أوباما يستعد لتقديم عرض جديد أكثر شدة لإيران بشأن ملفها النووي

مسؤولون أميركيون يقولون إن رد طهران سيكون اختبارا أول لمدى تأثير العقوبات عليها

TT

تعد إدارة الرئيس باراك أوباما، وبالتنسيق مع حلفائها الأوروبيين، عرضا جديدا للمفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي، وذلك حسبما كشف مسؤولون بارزون في الإدارة الأميركية، لكن الشروط الجديدة ستكون أكثر صعوبة من الشروط التي تضمنتها الصفقة التي رفضها المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي العام الماضي.

ويقول مسؤولون إن رد فعل إيران على هذا العرض سيكون بمثابة أول اختبار حول ما إذا كانت حزمة العقوبات الاقتصادية الجديدة الواسعة قد غيرت حسابات إيران المتعلقة بملفها النووي أم لا. وقد توقع مسؤولون أميركيون بارزون، بدءا من مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، ليون بانيتا، إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة الأدميرال مايك مولين، الصيف الماضي، أن هذه العقوبات سوف تضر بإيران، لكنها من غير المرجح أن تكون كافية لإجبارها على التخلي عن العناصر الرئيسية لبرنامجها النووية.

وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى أول من أمس إن الولايات المتحدة وشركاءها «قريبون جدا من التوصل إلى اتفاق» على موقف مشترك لعرضه على طهران. لكن الإيرانيين لم يستجيبوا حتى الآن لطلب كاثرين أشتون، المفوضة العليا للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، بعقد اجتماع في فيينا في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل لمناقشة الملف النووي الإيراني. وتصر إيران على أن تجيب أشتون لهم عن عدة أسئلة منها متى ستنتهي العقوبات ومتى سوف تتخلى إسرائيل عن ما وصفته بـ«القنبلة الصهيونية» ومتى ستتخلص الولايات المتحدة من أسلحتها النووية.

وسوف يتضمن العرض الجديد طلبا لإيران بإرسال أكثر من 4400 رطل من اليورانيوم منخفض التخصيب إلى خارج البلاد، بزيادة قدرها أكثر من الثلثين عن الكمية التي كانت مطلوبة في الاتفاق المبدئي الذي أبرم في فيينا العام الماضي. وتعكس الزيادة حقيقة أن إيران أنتجت المزيد من اليورانيوم على مدى العام الماضي، وتهدف الولايات المتحدة من خلال ذلك إلى التأكد من أن إيران لا تمتلك ما يكفي من اليورانيوم لتصنيع قنبلة نووية واحدة.

وسوف تكون إيران مطالبة أيضا بوقف جميع عمليات إنتاج الوقود النووي الذي تقوم بتخصيبه حاليا إلى مستوى 20 في المائة - وهي خطوة مهمة على الطريق إلى الوصول إلى تخصيب بمستويات أعلى تستخدم في صنع القنابل الذرية. وسوف يتعين على طهران أيضا الالتزام بموقفها الموافق على التفاوض بشأن مستقبل برنامجها النووي. وقد فشل اتفاق 2009 بسبب رفض المتشددين في طهران له، حيث خلص تحليل أجراه لاحقا محللين في الاستخبارات إلى أن خامنئي قد رفض العرض شخصيا مما أبطل موقف الرئيس محمود أحمدي نجاد.

ولهذا السبب، فإن العديد من المسؤولين يشككون في إمكانية نجاح هذه المبادرة. ولكنهم يقولون إنها تنجز ما وعد به أوباما من حيث التزامه بمواصلة التفاوض حتى في ظل فرض المزيد من العقوبات بهدف زيادة الضغوط. وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى هذا الأسبوع، طلب عدم نشر اسمه لأن واشنطن وحلفاءها الأوروبيين لا يزالون يناقشون التفاصيل النهائية للحزمة التي سوف يعرضونها على إيران: «سيكون هذا أول اختبار حول ما إذا كان الإيرانيون لا يزالون يعتقدون أنهم قادرون على الصمود أم أصبحوا مستعدين للتفاوض. علينا أن نقنعهم بأن الحياة سوف تزداد سوءا، ولن تكون أحسن، إذا لم يبدأوا في التحرك».

