مكاسب الحزب الجمهوري و«تي بارتي» تصب في صالح إسرائيل

نتنياهو أصبح أكثر نفوذا في الكونغرس بفوز اليمين المتشدد

من أولى الخطوات التي يمكن لكانتر القيام بها: التأكد من أن أقرانه سيصوتون لصالح تقديم مساعدات لإسرائيل («نيويورك تايمز»)
TT

عندما زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الولايات المتحدة، حظي باستقبال أكثر دفئا على نحو ملحوظ من قبل أحد النجوم الجمهوريين الصاعدين داخل الكونغرس، ألا وهو النائب إريك كانتر، وهو الزعيم القادم للأغلبية بمجلس النواب.

ولكن في الوقت الذي يبدي فيه كانتر، وآخرون من الجمهوريين الفائزين في الانتخابات، حرصهم على الظهور بمظهر أشد المدافعين عن إسرائيل داخل واشنطن، يبقى المشهد السياسي الأميركي الجديد أكثر تعقيدا وصعوبة في التنبؤ فيما يخص جهود السلام بالشرق الأوسط.

عدد من الأعضاء الفائزين الجدد يدخلون الكونغرس بدعم من حركة «تي بارتي»، يفضلون سياسة العزلة ومصممون على وقف المساعدات الخارجية الأميركية، بغض النظر عن الوجهة التي تقصدها. فمثلا، أبلغ راند بول، السيناتور المنتخب حديثا من كنتاكي والمدعوم من «تي بارتي»، اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة «أيباك»، وهي جماعة ضغط موالية لإسرائيل تتمتع بنفوذ كبير، بوضوح أنه سيعلن رفضه لفكرة حاجة واشنطن لتقديم مساعدات أجنبية، ولمح إلى أنه سيتناول قضايا أخرى، حسبما كشف مصدر مطلع.

من جهته، قال السيناتور تشارلز إي. شومر، الديمقراطي من نيويورك، الذي التقى أيضا نتنياهو: «من أولى الخطوات التي يمكن لكانتر القيام بها: التأكد من أن أقرانه سيصوتون لصالح تقديم مساعدات لإسرائيل».

ويساور القلق شومر وآخرين من أن التأييد الذي تحظى به إسرائيل داخل الكونغرس، وهو أمر كان من الثوابت لدى الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ربما يصطبغ بصبغة سياسية تسفر عن الإضرار بالمصالح الإسرائيلية.

في الانتخابات الأخيرة، كانت سياسة الإدارة تجاه الشرق الأوسط قضية حزبية، استغلها الكثير من الجمهوريين الذين ركزوا على أن الرئيس باراك أوباما يميل نخو اتخاذ سياسات أكثر صرامة إزاء إسرائيل.

وركز على هذه المسألة ألين ويست، وهو جمهوري أسمر، وحقق في ذلك نجاحا كبيرا داخل ضاحية ساحلية تقطنها أغلبية يهودية في فلوريدا. وبعث النائب جون إي. بوينر، جمهوري من أوهايو ومرشح لمنصب رئيس مجلس النواب، بخطابات للتشجيع على تقديم تبرعات موجهة إلى الناخبين اليهود، أعلن خلالها انتقاده للإدارة بسبب ضغوطها على إسرائيل بخصوص قضايا مثل المستوطنات.

من جهته، قال النائب غاري إل. أكرمان، الديمقراطي من نيويورك والرئيس المنتهية ولايته للجنة الفرعية للشؤون الخارجية المعنية بالشرق الأوسط وجنوب آسيا بمجلس النواب: «تلك هي المرة الأولى التي أرى فيها إسرائيل تستغل في السياسات الحزبية».

عمليا، لا يحظى المشرعون بالقوة الضاغطة على السياسات الأميركية بالشرق الأوسط، كالتي يحظون بها إزاء القضايا التي تستلزم موافقة الكونغرس، مثل معاهدة الحد من الأسلحة مع روسيا التي يعوقها حاليا الجمهوريون داخل مجلس الشيوخ، أو المخصصات الكبرى، مثل قانون الرعاية الصحية.

