إيران تبدأ ضخ الوقود في محطة بوشهر وتثير استئناف المفاوضات حول برنامجها النووي

طهران تعتقل أعضاء بجماعة جند الله.. ومحاكمة عميلين لإسرائيل قريبا

عمال إيرانيون في موقع لتوليد الطاقة الكهربائية في محطة بوشهر للطاقة النووية أمس (أ.ب)
TT

بدأت إيران أمس ضخ الوقود في مفاعل محطة بوشهر النووية، وأثارت في الوقت نفسه قضية استئناف المفاوضات حول برنامجها النووي التي اقترحتها وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، حسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي المرحلة الأخيرة من تغذية محطة بوشهر النووية (جنوب)، التي تعتبر أول محطة في إيران تبنيها روسيا رغم ضغوط الولايات المتحدة وإسرائيل اللتين حذرتا من خطر الانتشار النووي وتتهمان طهران بالسعي إلى امتلاك سلاح نووي.

وقال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة النووية علي أكبر صالحي، كما نقل عنه التلفزيون الرسمي: «نأمل بإرسال الكهرباء التي تنتجها المحطة إلى الشبكة الوطنية خلال ثلاثة أشهر»، أي في يناير (كانون الثاني) المقبل.

وستظل المحطة، التي تبلغ قوتها ألف ميغاوات، لأعوام عدة تحت إشراف مشترك لفنيين روس وإيرانيين. وعزت السلطات التأخير إلى عوامل عدة، منها الظروف المناخية غير المواتية و«تسرب محدود» على مسافة قريبة من المفاعل أو اتخاذ تدابير أمنية وقائية لإتمام هذه العملية.

وباشرت ألمانيا بناء محطة بوشهر عام 1975 ثم توقف العمل فيها من جراء الثورة الإيرانية عام 1979 والحرب بين إيران والعراق بين العامين 1980 و1988. ثم استأنفت روسيا ورشة بنائها عام 1995 بعدما رفضت الدول الغربية هذا الأمر. وفي الوقت نفسه، أعلنت إيران، الخاضعة لعقوبات دولية لرفضها تعليق أنشطتها النووية الحساسة، أن مضمون ومكان وموعد المفاوضات الجديدة مع مجموعة الدول الست الكبرى لم تحدد بعدُ.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست: «إن المفاوضات مستمرة حول تاريخ ومكان ومضمون المحادثات، وينبغي على الطرف الآخر إبداء مزيد من المرونة من أجل التوصل إلى توافق على هذه المسائل».

ويشكل تصريح المتحدث أول رد رسمي علني للحكومة الإيرانية على دعوة آشتون الجمعة طهران إلى الرد «خلال الأيام المقبلة» على عرضها استئناف الحوار.

كانت آشتون التي تمثل مجموعة الدول الست الكبرى التي تفاوض طهران في شأن ملفها النووي (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا إضافة إلى ألمانيا) قد اقترحت في 14 أكتوبر (تشرين الأول) استئناف المفاوضات بين إيران والدول الكبرى بين 15 و18 نوفمبر (تشرين الثاني) في فيينا بعد توقفها لمدة عام.

وقال وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي، كما نقلت عنه قناة «برس تي في» الإيرانية: «نحن واثقون بأنه عبر تبادل وجهات النظر بين الجانبين، سنتمكن من التوصل إلى اتفاق على موعد ومكان المفاوضات وعلى جدول أعمالها».

ورحبت طهران أولا باقتراح آشتون، لكنها عمدت لاحقا إلى اتهام وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي بعدم التحرك بشكل كاف حيال هذا الملف.

وذكرت إيران أنها تريد توسيع جدول أعمال المفاوضات بحيث يشمل خصوصا دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تشرف على البرنامج النووي الإيراني والتي تتهمها طهران بالانحياز سياسيا ضدها.

كذلك، ذكر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الأسبوع الماضي أن طهران المتهمة بالسعي إلى امتلاك سلاح نووي رغم نفيها المتكرر لذلك، تريد إثارة قضية إسرائيل التي تملك السلاح النووي ولم توقع بخلاف إيران معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.

واعتبر أن رد الدول الغربية على الأسئلة الإيرانية التي تضمنتها رسالة بعث بها المفاوض النووي الإيراني سعيد جليلي في 6 يوليو (تموز) الماضي إلى الدول الست الكبرى، لا يشكل شرطا مسبقا، لكنه سيكون عاملا «حاسما» بالنسبة إلى مستقبل المفاوضات.

