أبرز مستشاري نجاد: تصريحات غيتس تنم عن جهل.. وفوجئنا بمصادره الضعيفة

مجتبى سمارة في مقابلة تنشرها «الشرق الأوسط»: العقوبات لم تؤثر.. وعلى الغرب التوقف عن خداع نفسه

مجتبى سمارة («واشنطن بوست»)
TT

مر أكثر من عام تقريبا على آخر جولة مفاوضات حول الملف النووي بين إيران والقوى الكبرى، التي أعقبتها حزمة عقوبات جديدة وتهديدات عسكرية وتقارير عن هجمات إلكترونية على المنشآت النووية الإيرانية.

وبينما تستعد إيران لجولة مفاوضات جديدة يوم 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل يؤكد مجتبى سمارة هاشمي، أبرز مستشار للرئيس الإيراني، أحمدي نجاد، أن العقوبات ليست ذات تأثير على إيران، ويدعو الدول الغربية إلى عدم خداع نفسها حول فعالية العقوبات.

ويعد سمارة هاشمي (52 عاما) خبيرا في السياسات الخارجية وصديقا منذ وقت طويل لأحمدي نجاد، ويتحدث في مقابلة أجرتها «واشنطن بوست» وتنشرها «الشرق الأوسط»، عن أن فشل العقوبات وراء عودة الغرب إلى مائدة التفاوض. وإلى نص الحوار..

* كيف تنظر إلى المحادثات المرتقبة في 5 ديسمبر بين إيران ومجموعة «5+1» (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا)؟ وهل تشعر أنها يمكن أن تحقق أي نتائج؟

- بسم الله.. توجد نقطة مشتركة وهي استعداد كلا الجانبين للتفاوض. وبالطبع، دائما ما كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية مستعدة للتفاوض. ولكن التأخر في المفاوضات يمثل فرصة جيدة للجانب الآخر ليدرك أثر قراراته السياسية (المتخذة) عبر مجلس الأمن وحتى الإجراءات التي يتم اتخاذها بعيدا عن مجلس الأمن.

* أي قرارات تشير إليها على وجه التحديد؟

- أعني العقوبات.. فحتى لو أرجئت هذه المفاوضات لوقت أطول، فإن نتائج إجراءاتهم ستكون أكثر وضوحا لهم. ولا يعني ذلك أننا نفضل التأخير. ولكن التأخير جيد لهم.

* إذن، أنت تقصد أن العقوبات منيت بالفشل، والآن الأطراف الأخرى مستعدة للحوار؟

- أعتقد أنني أجبت عن تساؤلاتك، وآمل أن لا يخدع نظراؤنا في المفاوضات، وأعني الغربيين، أنفسهم.

* ما الذي يخدعون أنفسهم بشأنه؟

- ليس من طبيعة البشر أن يستمروا في التأكيد على أخطائهم. ومن المناسب عندما يرتكب أحد خطأ أن يعترف به بشجاعة. وعدم الاهتمام بحقوق الدول وحقوق الأمة الإيرانية خطأ جسيم.

* ذكرت مؤخرا مجموعة من الشروط للمحادثات حددها الرئيس محمود أحمدي نجاد. هل لك أن تذكرنا بهذه الشروط؟ وبأي صورة تتوقع إيران من الدول الغربية الاستجابة لهذه الشروط؟

- حددنا ثلاثة شروط، وهذه الشروط لن تمنع التفاوض، وفي الواقع فإن هذه الشروط إجابة عن ثلاثة أسئلة. أولا: عليهم أن يحددوا ما إذا كانت المفاوضات مبنية على الصداقة أم الخصومة. ثانيا: ما هو رأيهم في الأسلحة الذرية التي لدى النظام الصهيوني؟ ثالثا: ما موقفهم من التعديلات الأخيرة على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية؟ وبطبيعة الحال فإنهم إذا قرروا التفاوض على أساس الصداقة، فإن إيران سترد بطريقة ما. وإذا أرادوا التفاوض على أساس العداء، فإننا سنتصرف بطريقة أخرى. وإذا كانوا ملتزمين بالتعديلات التي أدرجت في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، فإن إيران ستتفاوض بطريقة معينة، وإذا لم يكونوا ملتزمين بها، سيكون ردنا مختلفا. وينطبق الأمر ذاته على الموقف من الأسلحة الذرية التي لدى النظام الصهيوني. وإذا لم يحددوا إجابات عن هذه التساؤلات، فإن ذلك يعني أنهم لم يختاروا طريق الصداقة، وعدم الإجابة عن الأسئلة يعني أنهم اختاروا عدم الالتزام بنزع الأسلحة النووية وأنهم يدعمون تسلح النظام الصهيوني بأسلحة نووية.

