العريضي: المبادرة السعودية السورية بلغت مرحلة متقدمة

صقر يؤكد لــ«الشرق الأوسط» أنها تقوم على منع استهداف المقاومة ووقف الاغتيال السياسي

TT

يجمع المراقبون لتطورات الوضع اللبناني على أن الحراك العربي والإقليمي سواء زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى لبنان، وزيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري التي تبدأ إلى طهران اليوم، وقبلها استقبال أمير دولة قطر حمد بن خليفة آل ثاني للرئيس اللبناني ميشال سليمان قبل يومين في الدوحة، كلها تصب في سياق دعم المبادرة السعودية - السورية لحل الأزمة اللبنانية المتأتية عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والقرار الاتهامي المتوقع صدوره قريبا في قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، وفي وقت جزمت مواقف سياسية أبرزها لوزير الأشغال العامة غازي العريضي أن المبادرة «بلغت مرحلة متقدمة نستطيع أن نتوصل إلى الحل المنشود للأزمة في لبنان»، أكد عضو تكتل لبنان أولا النائب عقاب صقر لـ«الشرق الأوسط» أن «المبادرة السعودية - السورية محكومة بالنجاح، وهي تقوم على قاعدة ذهبية ومعادلة ثابتة تمنع الاستهداف السياسي للمقاومة، وتوقف الاغتيال السياسي في لبنان».

فقد اعتبر عضو تكتل لبنان أولا النائب عقاب صقر أن «مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التي ترجمت بما يسمى التسوية السعودية - السورية، تراعي الهواجس اللبنانية وبالتالي هي محكومة بالنجاح»، وأكد صقر لـ«الشرق الأوسط» أن «أسباب نجاح المبادرة السعودية - السورية تعود لأسباب رئيسية ثلاثة هي:

أولا: إن كل القوى الإقليمية وعلى رأسها سورية وإيران ستتضرر في حال حصول تطورات دراماتيكية في لبنان، لأن لبنان لا يمكن أن يكون غزة ثانية باعتبار أن ذلك سيمتد إلى صراع سني شيعي يترك أثره في الداخل السوري وفي العالم العربي ككل.

ثانيا: إن أي تدهور أمني قد يصيب القوات الدولية في جنوب لبنان، وهذا يعتبر مساسا بالسلم والأمن الدوليين ومساسا بالمصالح الإيرانية السورية، لأن أي أذى يلحق بهذه القوات يتحمل مسؤوليته حزب الله الحليف لإيران وسورية، فضلا عن أن ذلك يضعف المقاومة التي تصبح حينها جسما غريبا في التركيبة اللبنانية ويعطي ورقة مجانية لإسرائيل للاعتداء على لبنان.

ثالثا: لا بديل في الأفق لمبادرة الملك عبد الله، وهذه التسوية محكومة بالنجاح وإن كانت تحتاج إلى بعض الوقت، بخلاف ما تروجه بعض الأصوات الشاذة عن فشل المبادرة، وهذه الأصوات الصادرة عن متضررين بلا حدود يمكن أن تشوش لكنها غير قادرة على العرقلة أبدا».

وأوضح صقر أن «القاعدة الذهبية لصيغة التسوية السعودية السورية تعتبر أن المحكمة الدولية هي جزء من النظام الدولي الذي لا يمكن لأي دولة عظمى أن تغير فيه شيئا، ومناطحتها كناطح صخر حتى يوهنه، والقرار الاتهامي هو أحد إفرازاتها الأوتوماتيكية الذي لا يمكن وقفه أو فرملته بمحاولات بهلوانية مكشوفة»، لافتا إلى أن «الجهود منصبة نحو ما يمكن أن يقوم به اللبنانيون بتهيئة الأرض لتقبل نتائج القرار الاتهامي بأعلى مستويات الوحدة الوطنية وبأقل انقسام وبضمانات سعودية - سورية معززة بدعم تركي إيراني»، وشدد ضرورة «أن لا يتخذ القرار الاتهامي كمنصة للهجوم على المقاومة وسلاحها، إذا ما اتهم القرار لا سمح الله أحدا من عناصر حزب الله، وهذا ما يخشاه الحزب، وفي المقابل ممنوع على حزب الله أن يستغل القرار ويستخدم سلاحه في الداخل وهذا هاجس لدى الشريحة الكبرى من اللبنانيين»، وأكد صقر أنه «بهذه المعادلة الثابتة نكون حافظنا على العدالة والاستقرار معا، وأرسينا قاعدة تقوم على معادلة ثابتة تمنع الاستهداف السياسي للمقاومة، وفي الوقت نفسه توقف الاغتيال السياسي في لبنان، وهذه التسوية ترضي الجميع ولا تبقي البلد مكشوفا أمام مناورات الخارج».

