قائمة المالكي ترفض المشاركة في «الطاولة المستديرة» لبحث الرئاسات

مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»: الأميركيون قدموا ضمانات للأكراد للتحالف مع علاوي

عراقيون يقلبون كتبا ومجلات في شارع المتنبي وسط بغداد، أمس، بعيدا عن أزمة تشكيل الحكومة ومحادثات السياسيين (أ.ف.ب)
TT

أكدت مصادر عراقية مطلعة أن وفدا أميركا رفيعا برئاسة توني بلنكن، مستشار نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن، قد بحث خلال اليومين الماضيين مع القادة العراقيين في بغداد تطبيق سيناريو بايدن لحسم أزمة تشكيل الحكومة العراقية، مجددا الدعوة إلى تشكيل الحكومة من القوائم الفائزة في الانتخابات، كما أكد أن التقارب بين القوائم الفائزة، وخصوصا قائمتي دولة القانون بزعامة نوري المالكي، رئيس الوزراء المنتهية ولايته، والقائمة العراقية بزعامة إياد علاوي، رئيس الوزراء الأسبق - هي «المخرج الحسن» من الأزمة الحالية ولتشكيل حكومة شراكة وطنية تضم جميع الأطراف. غير أن مصادر مطلعة في الائتلاف الوطني، الذي يتزعمه عمار الحكيم، كشفت لـ«الشرق الأوسط» عن ضمانات قدمها الأميركيون للأكراد من أجل التحالف مع علاوي.

وكان بايدن، مسؤول الملف العراقي في الإدارة الأميركية قد طرح في وقت سابق مشروع تقاسم السلطة بين المالكي وعلاوي، بينما عبر قادة عسكريون أميركيون عن مخاوفهم من أن تسند مناصب ووزارات أمنية للتيار الصدري مخافة أن تتسلل الميليشيات إلى صفوف قوات الأمن. وحاربت القوات الأمنية العراقية ميليشيا جيش المهدي الموالية للصدر خلال السنوات الماضية ونجحت في إضعاف نفوذها، غير أن القلق ما زال موجودا خوفا من استئناف أنشطتهم.

وفيما إذا بحث بلنكن أبعاد التيار الصدري عن التشكيلة الحكومية، قالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «بلنكن لم يتطرق إلى هذا الأمر، بل أنه شدد على حكومة شراكة، مثنيا على مبادرة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني بعقد طاولة مستديرة تضم جميع الأطراف لبحث المشكلات العالقة نحو تشكيل الحكومة».

وأجرى بلنكن خلال زيارته التي لم تنته بعد لقاءات مع عدد من المسؤولين والقيادات العراقية من بينهم بارزاني وعادل عبد المهدي، نائب الرئيس العراقي والقيادي في المجلس الأعلى، بزعامة عمار الحكيم.

وبحسب المصدر، فقد أكد بلنكن «دعم بلاده للتجربة الديمقراطية في العراق، وقال إن حكومة بلاده تعتبر تشكيل الحكومة في العراق شأنا داخليا، لكنها ترغب في انبثاق حكومة شراكة وطنية دون تهميش لأي طرف وتتوافر لها شروط النجاح». وكان بارزاني قد طرح مبادرة لحل الأزمة السياسية الراهنة في 16 سبتمبر (أيلول) الماضي تتضمن تشكيل لجنة من ثمانية إلى 12 عضوا من ممثلي الكتل السياسية، لبدء مباحثات بينها لحل الخلافات المعلقة ومناقشة قضية تشكيل حكومة الشراكة الوطنية، فضلا عن حسم موضوع الرئاسات الثلاث.

وتشهد الساحة السياسية العراقية خلافات مستمرة منذ إعلان نتائج الانتخابات النيابية التي جرت في مارس (آذار) الماضي، والتي أفرزت حصول ائتلاف العراقية على 91 مقعدا وائتلاف دولة القانون على 89 مقعدا الذي شكل تحالفا مع كتل أخرى، أبرزها كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري التي تملك 40 مقعدا، بغية تكوين الكتلة الأكبر برلمانيا، وهو الأمر الذي تعارضه القائمة العراقية، معتبرة كتلتها هي الفائزة الأكبر التي تقع عليها مهمة تشكيل الحكومة.