* ولكن إيران ما زالت تتحدث مع هذه الدول بشأن هذه القضية..

- نعم.

* متى لن تتحدث إيران كدولة صديقة؟ وماذا يعني ذلك؟

- هل يريدون التفاوض في إطار يهدف إلى حماية حقوق الأمة الإيرانية ويصون الاحترام المتبادل والعدالة أم لا؟

* إذن ما هي الإجراءات التي سوف تتخذها إيران إذا لم ترد الدول الغربية بهذه الطريقة؟

- لا يمكنني توقع ذلك حاليا، وعلينا أن نرى كيف ستبدأ المفاوضات. ونأمل أن يحققوا أفضل نفع من هذه الفرصة.

‌* هل التبادل النووي - مثلما اقترح قبل عام في أكتوبر (تشرين الأول) - لا يزال مطروحا بالنسبة لإيران؟

- لا يزال إعلان طهران صالحا، فهو يحدد خط المفاوضات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. والمبادئ الهامة التي ذكرت في الإعلان ستبقى دائما صالحة.

* ماذا إذا ما رغبت الولايات المتحدة في تغيير شروط التبادل، وعلى سبيل المثال كمية الوقود المنخفض التخصيب الذي تحتاج إيران إلى إرساله للخارج؟ وماذا إذا أرادوا إضافة المخزون الجديد من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة إلى الصفقة؟

- إذا كانت لديهم أفكار ومقترحات جديدة، ستقول إيران أيضا رأيها.

* تعني ردا على مثل هذه المقترحات؟

- سيعتمد ذلك على أفكارهم.

* إذن ما الذي ترغب سماعه في مقترحهم الجديد؟

- لا يبدو وكأننا لم نسمع مقترحات جديدة. ننصت، وربما نتفق وربما لا، ولكن علينا أولا أن نسمع هذه المقترحات.

* إذا أرادوا إرسال المزيد من اليورانيوم إلى الخارج، هل سوف تنصت إلى مثل هذا المقترح؟

- بما أننا لم نسمع رسميا عن هذا المقترح، فلا حاجة إلى إجابة رسمية عن هذه النقطة.

* لماذا لا تزال إيران تخصب اليورانيوم إلى 19.75 في المائة؟ ألم تعطكم روسيا وتركيا النظائر الطبية التي تحتاجونها (لمفاعل البحث بطهران)؟

- لا تعني قدرتك على شراء شيء من الخارج أنه يجب عليك أن لا تنتجه بنفسك.

* هل يمكن أن تقول بصدق إن العقوبات الأميركية لا تضر إيران؟

- لا يوجد لها تأثير ملحوظ.

‌* وماذا عن الطائرات الإيرانية التي لا يتم إعادة تزويدها بالوقود؟ يجب ملاحظة ذلك..

- هذه الإجراءات مجرد إجراءات تعبر عن مزاج سيئ، وكأنهم ينفثون عن غضبهم. ولا أحد يقبل ذلك، فهذا دليل على الكراهية.

* هل ستتخذ إيران المزيد من الإجراءات المضادة ضد خطوط جوية تعمل بدول لا يتم تزويد الطائرات الإيرانية فيها بالوقود مثل «بي إم آي» البريطانية؟

- لكل فعل رد فعل بالطبع، ونحن لسنا راضين ويجب علينا أن نتخذ مثل هذه الإجراءات.

