إندونيسيا تواجه على جبهتين آثار كارثتين طبيعيتين عنيفتين

مزارع فقد زوجته وأولاده أمام الموجات العالية: نجوت وحدي بفضل لوح خشبي

رجل يشاهد بركان ميرابي في مدينة يوغياكارتا الإندونيسية أمس (أ.ب)
TT

تواجه إندونيسيا على جبهتين مختلفتين آثار كارثتين طبيعيتين عنيفتين أوقعتا عدة مئات من القتلى والمفقودين، هما زلزال بقوة 7.7 درجة أعقبه موجات مد بحري (تسونامي) وثوران أنشط براكينها.

واختصر الرئيس سوسيلو بامبانغ يودويونو زيارته لفيتنام حيث كان يفترض أن يشارك في قمة رابطة جنوب شرق آسيا للإشراف على عمليات الإنقاذ. وعمليات الإغاثة صعبة جدا في جزر المحيط الهندي التي ضربها مساء الاثنين زلزال بقوة 7.7 درجة أعقبه تسونامي عنيف. وقالت السلطات إن عدد ضحايا موجات التسونامي التي ضربت جزرا نائية في إقليم سومطرة ارتفع أمس إلى 282 قتيلا، في حين ما زال 411 آخرون في عداد المفقودين.

وأفاد شهود بأن أمواجا بلغ ارتفاعها 3 أمتار شكلت «جدارا من المياه» وضربت القرى الساحلية في أرخبيل مينتاوي قبالة جزيرة سومطرة. وقال بورنت، وهو مزارع عمره 32 عاما، بأسى: إنه عجز عن إنقاذ زوجته وأولاده الثلاثة. وأضاف: «عندما شاهدنا قدوم الموجة حاولنا أن نركض، لكنها كانت أسرع منا وجرفتنا». وأوضح بورنت أنه الوحيد في عائلته الذي تمكن من السباحة والتمسك بلوح خشبي.

ووجه التسونامي ضربة موجعة إلى السياحة في جزر مينتاوي، الوجهة المفضلة لمحبي رياضة ركوب الأمواج بعد هاواي، إلا أنه لم يسجل ضحايا في صفوف السياح الأجانب. وكان الخبراء حذروا من مخاطر وقوع تسونامي في هذا الأرخبيل الواقع في منطقة تماس حيث تتقارب الطبقات التكتونية الهندية الأسترالية والأوراسية بسرعة 5 إلى 6 سنتيمترات سنويا. وكانت هذه الظاهرة تسببت في التسونامي الكارثي الذي ضرب المنطقة في 26 ديسمبر (كانون الأول) 2004 وأوقع أكثر من 220 ألف قتيل في دول المحيط الهندي.

وعلى بعد نحو 2000 كلم شرقا في وسط جزيرة جاوة بقيت حالة الإنذار مرتفعة أمس في محيط بركان ميرابي الذي ثار 10 مرات أول من أمس. وأسفرت سحب الرماد التي ارتفعت أكثر من 5 كيلومترات عن «مصرع ما لا يقل عن 25 شخصا» بحسب بانو هرماوان المتحدث باسم مستشفى ساردجيتو في يوغياكارتا المدينة الكبرى التي تقع على بعد 25 كلم من البركان. وبين الضحايا الحارس الروحي للجبل مباه ماريدجان الذي يعتقد كثيرون من سكان جاوة أن لديه قدرات على ممارسة السحر. وتجري اختبارات للتأكد من أن الجثة المتفحمة التي عثر عليها هي جثة الحارس العجوز. وقال إنو هيرماوان، أحد المسؤولين بالمستشفى: «لن نحصل على نتائج الحمض النووي قبل غد، نعتقد أن هذه هي أكثر الاحتمالات ترجيحا. القميص والملابس هي نفس ملابس مباه ماريدجان ومقاسه». وأضاف أن زوجته وأطفاله في المستشفى وأبلغوا عن فقده. ورثى الكثير من الإندونيسيين حارس البركان المحبوب عبر موقعي «فيس بوك» و«تويتر». وقالت وسائل إعلام محلية إنه عثر على كثيرين من الضحايا في منزل الحارس الروحي أو قربه في قرية كيناهريدجو على مقربة من فوهة البركان.

وقال سورونو المكلف بمراقبة النشاط البركاني في إندونيسيا إن نشاط ميرابي «تراجع إلى حد كبير» ظهر أمس، مضيفا أن «الخطر لم يزل بعد. يجب الانتظار بضعة أيام لمعرفة ما إذا توقف نشاط البركان تماما». وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن أكثر من 29 ألف شخص لجأوا إلى عدة مراكز استقبال وقطعت الطرقات المؤدية إلى البركان. ويعيش أكثر من مليون شخص تحت تهديد انفجار بركان ميرابي وعواقبه.

وأعرب الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي يتوقع أن يزور جاكرتا الشهر المقبل، عن «حزنه العميق» للخسائر البشرية، واقترح «مساعدة أميركية».

واعتاد الإندونيسيون على العيش بالقرب من البراكين والتأقلم مع هذا الواقع، لأن إندونيسيا أول منطقة بركانية في العالم مع نحو 130 بركانا نشطا. وفي ثورة للبركان عام 1994 قتل 70 شخصا عندما تدفقت الحمم من قبة البركان. وقتل البركان 1300 شخص عام 1930. وفي الشهر الماضي ثار بركان آخر في إندونيسيا هو بركان سينابونغ في جزيرة سومطرة الواقعة إلى الغرب بعد أن ظل خامدا 400 عام مما أدى إلى عملية إجلاء واسعة للسكان.