وفي غضون ذلك، تواصلت في بغداد وأربيل المشاورات السياسية بشأن عقد مباحثات «الطاولة المستديرة» التي دعا إليها بارزاني، ففي الوقت الذي قرر فيه التحالف الوطني المكون من ائتلاف دولة القانون، بزعامة المالكي، والائتلاف الوطني العراقي، بزعامة الحكيم، تشكيل وفد لحضور اجتماعات هذه الطاولة المزمع عقدها غدا، أكد مصدر مطلع داخل الائتلاف الوطني، رفض الكشف عن اسمه، أن واشنطن قدمت للأكراد ضمانات من أجل التحالف مع قائمة علاوي.

وأوضح المصدر قائلا لـ«الشرق الأوسط» أن «الأميركيين قدموا للأكراد ضمانات من أجل التحالف مع (العراقية)، فضلا عن إثارة مخاوفهم من المشروع الإيراني المتمثل في تحالف دولة القانون والتيار الصدري»، في إشارة إلى الضغوط الإيرانية التي سعت إلى تشكيل هذا التحالف.

كما أكد المصدر أن الأكراد، سيحسمون موقفهم أما بالتحالف مع المالكي والصدريين أو مع الحكيم وعلاوي بعد عقد اجتماع الطاولة المستديرة، مضيفا أن قائمة علاوي «قلبت الطاولة بزيارتها الأخيرة إلى أربيل وطمأنة الأكراد حول تنازلها عن منصب رئاسة الجمهورية لصالح جلال طالباني»، رئيس الجمهورية المنتهية ولايته.

إلى ذلك، قال أمير الكناني، الأمين العام لتيار الأحرار المدعوم من التيار الصدري، إن التحالف الوطني (المؤلف من تحالفي المالكي والحكيم) سيرسل وفدا لحضور الطاولة المستديرة ممثلا بستة أعضاء، هم: نصار الربيعي وبهاء الأعرجي، عن التيار الصدري، وهادي العامري، أمين عام منظمة بدر الموالية للحكيم، وخضير الخزاعي بالإضافة إلى عبد الحليم الزهيري، عن ائتلاف دولة القانون.

من جانبه، أكد سامي العسكري، عضو ائتلاف دولة القانون، بزعامة المالكي أن الهدف من وراء إرسال وفد من التحالف الوطني إلى اجتماع الطاولة المستديرة هو ضمان مشاركة كل كتل التحالف المذكور، موضحا لـ«الشرق الأوسط» «أن الطاولة المستديرة لن تبحث منصب رئاسة الوزراء الذي بات محسوما للكتلة الأكبر (التحالف الوطني) وكذلك الأمر بالنسبة لمنصب رئاسة الجمهورية الذي سبق أن أعلن التحالف الكردستاني عن مرشحه لهذا المنصب، بل إنها ستبحث تشكيل الحكومة وضمان مشاركة بقية الكتل خلالها (في إشارة إلى «العراقية»)».

وكانت وكالة الأنباء الألمانية قد نقلت عن النائب كمال الساعدي، عضو ائتلاف دولة القانون والمقرب من المالكي، قوله لقناة «العراقية»، الحكومية، إن «الطاولة المستديرة طرحت سابقا ورفضناها وقلنا لن نذهب إلى هذه المبادرة لنناقش موضوع الرئاسات الثلاث.. هذا قرار متخذ.. بل نناقش موضوع المشاركة في الحكومة وكيف تكون والمشكلات والمخاوف وشكل الحكومة، لأن كل هذا قابل للحوار»، تابع: «إننا نقترب بشكل حقيقي من تشكيل الحكومة وإن عقد جلسة مجلس النواب لن تتجاوز عشرة أيام أو قد يكون أقل بكثير من هذا الوقت، وإذا عقد مجلس النواب فمعناه يجب اختيار رئيسا للمجلس وحتى ذلك اليوم هناك حوارات جدية وهناك تقارب بين الكتل السياسية، وهو أفضل بكثير ما كان في السابق».

وقال الساعدي: «نحن مع التحالف الكردستاني تقريبا، حسمت المفاوضات وبقيت قضية واحدة كان مختلفا عليها وهي قضية إذا استقال الوزراء الكرد من الحكومة فإنها تعد حكومة مستقيلة، وتم مناقشتها ووضعت بدائل لها، وسنصل إلى اتفاق لحسمها. هناك قبول عام واقتناع عام بأنه لم يعد هناك وقت للتأخير، وعلينا أن نجلس ونتحدث عن حكومة شراكة وطنية».