جدل في فرنسا حول علاقة اعتداء كراتشي بفساد في الإليزيه

دوفيلبان يتحدث عن رشاوى وساركوزي يندد وأسر الضحايا ترفع دعوى

TT

أشار رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق دومينيك دوفيلبان، المهدد مع الرئيس السابق جاك شيراك بشكوى قررت أسر ضحايا اعتداء كراتشي سنة 2002 رفعها، إلى شبهات بحصول فساد على هامش صفقة غواصات فرنسية لباكستان في 1994، لكن الرئيس نيكولا ساركوزي ندد بـ«جدل لا أساس له» في هذه القضية.

وبحسب وثائق وشهادات حديثة قدمت للقضاء الفرنسي، فإن اعتداء كراتشي في مايو (أيار) 2002 الذي قتل فيه 14 شخصا بينهم 11 فرنسيا، يمكن أن يكون على علاقة بقرار اتخذه الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك بوقف دفع عمولات كانت حكومة إدوار بلادور وعدت بها باكستان في إطار صفقة بيع غواصات فرنسية. وكان ساركوزي آنذاك وزيرا للمالية في تلك الحكومة. وبعد هذه التطورات أعلنت أسر ضحايا الاعتداء أنها سترفع دعوى ضد شيراك ورئيس الوزراء الأسبق دوفيلبان.

وقال ساركوزي خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة الحلف الأطلسي في لشبونة، أمس: «لن أخوض في جدل لا أساس له». وأضاف: «أحيل الأمر إلى القضاء فليقم بعمله إذن، ويجب ألا يحاول (البعض) أن يلصق بالقضية تصريحات ذات أهداف سياسية لا ترتقي إلى مستوى معاناة الأسر التي فقدت أقاربها، هذا هو الأمر الوحيد المهم». وتابع ساركوزي أن «وزير الدفاع (آلان جوبيه) وأنا شخصيا، مصممان على تقديم جميع الوثائق المطلوبة في الوقت المناسب. وعلى حد علمي لم يتم رفض تقديم أي وثيقة حتى اليوم». ومضى يقول: «إن الحد الأدنى من الكرامة يفرض احترام حزن الأسر. إن هذه الأسر تريد الحقيقة. لماذا وقعت تلك الاعتداءات؟ هذا هو الأمر المهم وليقم القضاء بدوره، وبالطبع فإن الدولة ستساعد القضاء عبر تقديم الوثائق كافة».

وبعيد مداخلة لدوفيلبان على قناة «تي إف 1» الفرنسية الليلة قبل الماضية، ندد الأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان بـ«النهج الذي سلكه أولئك الذين لا هم لهم سوى توريط رئيس الدولة، عبر تلميحات متتالية، في قضية لا صلة له بها إطلاقا». وبحسب غيان فإن القول بأن العقد الموقع بين فرنسا وباكستان قد يكون «أدى إلى المساهمة بشكل غير شرعي في تمويل الحملة الانتخابية» لإدوار بلادور في 1995 في وقت كان ساركوزي ناطقا باسمه، إنما هو «إشاعة مغرضة تهدف إلى النيل من مصداقية الحياة السياسية في بلادنا».

وبعد أن ركز التحقيق على مسؤولية «القاعدة» عن الاعتداء، تحول في 2009 إلى سيناريو عمل انتقامي باكستاني بسبب قرار شيراك بعد انتخابه رئيسا في 1995 بوقف دفع عمولات على صفقة غواصات «اغوستا»، وهي عمولات كانت تدفعها حكومة بلادور (1993 -1995). وأوضح دوفيلبان الذي أكد أنه يريد الإدلاء بإفادته لقاضي الشؤون المالية رينو فان رويمبيك (بداية من الأسبوع القادم)، أن شيراك اتخذ ذلك القرار بسبب «شبهات قوية جدا بوجود رشاوى مرتجعة»، يتقاضاها مسؤولون فرنسيون، مما يعني وجود فساد.

وتريد أسر ضحايا اعتداء كراتشي في 8 مايو 2002 رفع دعوى ضد دوفيلبان وشيراك بتهمة «تعريض حياة الآخرين للخطر» لأنها تشتبه في أن القرار الذي اتخذه الرئيس السابق شيراك بوقف دفع عمولات في إطار صفقة غواصات لباكستان في 1994، هو الذي أدى إلى تنفيذ الاعتداء كعمل انتقامي.

وقررت عائلات الضحايا رفع الدعوى على أثر ما كشف عنه رئيس سابق لمجلس إدارة شركة «سوفريسا» لتسويق العتاد العسكري يوم الخميس أمام القاضي الفرنسي المكلف بالجانب المالي في القضية، مؤكدا أن أحد مسؤولي إدارة المنشآت البحرية حذره من «مخاطر محدقة بالموظفين» في حال وقف دفع العمولات. وأوضح رئيس مجلس إدارة «سوفريسا» ميشال مازينس لدى مثوله أمام القاضي أنه تم تكليفه في 1995 بوقف دفع العمولات الخاصة بعقد ثان يتعلق ببيع فرقاطات للمملكة السعودية (صواري2).

وقد يكون دوفيلبان الذي كان حينها يشغل منصب الأمين العام للرئاسة «طلب منه الذهاب للقاء» المسؤول حينها عن الفرع الدولي في إدارة المنشآت البحرية دومينيك كاستيلان و«إبلاغه بتطبيق الإجراء ذاته على باكستان». وبحسب مازينس فإن كاستيلان «رد قائلا إن هذا معقد بالنسبة إليه، لأنه يعرض موظفين إلى مخاطر».

وعلقت ماغالي درويه، المتحدثة باسم أسر الضحايا قائلة: «إننا مصدومون بعدما علمنا أن إدارة المنشآت البحرية والدولة، وخصوصا شيراك ودوفيلبان، كانوا يعرفون أن هناك مخاطر جراء وقف دفع العمولات». ويتوقع أن ترفع أسر الضحايا الأسبوع المقبل الدعوى لدى القاضي مارك ترفيديك، المتخصص في مكافحة الإرهاب والمكلف بالتحقيق في الاعتداء. واعتبرت الناطقة باسم الأسر أنه «من غير الممكن وقف دفع العمولات والاستمرار في الآن نفسه في نقل التكنولوجيا مع إرسال موظفين فرنسيين إلى باكستان». وأعربت عن «ارتياحها» للبدء في ورود إفادات «منذ بداية الأسبوع»، في إشارة إلى الاستماع إلى وزير الدفاع الأسبق شارل ميون الذي أكد وجود فساد. وأكد جان فاي، محامي جاك شيراك، أن الدعوى ضد رئيس الدولة السابق لا تحظى بـ«أي فرصة للمضي قدما»، بموجب الدستور الفرنسي الذي يمنح الرئيس حصانة في كل ما يتعلق بأداء مهامه.