* ظهر مؤخرا أن الاتحاد الأوروبي، على عكس الولايات المتحدة، يبيع بنزينا مكررا إلى إيران. كيف ترى هذه السياسات؟

- بصورة عامة، فإنه داخل هذه الدول التي توجد بها شركات لها علاقات أفضل مع حكومات محلية، فإنه من الأفضل لهم إزالة هذه المعوقات. ولكن في النهاية سيتعرضون للضرر. وكما رأيت في قضية البنزين.. فنحن قادرون على أن ننتج المعدل الذي نستورده عادة، بل نقوم حاليا بالتصدير. وحسب آخر الإحصاءات، فإن التجارة بين إيران والاتحاد الأوروبي ارتفعت بنسبة 14 في المائة العام الحالي.

* قال وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، الأسبوع الماضي إن العقوبات فعالة وتؤدي إلى خلاف متنام بين الرئيس والمرشد الأعلى. ما رد فعلكم؟

- هذه التصريحات تنم عن جهل، وتوضح ما يتمناه وزير الدفاع الأميركي. ومن المفاجئ أن شخصا بهذا المستوى الرفيع داخل الحكومة الأميركية على هذا القدر من عدم الدراية أو مصادر معلوماته ضعيفة بهذه الصورة. يضحك الشعب الإيراني على مثل هذه التصريحات. وأعتقد أن الكثير من رجال الدولة في مختلف أنحاء العالم لا يكترثون بهذه التعليقات. وسبب الكثير من قراراتهم الخاطئة هو قلة المعلومات. يعيش هؤلاء في عالم افتراضي، فقاعة، مثل الروائيين. وأنا أحترم الروائيين، عندما يكتبون روايات من أجل كتابة الروايات، ولكن «مؤلفو» بعض التصريحات الأميركية يعتقدون أن رواياتهم صحيحة.

* وعليه، في رأيك ما الأماكن التي يتلقون منها الاستشارات؟

- من أشخاص لهم نظرة أحادية، يعيشون في عالم افتراضي، ومن أعداء إيران أو اللوبي الصهيوني.

* كيف تنظر إيران إلى الأسلحة الأميركية التي يتم تسليمها إلى دول مجاورة في الخليج؟

- تحاول الحكومة الأميركية أن تخلق مناخا من انعدام الأمن داخل المنطقة كي تقنع سلطات هذه الدول بأن تقرر شراء هذه الأسلحة. وبالنسبة لي فإن احتمالية ممارسة ضغوط على هذه الحكومات من أجل شراء هذه الأسلحة تمثل واحدة من هذه الأخطاء، ومن الواضح أنهم لا ينظرون إلى المستقبل.

* ماذا تعني بأنهم لا ينظرون إلى المستقبل؟

- لا يستشرفون المستقبل.

* إذن، ما هو المستقبل؟

- ننتظر لكي نرى ماذا سيحدث في المستقبل؟

* جديا، ماذا يعني ذلك؟

- يجب أن نضيف أن أيا من هذه القرارات لن تمنع أو تعرقل الصداقة والأخوة بين دول المنطقة.

* اسمح لي بالحديث عن المتنزهين الأميركيين، أعني الأميركيين الاثنين اللذين في إيران، موعد محاكمتهما الجديدة في 6 فبراير (شباط) 2011، وهو ما يعني أنهم سيظلون أكثر من 600 يوم من دون محاكمة. ونعرف أن الحكومة بذلت الكثير من أجل تأمين إطلاق سراح سارة شورد كبادرة من جانبها. والآن؛ ما رأيك في هذين الرجلين المسجونين هنا ومن دون محاكمة لمدة 600 يوم؟

- لا تحب الحكومة الإيرانية أن يبقى أحد داخل السجن، بل تحب أن يكون الجميع أحرارا، وأن يكونوا مع عائلاتهم. ولكن لا يعني ذلك عدم تطبيق القانون، والقرار الخاص بهذين الأميركيين في يد القضاء.

* ولكن، ألا يفرض القانون على السلطة القضائية أن تقدمهما للمحاكمة خلال مدة محددة؟

- يعتمد ذلك على الانتهاء من القضية، وإذا تم الانتهاء من القضية، تأخذ ترتيبها استعدادا للمحاكمة. ولكن إذا لم تكتمل وتحتم الحصول على المزيد من المعلومات، فقد تستغرق وقتا أطول.