وفي حين قال أحمدي نجاد في نيويورك الشهر الماضي إن إيران مستعدة للعودة إلى المفاوضات، فإن طهران لم تحدد بعد موعدا لعقد هذه المفاوضات. ولا يبدو خامنئي الذي كان يتحدث في وقت سابق من هذا الأسبوع في مدينة قم - التي ليست بعيدة عن محطة تخصيب اليورانيوم الواقعة تحت الأرض والتي تم الكشف عنها في العام الماضي - مستعدا لتقديم تنازلات. ونقلت عنه الصحافة الإيرانية يوم الثلاثاء الماضي، قوله لرجال الدين والطلاب «إن قوى العالم الكبرى قد أثارت ضجة حول العقوبات التي فرضت على إيران، لكن هذه الأمة قد صمدت في وجه العقوبات على مدى السنوات الـ30 الماضية بالصبر والجلد».

وفي حين أعرب الجميع عن استعداده للدخول في مفاوضات جديدة، فإن ما يحدث الآن هو مزيد من التحرك باتجاه حافة الهاوية أكثر منه باتجاه التفاوض. ويقول مسؤولون أميركيون إنه ليس من الضروري بالنسبة لإيران العودة إلى مفاوضات جادة قريبا، فإنه كلما زادت فترة الانتظار، كان الوقت المتاح للعقوبات لتقوم بدورها أكبر. ويقول مسؤولون ومحللون إنه حتى الآن، فإن حزمة العقوبات الأخيرة كانت أشد وطأة بكثير مما توقع معظم الخبراء. وقد واجهت إيران صعوبات في تزويد طائرتها بالوقود في أوروبا، والسماح لسفنها بالرسو في بعض الموانئ وجذب استثمارات هي في أشد الحاجة إليها لإنتاج النفط.

ولكن كلما طالت فترة الجمود، فإن إيران ستنتج المزيد من اليورانيوم. ووفقا لمفتشين دوليين نوويين، فإن إيران تمتلك بالفعل ما يكفي من الوقود لصنع قنبلتين نوويتين، وذلك على الرغم من أن تقديرات المسؤولين الأميركيين تشير إلى أن إيران قد تحتاج إلى عام كي تتمكن من تخصيب مخزونها الحالي من اليورانيوم إلى مستوى صناعة القنابل النووية ومن القيام بتحويله إلى سلاح نووي. وقال مسؤول أميركي في الآونة الأخيرة إن «هذا وقت طويل» بما فيه الكفاية بالنسبة للولايات المتحدة أو إسرائيل للقيام بعمل عسكري لوقف البرنامج الإيراني.

وفي تصريحاتها العلنية في الآونة الأخيرة، حاولت إدارة أوباما أن تشدد لهجتها عند الحديث عن مخاطر السلاح النووي الإيراني. وقال غاري سامور منسق أوباما لمكافحة الأسلحة غير التقليدية، أثناء إلقائه كلمة في الجمعية الأميركية لتقدم العلوم في واشنطن الأسبوع الماضي، إنه إذا حصلت إيران على سلاح نووي، فإن ذلك «سيكون له آثار كارثية تماما» على المنطقة. وفي حال نجاحها، فإن إيران سوف تدفع الدول الأخرى في الخليج لمحاولة امتلاك أسلحة نووية خاصة بها. وأضاف سامور بأنه إذا شنت إسرائيل هجوم على منشآت إيران النووية فإن هذا قد يفجر حربا إقليمية، وقال إن وقف برنامج إيران النووي هو «المهمة رقم واحد» بالنسبة له. وفي خلال عامين في المنصب، تمكن أوباما من فرض نظام عقوبات مؤثر وناجح جمع بين الدبلوماسية والضغوط أكثر مما توقع العديد من الخبراء. ولكن هذا النظام لم يأت إلا بالقليل من النتائج حتى الآن، مما أثار نقاشا داخل البيت الأبيض حول مدى فاعليته.

* خدمة «نيويورك تايمز»