المستوطنون يتظاهرون أمام مقر الحكومة الإسرائيلية ضد إقامة دولة فلسطينية

أحد زعماء اليمين المتطرف: لن نسمح بتحويلهم إلى لاجئين يهود داخل إسرائيل

TT

في أكبر مظاهرة لليمين المتطرف منذ الانسحاب من قطاع غزة قبل ست سنوات، أطلق اليمين الإسرائيلي شرارة حربه لمنع قيام دولة فلسطينية، حيث احتشد نحو أربعة آلاف منهم أمام مقر الحكومة في الوقت الذي كانت تعقد فيه جلستها الأسبوعية، ورفعوا شعارات تتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالرضوخ للضغوط الفلسطينية والأميركية وجعل المستوطنات «قربانا لخنوعه الجبان».

ومع أن المشاركين في المظاهرة كانوا في غالبيتهم تلاميذ مدارس، وهو ما جعل المراقبين يرون أنها لا تعتبر نجاحا لليمين المتطرف، فإن المستوطنين اعتبروها بداية ممتازة، مؤكدين أنهم منذ الانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة سنة 2005، لم تشهد البلاد مظاهرة يمينية أكبر منها.

وقال منظم هذه المظاهرة، نفتالي بانيت، المدير العام لمجلس المستوطنات في الضفة الغربية، الذي كان أحد مستشاري نتنياهو في الانتخابات الأخيرة، إن «هذا اليوم هو بداية وستعقبه نشاطات ضخمة أخرى ضد سياسة الحكومة». وخرج قسم من المتظاهرين بشكل مفاجئ، وأغلقوا مدخل مدينة القدس من جهة تل أبيب، ففرقتهم الشرطة بالقوة.

وأوضح المستوطنون أنهم من الآن فصاعدا، سيتخذون إجراءات احتجاج أخرى في كل يوم، بينها الاعتصام، حتى تقرر الحكومة رفضها لتجميد البناء الاستيطاني، وبينها أيضا الإضراب عن الطعام، الشبيه بالإضراب الذي كان أعلنه أرييل شارون ضد الانسحاب من بعض مدن الضفة الغربية في مطلع العقد الماضي.

وكان نتنياهو قد أبلغ وزراءه والنواب في البرلمان من أعضاء حزبه (الليكود)، أمس، أنه يقترب من نهاية المفاوضات مع الإدارة الأميركية حول الصفقة المقررة، وأن الإدارة الأميركية وافقت على وضع تعهداتها له على ورقة رسمية.

وأفادت مصادر سياسية في مكتبه بأنه في الأسبوع الأخير يمضي ساعات طويلة في مكتبه يقوم خلالها بمفاوضة الأميركيين، وأن وزير الدفاع، إيهود باراك، ووزير شؤون المخابرات، دان مريدور، يشاركانه في هذه المفاوضات، ويمضيان معه العمل حتى الثانية فجرا كل يوم بغية التوصل إلى تفاهمات مكتوبة.

وحسب تلك المصادر، فإن الولايات المتحدة وضعت صياغة لهذه التعهدات تترك المسألة مفتوحة وقابلة لتفسيرات متضاربة تؤدي في النهاية إلى رضا الفلسطينيين والإسرائيليين. وفي خلاصة هذه التعهدات، سيجمد البناء الاستيطاني بشكل جزئي ومحدود بما في ذلك القدس، وسيستأنف البناء الاستيطاني ولكن بعد الاتفاق على موضوع الحدود والطائرات العشرين من طراز «إف 35» ستعطى لإسرائيل على حساب الدعم الأميركي السنوي، ولكن فقط بعد التوقيع على اتفاق سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين. وقالت المصادر نفسها إن المبعوث الرئاسي الأميركي، جورج ميتشل، ينتظر إشارة من تل أبيب حتى يصل إليها وينهي الخلاف حول الصفقة، ويطلق المفاوضات المباشرة من جديد، فهو موجود في المنطقة طيلة الأسبوع الحالي، حيث وصل أمس إلى القاهرة ومن المتوقع أن يزور السعودية والأردن أيضا. وقد وضعت تحت تصرفه طائرة مروحية عسكرية، حتى يكون جاهزا للسفر إلى إسرائيل خلال ساعات قليلة، ولكنه لا ينتظر وحسب، فقد أرسل إلى تل أبيب، أمس، نائبه فريد هوب، لإتمام العمل على إنجاز الصفقة.

من هنا، فهم المستوطنون وأنصارهم في الحكومة الإسرائيلية وفي معسكر اليمين المتطرف عموما، أن نتنياهو قرر الانسجام مع السياسة الأميركية على أساس مبدأ «دولتان للشعبين»، فقرروا أن يخرجوا إلى الشوارع ضد هذا التوجه. وخرج، أمس، وزير البنى التحتية، عوزي لانداو، من جلسة الحكومة، وتوجه إلى المتظاهرين من المستوطنين، وألقى كلمة هاجم فيها رئيس الحكومة، وقال: «الإدارة الأميركية صديقة لنا، ولكنها ترتكب خطأ فادحا، فمن يقل إنه يريد الحفاظ على أمن إسرائيل وفي الوقت نفسه يطالبنا بالعودة إلى حدود 1967 وإقامة دولة فلسطينية، إنما يريد عمليا أن يعيدنا إلى حدود أوشفيتس (اسم معسكر الإبادة الذي أقامه النازيون في بولونيا وأبادوا فيه 1.5 مليون يهودي)، إنهم ببساطة لا يفهمون مشكلة الأمن لدى إسرائيل، ومن حيث يدرون أو لا يدرون يخدمون سياسة الإرهاب». وأفاد أحد الوزراء المؤيدين للعملية السلمية في حكومة نتنياهو، أمس، بأن الانطباع المتولد لديه هو أن المعارضين للصفقة الأميركية في الحكومة ونواب أحزاب الائتلاف الحكومي بدأوا يخففون من معارضتهم لها في أعقاب اتصالات هاتفية غاضبة أجراها نتنياهو خلال الأيام الأخيرة.

وقال وزير الاتصالات، موشيه كحلون، في حديث للإذاعة الإسرائيلية، أمس، إن هناك سوء تفاهم جعل الوزراء والنواب يغضبون. وعندما تكلم معهم نتنياهو، اتضح أن الخلافات بينهم تكتيكية وليست مبدئية.

وينسجم هذا التصريح مع ما نشرته «يديعوت أحرونوت»، أمس، من أن نتنياهو ليس جادا في التوجه إلى عملية السلام، وكل ما يريده هو فقط حشر الفلسطينيين ودفعهم إلى موقف رافض، لكي يعلن أنهم يعرقلون المسيرة، فهو يقول لرفاقه إن الصراع القائم حاليا بينه وبين الإدارة الأميركية، يجب أن ينتقل إلى الساحة العربية - الأميركية.