الصين تبطئ مشاريعها النفطية في طهران بعد تعزيز شراكتها مع واشنطن

رغم فوز شركات صينية بعقود تطوير في بعض أصول الطاقة في إيران

TT

أبطأت شركات الطاقة الصينية الكبرى العمل في مشاريع في إيران، مع تعزيز تلك الشركات علاقاتها مع نظيراتها الأميركية، بحسب ما قالت وكالة «رويترز»، في ما يوجه ضربة لطهران التي تكافح في ظل العقوبات من أجل جذب الاستثمار في قطاعها النفطي الاستراتيجي.

وجاء ذلك في وقت أعلن فيه وزير النفط الفنزويلي أن بلاده أوقفت تصدير البنزين إلى إيران، مضيفا أن الجمهورية الإسلامية لم تعد في حاجة لتلك الشحنات. وكان السفير الفنزويلي في طهران قد قال في أغسطس (آب) إن شحن البنزين سيستمر رغم سلسلة العقوبات التي فرضت على إيران من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأطراف أخرى. وأضاف وزير النفط الفنزويلي رافاييل راميريز للصحافيين في كراكاس أن هذا لم يعد ضروريا. وأضاف «حلت إيران مشكلة البنزين لديها.. ينتجون الآن بعض المكونات التي يحتاجونها. لم تعد فنزويلا تبيع البنزين لإيران منذ بعض الوقت.. قلصوا الاستهلاك بنسبة 35 في المائة».

وقالت وكالة «رويترز»، في تقرير أعدته، إن إيران التي تحتاج إلى استثمارات بمليارات الدولارات لمجرد الحفاظ على مستوى الطاقة الإنتاجية، تحولت إلى الصين لسد الفراغ الذي خلفته الشركات الغربية التي انسحبت تحت وطأة الضغوط السياسية مع سعي الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين لكبح البرنامج النووي الإيراني. إلا أن مصادر بالشركات في بكين قالت إن الحكومة الصينية أصدرت تعليمات غير رسمية إلى الشركات لإبطاء أعمالها بعدما فرضت الولايات المتحدة عقوبات من جانب واحد على إيران في يونيو (حزيران)، في الوقت الذي سعت فيه اثنتان من أكبر ثلاث شركات صينية للتوصل إلى اتفاقات أتاحت أمامها فرصا أكبر لدخول سوق الطاقة الأميركية.

ويمكن بموجب العقوبات استهداف العمليات الأميركية التابعة للشركات الأجنبية العاملة في قطاع الطاقة الإيراني، وهو ما ينطبق على الشركات الصينية مع تنامي الوجود الصيني في قطاع الطاقة الأميركي. وقال مصدر في القطاع مطلع على أنشطة النفط والغاز الصينية بالخارج، لوكالة «رويترز»: «جاء الضغط السياسي من الحكومة مباشرة.. وأعتقد أنه من المنطقي ربط هذا بالاتفاقات الأميركية».

وفي وقت سابق هذا الشهر، أعلنت الشركة الوطنية الصينية للنفط البحري (سينوك)، الشركة الأم لـ«سينوك المحدودة»، المدرجة في نيويورك، اتفاقا بشأن الغاز الصخري مع «شيزابيك إنيرجي» الأميركية المستقلة. وهذا الاتفاق الذي ينتظر موافقة الحكومة الأميركية هو الأول للشركة الصينية منذ أحبطت جهات تنظيمية وسياسية أميركية في عام 2005 محاولتها شراء «يونوكال» الأميركية. كما اتفقت شركة «سي إن بي سي»، وهي أكبر شركات الطاقة الصينية في سبتمبر (أيلول)، على التنقيب عن الغاز مع «شيفرون» الأميركية العملاقة. وقال محلل إن الولايات المتحدة ربما تكون عرضت على الشركات الصينية فرصا أكبر لدخول قطاع الطاقة الأميركي مقابل دعم بكين لجولة العقوبات الأخيرة التي فرضها مجلس الأمن الدولي في يونيو.

وأيدت الصين - أحد أكبر الشركاء التجاريين لإيران والتي تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن - تلك العقوبات شريطة ألا تشمل قطاع الطاقة الإيراني. وقال محلل سياسي مقيم في بكين، لوكالة «رويترز»، طلب عدم الكشف عن اسمه نظرا لحساسية المسألة «في إطار جهودها المستمرة لإقناع الصين بتطبيق العقوبات على إيران، تناقش الولايات المتحدة منذ فترة السماح للصين بالوصول إلى سوق الطاقة الأميركية». وفازت شركات صينية بعقود تطوير في بعض أصول الطاقة الثمينة في إيران، مثل حقل غاز «بارس» الجنوبي، وحقلي غاز «ازاديجان» و«يادافاران». إلا أن «سي إن بي سي» لم تحفر حتى الآن أول بئر في المرحلة الحادية عشرة من حقل غاز بارس الجنوبي، بعدما أبرمت في وقت سابق هذا العام اتفاقا بقيمة 4.7 مليار دولار لتطوير هذه المرحلة في أكبر مكمن للغاز الخالي من الكبريت في العالم. وكان من المتوقع في السابق أن يبدأ الحفر في مارس (آذار).

وقال المسؤول في القطاع «ركزت الشركة بدلا من ذلك على الأعمال الإدارية وتقييم الاحتياطيات ووضع خطط التطوير، وليس على العمل الفعلي على الأرض». وقالت مصادر في القطاع إن «سينوك» لم تحرز تقدما يذكر في مشروع «بارس» الجنوبي بعد اتفاق إطاري بقيمة 16 مليار دولار في أواخر 2006 لتطوير الحقل وبناء منشآت لتصدير الغاز الطبيعي المسال. وأضافت أنه في حين ستبطئ «سينوك» أعمالها، فإن الشركة التي تملك أكبر عدد من المشروعات بين الشركات الصينية العاملة في إيران ستواصل الالتزام بعقودها. وقال مسؤول تنفيذي آخر مطلع على استراتيجية القطاع الخاصة بالخارج «في ما يخص الناحية الاستراتيجية، لن تتنازل الصين بخصوص إيران».