وأكد العديد من المسؤولين السياسيين المحافظين أن هذه الرسالة ظلت من دون جواب.

من جهته، حث يوكيا أمانو، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، إيران أمس على اتخاذ «خطوات ملموسة» لتهدئة مخاوف دولية بشأن برنامجها النووي المثير للجدل. وقال أمانو للصحافيين بعد كلمة ألقاها أمام طلاب جامعيين في موسكو: «أطالب إيران باتخاذ خطوات ملموسة وإجراءات ملموسة من أجل الوفاء التام بالتزاماتها». وذكر أن من بين القضايا التي بحثها مع رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين أول من أمس إمكانية إجراء مفاوضات. وأضاف أمانو: «الاستعدادات والأنشطة في بوشهر تتم تحت ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وتقول كل من إيران وروسيا إن محطة بوشهر لا تمثل خطورة فيما يتعلق بانتشار الأسلحة النووية.

في سياق ذلك، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس: إن الولايات المتحدة ليست لديها مشكلة مع مفاعل بوشهر النووي الذي شيدته روسيا في إيران، وإنما مع مواقع أخرى ربما يجري العمل فيها لإنتاج أسلحة، حسب ما ذكرت وكالة «رويترز».

وقالت كلينتون للصحافيين، على هامش اجتماع مع وزير الخارجية النمساوي: «مشكلتنا ليست مع مفاعلهم في بوشهر، مشكلتنا مع منشآتهم في أماكن مثل نطنز ومنشأتهم السرية في قم، وأماكن أخرى؛ حيث نعتقد أنهم ينفذون برنامج أسلحة».

على صعيد آخر، نقلت وسائل إعلام عن مسؤول قضائي قوله أمس: إن إيران ستحاكم قريبا اثنين من مواطنيها متهمين بالتجسس لحساب إسرائيل.

ونقلت الإذاعة الإيرانية عن المدعي العام في طهران، عباس جعفري دولت آبادي، قوله: «الدعويان الخاصتان بالاثنين ستحالان إلى المحاكمة. الاثنان ارتبطا بجهاز مخابرات الكيان الصهيوني وقدما له معلومات». وأضاف: «تلقى الاثنان أيضا أموالا من إسرائيل». ولم يفصح المدعي العام عن اسميهما، ولم يتسن الاتصال بمسؤولين بالنظام القضائي للتعليق.

وطبقا لقانون العقوبات الإيراني، الساري منذ قيام الثورة، يمكن أن تصل عقوبة التجسس إلى الإعدام. وأعدمت إيران شنقا الإيراني علي أشتاري عام 2008 بعد إدانته بالعمل مع الموساد. وتنفي إسرائيل وجود أي صلة لها بالقضية.

وقالت إيران، أوائل أكتوبر الحالي إنها ستحاكم 5 إيرانيين بتهمة التجسس وتسريب أسرار تتعلق ببرنامجها الفضائي وباقتصادها ودفاعاتها إلى أعدائها، وهو الوصف الذي تستخدمه إيران غالبا للإشارة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل.

من جهة أخرى، ذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية أمس أن إيران اعتقلت ثلاثة أعضاء بجماعة سنية متمردة تقول إنهم لعبوا «دورا رئيسيا» في تفجير مميت بمسجد في جنوب شرقي البلاد.

وقتل أكثر من 20 شخصا، بينهم أعضاء بالحرس الثوري، وأصيب 100 آخرون في تفجيرين انتحاريين وقعا في المسجد الكبير بزاهدان في يوليو الماضي.

ونقلت الوكالة عن مسؤول محلي رفيع قوله: «هؤلاء الإرهابيون الثلاثة دخلوا بلدا مجاورا بشكل غير قانوني قبل تنفيذهم هذا العمل الأعمى. وتلقوا التدريب اللازم هناك لأنشطتهم المخلة بالأمن».

ونقلت الوكالة عن المسؤول، الذي لم تنشر اسمه، قوله: إن الثلاثة، وهم أعضاء بجماعة جند الله، لعبوا «دورا رئيسيا» في التفجير الذي وقع بمسجد زاهدان الذي جرى في مايو (أيار) 2009.