إلا أن ذلك لا يعني أن الكونغرس لا حول له ولا قوة؛ إذ بإمكان المشرعين ممارسة ضغوط عبر فرض قيود على تقديم أموال للسلطة الفلسطينية، أو الضغط من أجل فرض عقوبات أشد ضد جارة إسرائيل العدائية، إيران، أو عبر طرح أسئلة بشأن مبيعات الأسلحة للدول العربية.

كما يمكن لهم توجيه ضربات للبيت الأبيض على صعيد الرأي العام، مثلما فعلوا في أبريل (نيسان) الماضي عندما وقع قرابة ثلثي أعضاء الكونغرس خطابات موجهة لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون حثوا فيها الإدارة على إنهاء التوترات مع إسرائيل حول قضية بناء المستوطنات.

وفي الوقت الذي لم يتراجع فيه البيت الأبيض عن مطالبه، ألقت كلينتون بعد ذلك خطابين يحملان نبرة تميل للمصالحة أمام مجموعات يهودية، وأعادت تأكيد الالتزام الأميركي بأمن إسرائيل.

ومع تمتعها بأصدقاء أقوياء مثل كانتر، الجمهوري من فيرجينيا وأحد أبرز أعضاء الكونغرس، يعتبر البعض أن الحكومة الإسرائيلية واحدة من أكبر الفائزين في انتخابات التجديد النصفي. ويرى محللون أن مجلس النواب الخاضع لسيطرة الجمهوريين سيبدي ميلا أكبر للدفاع عن نتنياهو، حتى في مواجهة أوباما الذي اصطدم مرارا برئيس الوزراء الإسرائيلي حول مطالبه بتجميد البناء الاستيطاني لاستئناف المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين.

وعكست زيارة نتنياهو الأخيرة للولايات المتحدة، على ما يبدو، الدعم السياسي الأقوى الذي أصبح يتمتع به. وألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي خطابا دعا فيه أوباما لتشديد سياسته تجاه إيران. وعندما أعلن الرئيس انتقادا متحفظا للمستوطنات اليهودية في القدس الشرقية، أطلق مكتب نتنياهو ردا ناريا يتسم بالتحدي.

في الليلة التي سبقت لقاءه كلينتون في نيويورك في محاولة لإنقاذ المفاوضات، اجتمع نتنياهو مع كانتر في الجناح الذي يقيم به في أحد الفنادق، وناقش الرجلان الفوز الانتخابي الجمهوري و«التهديد لوجود إسرائيل» الذي تشكله إيران، حسبما ذكر كانتر، الذي قال في مقابلة صحافية: «لديَّ قناعة قوية بأن الأمن الأميركي يسير يدا بيد مع نظيره الإسرائيلي. أما إذا كانت هذه الإدارة تطبق هذه القناعة عمليا فهذه مسألة مختلفة، لكن يبقى ذلك الموقف المعلن للإدارة».

ومع ذلك لا يزال الغموض يكتنف أعضاء الكونغرس المدعومين من «تي بارتي». يذكر أن أحد أبرز نجومهم، ماركو روبيو، سافر في رحلة شخصية لإسرائيل بعد أيام من فوزه بمقعد بمجلس الشيوخ في فلوريدا. ومع ذلك، يشير محللون موالون لإسرائيل إلى أن بول قال ذات مرة إنه لا يعتبر إيران حال امتلاكها قنبلة نووية واحدة مصدر تهديد لإسرائيل، على الرغم من أنه تحول لاحقا نحو مواقف أكثر صقورية.

ويرى أعضاء مخضرمون بالكونغرس أنه في حال نجاح أوباما في التوصل لاتفاق سلام بالشرق الأوسط، سيكون ذلك إنجازا تاريخيا يتجاوز السياسات الحزبية. لكن بداية يتعين على أوباما الوصول إلى هذه النقطة، خاصة أنه حتى حلفاؤه يساورهم القلق من أنه بتورطه في مشاحنات مع نتنياهو يخاطر الرئيس بمصداقيته ويعرض نفسه لانتقادات حزبية.

*خدمة «نيويورك تايمز»