أحمدي نجاد يعتبر سياسة تحديد النسل «استيرادا غربيا».. ويشجع على الزواج المبكر

مخاوف من أن دعواته تعزز البطالة والتضخم.. ونقاد يرون أنه يسعى إلى كسب أصوات الناخبين الشباب

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد خلال اجتماع رسمي في طهران، أمس (رويترز)
TT

في إشارة إلى رفضه برنامج تخطيط الأسرة الذي تبنته بلاده منذ نحو عقدين، حث الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد على الزواج المبكر، داعيا الفتيات الإيرانيات إلى الزواج في سن السادسة عشرة، كما وصف الدعوات لتحديد النسل بأنها «غير إلهية» وأنها «استيراد غربي».

وكانت الجمهورية الإسلامية قد بدأت في تطبيق برنامج حيوي لتخطيط الأسرة في تسعينات القرن الماضي، وقد حصل على إشادة دولية، وقد أسهم في خفض معدل الولادات. وجاء تبني البرنامج بعد أن بلغت معدلات الولادات مستوى قياسيا لدى اندلاع الثورة الإسلامية في 1979.

واعتبر أحمدي نجاد أن تحديد النسل «غير إلهي»، وأنه «استيراد غربي»، وقال «يجب أن نحدد سن الزواج للشباب بعشرين عاما وللفتيات بـ16 و17 عاما».

ونقلت وكالة «الأسوشييتد برس» قوله في صحيفة محلية: «إن معدل زواج الشباب وصل إلى 26 عاما، والفتيات إلى 24، ولا يوجد سبب لذلك».

وكان مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) قد رفع سن الزواج للفتيات عام 2004 من 9 أعوام، بحسب الشريعة الإسلامية، إلى 15 عاما.

ومنذ صعوده إلى السلطة سعى أحمدي نجاد إلى زيادة عدد السكان الذي يبلغ حاليا 75 مليون نسمة.

وكان الرئيس الإيراني قد دشن سياسة جديدة منذ يوليو (تموز) الماضي ترمي إلى زيادة معدلات نمو السكان من خلال تقديم حوافز مالية للمواليد الجدد، معتبرا أن بلاده قادرة على سد الحاجة الغذائية لـ150 مليون نسمة، أي نحو ضعف عدد الإيرانيين الحالي.

ودأب الرئيس الإيراني منذ مجيئه للسلطة عام 2006 على انتقاد السياسة التي تبنتها بلاده بتحديد النسل بطفلين لكل أسرة، داعيا النساء إلى إعطاء مزيد من الوقت «لمهمتهن الجوهرية» ألا وهي تربية الأطفال.

وتذكر دعوات الرئيس الإيراني بدعوات أخرى مماثلة، أطلقها آية الله روح الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران، في 1979، لزيادة عدد السكان، خصوصا بعد اندلاع الحرب العراقية - الإيرانية (1980 - 1988) إذ اعتبرت زيادة السكان في إيران تعود بالمنفعة على البلاد.

ويقول محللون إن دوافع الرئيس الإيراني لتشجيع الشباب على الزواج جزء من جهود حكومته للحصول على دعم الناخبين من الشباب، للحصول على أصواتهم في الانتخابات المقبلة. وقد تراجعت شعبية نجاد بعد الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في يونيو (حزيران) 2009 التي انتهت بإعادة انتخابه، غير أن المعارضة الإيرانية تقول إنه تم التلاعب بالنتائج.

وقال محلل سياسي إيراني، رفض نشر اسمه، «لدينا انتخابات برلمانية في 2012، والمتشددون يريدون كسب أصوات الشباب للفوز بمقاعد البرلمان».

وحذر منتقدون لسياسة نجاد من أن دعوته لتشجيع الزواج والإنجاب سوف تعمل على رفع معدلات البطالة التي تبلغ حاليا 15 في المائة، بحسب إحصاءات رسمية، بينما يقدر عدد العاطلين عن العمل بـ3 ملايين. ومن المحتمل أن تؤدي دعوات الرئيس الإيراني إلى رفع معدلات التضخم أيضا، التي تبلغ حاليا 10 في المائة.

وبسبب ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات في المناطق الحضرية في إيران، فإن معظم الشباب والفتيات يضطرون إلي العيش مع آبائهم ولا يمكنهم تحمل تكاليف سكن خاص لهم بعد الزواج. وكانت الحكومات الإيرانية السابقة قد تبنت إجراءات، من بينها برامج للتثقيف باستخدام حبوب منع الحمل، وهو ما لاقى ترحيبا من الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى ذات صلة بها، بسبب تزايد عدد السكان وما ينتج عنه من مشكلات اقتصادية.

وترزح إيران تحت سلسلة من العقوبات الدولية التي فرضت عليها للجم طموحاتها النووية التي يخشى الغرب من أنها تهدف إلى إنتاج أسلحة نووية.

وفي السياق ذاته، تشجع السلطات الإيرانية الزواج بين الشباب من أجل مواجهة «انتشار التسيب الأخلاقي بين الشباب»، كما حذر رجال دين متشددون وبرلمانيون إيرانيون من مخاطر ارتفاع معدلات الطلاق.

وقال رجل الدين الإيراني المتشدد آية الله ناصر مكرم شيرازي الجمعة الماضي من أن «معدلات الطلاق في ارتفاع، وأن ارتفاع الأسعار ولد مشكلات عدة للمواطنين العاديين».

وفي الغالب تنتقد الناشطات النسوية في إيران القوانين الخاصة بالمرأة في البلاد، سواء تلك التي تحد من حقوق المرأة في الطلاق وحضانة الأطفال أو تلك المتعلقة بحرمانها من العمل أو السفر من دون موافقة الزوج.

ويقول ناشطون إن مطالب النساء لا يمكن تجاهلها في بلد ثلثا سكانه دون سن 30 عاما ويصل فيه عدد خريجي الجامعات من النساء إلى أكثر من 60 في المائة.

وفي السنوات الأخيرة نجحت إيرانيات في دخول حقل السياسة والاقتصاد، كما حصلت الناشطة النسوية الإيرانية البارزة شيرين عبادي على جائزة نوبل للسلام عام 2006، لسجلها في مجال حقوق المرأة والطفل في الجمهورية الإسلامية.