إدارة من حيث الدعم الأمني لإسرائيل وتتعاون معها بشكل لم يسبق له مثيل.

وهو ينتظر حاليا تمرير الموازنة العامة للدولة، التي عبرت أول امتحان لها في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، أول من أمس، حين مرت بالقراءة الأولى. فعندما تكتمل إجراءات تمريرها في الكنيست، سيستطيع العمل بهدوء طيلة سنتين، بضمنها سنة المفاوضات، علما أنه تمكن من إقناع غالبية النواب بضرورة إقرار موازنة لسنتين متتاليتين.

وكانت الصحيفة قد أبدت تحفظا في الخبر نفسه، فقالت إنه من غير المستبعد أن يتراجع نتنياهو عن هذا الاتجاه، لأنه عمليا لم يتخذ قرارا حاسما في الموضوع. فهو يتعرض لضغوط شديدة من عناصر اليمين المتطرف في حزبه وفي ائتلافه ومن طرف مموليه في اليمين المتطرف في الولايات المتحدة. ومن شأنه أن يندم على توجهه الجديد المذكور أعلاه.

من جهة ثانية، تشير معلومات من ائتلاف نتنياهو، إلى أن المتطرفين في القدس والمستوطنات لا ينتظرون قرارات نتنياهو ويستغلون كل لحظة لفرض الأمر الواقع على الأرض ويبنون بوتيرة عالية، تقدر بأربعة أضعاف وتيرة البناء التي عرفتها المستوطنات قبل قرار التجميد في السنة الماضية. ففي القدس، تم إقرار مشاريع لبناء 452 وحدة سكنية في الشق الشرقي المحتل من المدينة. وبدعوى عدم إغضاب الأميركيين، تقرر بناء 30 وحدة في كل أسبوع. وفي المستوطنات الأخرى، أطلقت مشاريع لبناء 2000 وحدة سكن، فضلا عن البناء في البؤر الاستيطانية، التي تبنى من دون تراخيص ولا يفعل نتنياهو شيئا لمنعها.

والجدير بالذكر أن المستشار الخاص للرئيس الأميركي، دنيس روس، أكد خلال خطابه أمام مؤتمر «إيباك»، الليلة قبل الماضية، أن هناك خلافات مع الحكومة الإسرائيلية حول عملية السلام. ولكنه أضاف أن هذا لا يخفف من الدعم الأميركي لإسرائيل. وقال إنه يعمل في السياسة الأميركية منذ 30 سنة، ولم يشهد فترة كان فيها الدعم الأميركي العسكري والتعاون الاستراتيجي معها بمثل هذا المستوى. وأضاف: «اعلموا أنه لا توجد دولة واحدة في العالم تحظى أو حظيت في الماضي بمثل الدعم الأميركي الحالي لإسرائيل». وأردف روس يقول: «لكن، علينا جميعا أن نعمل على إقناع الحكومة الإسرائيلية بأنه لا يوجد ما يضمن أمن إسرائيل أكثر من السلام. فالسلام مع الجيران في الشرق الأوسط، هو الأمن الحقيقي لإسرائيل ولكل أصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة».