تقديرات تل أبيب: أوباما لن يتفرغ لقضية الشرق الأوسط قبل رأس السنة

عمر سليمان يزور إسرائيل في محاولة للتوصل إلى صيغة تتيح تجميد الاستيطان واستئناف المفاوضات

TT

كشفت مصادر سياسية إسرائيلية، أمس، أن وزير شؤون المخابرات المصرية، عمر سليمان، سيزور إسرائيل هذا الأسبوع، في محاولة أخرى لإزالة العقبات في طريق المفاوضات المباشرة. وفي الوقت نفسه، استبعدت مصادر في المعارضة الإسرائيلية إمكانية التوصل إلى صيغة ملائمة. وقالت إن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، غير متعجل في الأمر، لأنه يعرف أن العنصر الحاسم في القضية هو الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وأن احتمال تفرغه لقضية الشرق الأوسط غير ممكن قبل الأعياد.

وكانت المصادر ذاتها قد ذكرت أن سليمان سيلتقي في إسرائيل، إضافة إلى نتنياهو، كلا من رئيس الدولة شيمعون بيرس، ووزير الدفاع، ايهود باراك، محاولا التوصل إلى صيغة مناسبة لتجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية حتى يستطيع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، العودة إلى المفاوضات المباشرة.

وقالت المصادر إن سليمان، الذي زار رام الله برفقة وزير الخارجية، أحمد أبو الغيط، الأسبوع الماضي، واجتمعا إلى الرئيس عباس، تداولا مع الرئيس حسني مبارك في سبل التغلب على العقبات الإسرائيلية في وجه المفاوضات، ولذلك فإن ما سيقترحه سليمان على إسرائيل سيكون اقتراحا مصريا بالتنسيق مع الفلسطينيين.

وحول مضمون الاقتراح المصري، ذكرت المصادر أن هناك احتمالا لأن يعود سليمان إلى اقتراح الصفقة الشاملة التي كان طرحها قبل سنة، وفيها ليس فقط استئناف المفاوضات مع عباس، بل أيضا صفقة تبادل الأسرى (الجندي الإسرائيلي الأسير لدى حماس مقابل ألف أسير فلسطيني) وكذلك المصالحة الفلسطينية الداخلية والهدنة الإسرائيلية مع حماس.

بيد أن مصادر معارضة تحمل على نتنياهو وتتهمه بالتلاعب مع الإدارة الأميركية بطريقة تهدد المصالح الإسرائيلية، وقالت إن نتنياهو ينتظر حاليا بفارغ الصبر نتائج الانتخابات البرلمانية الأميركية. وإنه يتوق، وربما يأمل، أن تسفر هذه النتائج عن فشل الحزب الديمقراطي، وإضعاف مكانة أوباما، وبالتالي إضعاف قدرته على ممارسة ضغوط سياسية على إسرائيل لدفعها إلى تجميد البناء الاستيطاني والرضوخ للشروط الفلسطينية للمفاوضات.

وقالت المصادر إن أوباما، في هذه الحالة، سيحتاج إلى وقت غير قصير للملمة جراحه الانتخابية وتلخيص أوضاعه. وما إن ينتهي من ذلك، حتى تكون أعياد الميلاد ورأس السنة على الأبواب، فيخرج الأميركيون إلى عطلة.

وبناء على ذلك، فإن أوباما لن يتفرغ لقضية الشرق الأوسط في هذه السنة وسيؤجل الاهتمام بها إلى شهر يناير (كانون الثاني) المقبل على الأقل.

وفي السياق نفسه، أعرب أحد المقربين من نتنياهو، أمس، عن اعتقاده أن رئيس الحكومة الإسرائيلية حسم أمره وقرر فعلا تجميد البناء الاستيطاني ولكنه يحتاج إلى وقت كي يعلن قراره. فأولا، يحتاج إلى أوسع موافقة داخل حزبه وداخل ائتلافه اليميني الحاكم. وثانيا، يحتاج إلى ترويج إعلامي مسبق. وثالثا، يطالب نتنياهو الفلسطينيين أن يتراجعوا عن موقفهم الصلب ويعطوا له شيئا يشجعه ويشجع رفاقه في الليكود على الأقل حتى يدعموه.

ونفى هذا المسؤول أن يكون نتنياهو قرر السفر إلى واشنطن، لكي يبلغها بأنه قرر التجميد. وقال: «نتنياهو سيسافر لحضور مؤتمر «ايباك» (قيادة المنظمات اليهودية الأميركية التي تناصر الحكومة الإسرائيلية في السراء والضراء) بالأساس، ولن يستطيع لقاء الرئيس أوباما، كونه سيكون مسافرا إلى آسيا. فإذا كان لدى نتنياهو هدية للإدارة الأميركية، فعليه منحها للرئيس وليس لنائبه أو أي مسؤول آخر».

وصادق على هذا الرأي، مصدر في ديوان الرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيرس. فقال إن هذا الأخير أيضا أصيب بخيبة أمل من نتنياهو، ولكنه يعرف اليوم أنه ينوي الاستجابة للإرادة الأميركية وليس معنيا بتفجير أزمة كبيرة مع واشنطن، تؤدي إلى اتهامه بتخريب الجهود لعملية السلام.

ومن المعروف أن نتنياهو ما زال يبني آماله على أن يأتي «التخريب» من الطرف الفلسطيني أو من الدول العربية، كأن يقرر العرب أن لا يعودوا إلى المفاوضات فتعمل آلة الدعاية الإسرائيلية واليهودية العالمية على تحميلهم مسؤولية الفشل. كما أنه ينوي في زيارته إلى واشنطن استغلال عملية إرسال رسائل ملغومة من اليمن إلى كنيس يهودي في شيكاغو ليظهر أن المشكلة الأساسية التي تواجه البشرية ليست الصراع في الشرق الأوسط، بل «الإرهاب الذي يمارسه المتطرفون في تيار الإسلام السياسي».