غالبية قادة «العمل» يشاركون في إجراءات دستورية للإطاحة برئيسهم

باراك: سأبقى قائدا للحزب كي أحقق الأمن والسلام

وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ خلال لقائه وزير الدفاع الاسرائيلي إيهود باراك في مقر الوزارة بتل ابيب، امس (أ ب)
TT

انضم رئيس اتحاد النقابات، عوفر عيني، أحد أقوى الشخصيات السياسية في إسرائيل إلى الجهود الجارية في حزب العمل، للإطاحة برئيسه، وزير الدفاع إيهود باراك، وانتخاب رئيس آخر للحزب ويحل محله في الحكومة. ورد باراك على الحملة بهجوم حاد ودعا من لا يعجبه إلى أن يترك الحزب. وأعلن أنه سيبقى قائدا للحزب وممثلا له في الحكومة، حتى يحقق الأمن والسلام لإسرائيل.

وكان عوفر عيني، الذي كان يعتبر إلى حد قريب جدا من أصدقاء باراك المقربين، قد انقلب عليه. وقال إن القشة التي كسرت ظهر البعير بالنسبة إليه وجعلته يقف ضد باراك، هي فضيحة الكشف عن وجود خادمة فلبينية في بيته تعمل من دون ترخيص رسمي. وهي مخالفة يعاقب عليها القانون بالحبس الفعلي. فقال عيني: «لا يوجد خطأ في الدنيا لم يرتكبه هذا الرجل. فهل يعقل أن يشغل في بيته فلبينية من دون ترخيص؟.. إن القائد السياسي الذي يرتكب مخالفة كهذه هو أهبل (لفظها باللغة العربية الأصلية للكلمة) ولا يستحق مقعدا في الحكومة».

وجاء هذا الهجوم في الوقت الذي بلغ فيه عيني أوج قوته الجماهيرية، حيث إنه نجح في في الحصول على زيادة في أجور العاملين في إسرائيل بقيمة 6.5% بعد أن هدد بشل الحياة الاقتصادية في إضراب عام يشمل جميع المرافق، فرضخت له الحكومة ووقعت معه على اتفاق لم يسبق له مثيل في السنوات العشر الماضية.

ولذلك، فقد اعتبر المراقبون هذا الإنجاز قفزة في مكانة عيني، تؤهله لترشيح نفسه لقيادة حزب العمل بجدارة. والتف حوله الكثير من الشخصيات البارزة في الحزب، وطالبوه بترشيح نفسه مكان باراك. وقالوا إنهم يرون فيه الشخصية القادرة فعلا على إنقاذ الحزب وإعادته إلى أمجاده، علما بأنه قاد الحركة الصهيونية منذ تأسيسها وقادته أسسوا إسرائيل كدولة عام 1948 وقادوها منفردين حتى سنة 1977، حينما هزمهم حزب الليكود اليميني بزعامة مناحم بيغن.

لكن عيني ليس الوحيد الذي يتمرد على باراك في قيادة حزب العمل، فهناك 11 نائبا من مجموع 13 يعتبرونه فاشلا ومسؤولا عن تدهور شعبية الحزب ويطالبونه بالاستقالة، بعضهم يرون فيه السبب الأساسي في انهيار شعبية الحزب وبعض آخر يعتبرونه مواليا لرئيس الحكومة اليمينية بنيامين نتنياهو، وآخرون يطالبونه بالانسحاب من الحكومة لأنها تعرقل مسيرة السلام وتجهض آمال استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين.

وينافس باراك على زعامة الحزب ثلاثة نواب، هم: وزير العمل والرفاه، يتسحاق هيرتسوغ، الذي يطالب بعودة الحزب إلى أصوله كحزب سلام وعدالة اجتماعية ووزير شؤون الأقليات، وأبيشاي برافرمان، الذي يطالب بالتأثير أكثر على سياسة الحكومة وينتقدها لأنها تهدد بإضاعة فرصة السلام، والنائبة شيلي يحيموفتش، التي تركز على القضايا الاجتماعية الاقتصادية.

وشن وزير التجارة والصناعة، بنيامين بن أليعازر، الذي كان قد ترأس في الماضي هذا الحزب وتولى منصب وزير الدفاع (في زمن حكومة أرييل شارون)، هجوما على باراك وعلى منافسيه. وقال الليلة قبل الماضية في لقاء كبير لأتباعه في الحزب، إنه يرى في باراك قائدا فاشلا لم يبق له أي صديق. ولكنه في الوقت نفسه رفض تأييد أي من المتنافسين وقال انهم جميعا لا يصلحون لقيادة حزب العمل وإخراجه من أزمته في هذه الظروف. واقترح البحث عن شخصية سياسية أو عسكرية مؤثرة وذات هيبة من خارج الحزب تتولى قيادته. وأبدى الاستعداد ليقود حزب العمل بشكل مؤقت حتى يجدوا هذه الشخصية.

وعقب باراك على هذه الحملة قائلا إنه لا يعرف قادة سياسيين منتحرين في المجتمع البشري مثل رفاقه في قيادة حزب العمل. وأضاف أن في الحزب دستورا ونظاما، بموجبه لا يوجد مبرر لتغيير رئيس الحزب قبل سنة من الانتخابات العامة. وعليه فإنه سيبقى رئيسا للحزب سنة أخرى على الأقل وسيخوض الانتخابات الداخلية من جديد. وأضاف باراك أنه منشغل حاليا في قيادة الأمور الأمنية لإسرائيل ودفع عملية السلام مع الفلسطينيين ولن يسمح لأحد بحرفه عن هذه المسؤولية. وقال إن حزبه، بفضل قيادته، يعتبر أكثر الأحزاب تأثيرا على رئيس الحكومة نتنياهو. وإن نتائج هذا التأثير سوف تظهر قريبا في إعطاء دفعة كبيرة لعملية السلام.

واستند باراك في هذا الموقف إلى تصريحات نتنياهو بأنه سيتوجه إلى الولايات المتحدة لكي يعطي دفعة جديدة لعملية السلام. وحسب بعض المراقبين الإسرائيليين، فإن نتنياهو سيحاول التوصل إلى اتفاق مع الأميركيين بشأن الاستمرار في تجميد البناء الاستيطاني ولو بشكل محدود. ولكن غالبية المراقبين يستبعدون ذلك ويقولون إن نتنياهو سيلتقي نائب الرئيس جو بايدن، وليس الرئيس باراك أوباما، الذي سيوجد في آسيا. وإذا كان في جعبته اقتراح جدي سيقدمه للرئيس وليس لنائبه.