* هل تشعر بأن هناك فرصة لأن يقوم القضاء بمبادرة مثلما فعل مع شورد وأن يقوم بإطلاق سراح الاثنين؟

- كما قلت، يعتمد ذلك على قرارات القضاء.

* هل تعتقد أن هناك احتمالية لأن يبقيا في السفارة السويسرية خلال الوقت الحالي؟

- هذا شيء جديد تقوله.

* هذه مجرد فكرة؟

- لا تعليق لدي على ذلك.

* ‌قال مسؤولون إيرانيون إن الحركة الخضراء (الحركة المعارضة) ماتت، فما هو رأيك؟

- إذا كان هؤلاء يقصدون أنهم فقدوا قاعدتهم الشعبية، فهذا صحيح تماما. وتراجع الكثيرون، لا سيما عندما أصبح تدخل الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض الحكومات الأوروبية الأخرى في أحداث الانتخابات الإيرانية معروفا، وهي التدخلات التي أدت في الواقع إلى إثارة بعض المواطنين.

* أكثر من 18 شهرا بعد الانتخابات ولا يزال الكثيرون مقبوضا عليهم بسبب ممارسات زُعم أن السبب منها إثارة الفتن. متى ستنتهي عمليات الاعتقال هذه؟

- لا توجد الكثير من عمليات الاعتقال، ولا الكثير من المعتقلين. أطلق سراح الكثيرين، ولكن هناك البعض الذين لم ترفع قضاياهم إلى القضاء. ولكن معظم من ألقي القبض عليهم أحرار. فقيادات الفتنة (المرشحين الرئاسيين السابقين، مير حسين موسوي ومهدي كروبي، اللذين طعنا في نتائج الانتخابات).. حرة منذ البداية وما زالت.

* ولكن ما زلنا نسمع عن الكثير من عمليات إلقاء القبض داخل إيران بصورة شبه يومية؟

- لم أسمع عن شيء من ذلك، وأعتقد أن المعلومات التي لديك غير صحيحة.

* إيران على وشك إجراء إصلاحات جذرية في طريقة توزيع الدعم الحكومي. وإذا نجح هذا الأمر، بأي صورة سوف يساعد ذلك الحكومة على إدارة البلاد؟

- أعتقد أن ذلك سيساعد الحكومة بالكثير من الصور. أولا: سيجعل اقتصاد الدولة شفافا وواضحا بدرجة كبيرة. وفي الوقت الحالي، تنتج الكثير من السلع بمساعدة الدعم، وبعض هؤلاء المنتجين يحصلون على تعويض مقابل خسائرهم أو الجودة الضعيفة من خلال الدعم الذي يحصلون عليه. ثانيا: سيكون هناك الكثير من الترشيد داخل الدولة، وسيتم توفير الكثير من الموارد. ومن شأن ذلك أن يعود بالنفع على الحكومة بدرجة كبيرة. وإذا لم أكن مخطئا، فإن 40 في المائة مما ستوفره الحكومة في ما يتعلق بالدعم سيخصص إلى قطاع الإنتاج من أجل زيادة الجودة ومن أجل تحسين نظم استهلاك الطاقة أو خلق مصادر جديدة للطاقة. وستخصص 20 في المائة للتعمير والتنمية، لا سيما في قطاع المواصلات، الذي سيفضي إلى مدخرات في الطاقة وستجعل أسواق الدولة تنافسية ويحقق توازن بين الصادرات والواردات.

* هل يهدف أيضا إلى تفكيك بعض صور الاحتكار بعينها؟

- لا يعد ذلك من بين الأهداف النهائية، ولكنه سيتحقق بصورة تلقائية. وعلى سبيل المثال، يستهلك قطاع الصلب وقطاع الكهرباء - محطات الكهرباء - الكثير من الطاقة. وبسبب هذا الاستهلاك العالي للطاقة، المدرجة في الدعم، لم يكن القطاع الخاص مهتما بالاستثمار حتى الآن. ولكن في الوقت الحالي، سيكون القطاع الخاص مهتما لأن الأسعار ستكون واقعية. ويمكن أيضا أن ينافس القطاع الحكومي وسيضطر القطاع الحكومي إلى منافسة القطاع الخاص. ويعني ذلك أن المساواة ستزداد وسيتم ادخار الكثير من الموارد.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»