أما في المواقف السياسية من المبادرة، فلفت وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي إلى أن «المشهد السياسي في لبنان الذي يشوبه غليان، لا يعبر عن الواقع بدقة»، وقال: «أستطيع وبشكل جازم وقاطع القول إن التواصل السوري - السعودي قائم، وفي سياق هذا التواصل تم التوصل إلى خطوات متقدمة جدا، والأمور محاطة بالإيجابية، والحركة سرية، وقد تم الاتفاق على نقاط عدة نتيجة هذا التواصل بين المملكة العربية السعودية وسورية، وما يملكه الرئيس (السوري) بشار الأسد والملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز نستطيع أن نتوصل إلى الحل المنشود، فكلام هؤلاء القادة ينم عن حقائق واقعية قائمة وليس مبنيا على تمنيات». وردا على سؤال، رأى أن «الأمور سرية ومحصورة في دائرة ضيقة جدا جدا»، ونحن نتحدث عن واقع ملموس ويجب علينا كلبنانيين مواكبة هذا الأمر وهذه العملية بمناخات إيجابية، وأن الاتفاق والتوصل إلى اتفاق هو خير للبنان وهو يفتح مرحلة جديدة». وعن دعوة النائب وليد جنبلاط الحكومة إلى اتخاذ موقف من المحكمة، لفت العريضي إلى «أن وليد بك مواكب بدقة لتفاصيل المسعى، وهو في قلب الدائرة، وما تحدث عنه هو القرار الظني أو الاتهامي، وهو دعا إلى موقف لبناني موحد منه، لأن ما شهدناه في لبنان من تسريبات في الإعلام هو أمر غير مألوف في سياق جريمة بحجم جريمة استشهاد الرئيس رفيق الحريري»، مؤكدا أن «قرار المحكمة واستمرارية عملها يتجاوز لبنان، ونحن لسنا في سجال مع الرئيس سعد الحريري ونحن نقف إلى جانبه».

بدوره أكد وزير العمل بطرس حرب أن «المبادرة الوحيدة الموجودة اليوم على الساحة اللبنانية هي المبادرة السورية - السعودية التي يمكن أن توفق بين الطروحات المتناقضة التي من الصعوبة أن تلتقي في مكان ما، لأنها تطيح بمبادئ أساسية مرتبطة بالنظام والعدالة وكشف من كان وراء الاغتيالات». ورأى أن «العملية الجراحية التي خضع لها (العاهل السعودي) الملك عبد الله بن عبد العزيز هي من الأسباب التي جعلت المبادرة تتعثر أكثر فأكثر بانتظار عودة آلية العمل السعودي المرتبطة بإدارة الملك»، وشدد على أنه «ليس هناك من مخرج يسمح ببناء المستقبل إلا بالعودة إلى تطبيق المبادئ والقوانين التي تقول إن هناك جريمة ارتكبت ومحكمة أنشئت خصيصا للتحقيق في هذه الجريمة ومعاقبة المجرمين في حال اكتشافهم».

في المقابل أكد عضو كتلة حزب الله النائب نوار الساحلي، أن «حزب الله ما زال مع المبادرة السعودية ـ السورية، وهناك أمل في الوصول إلى حل إذا كان هناك مسعى جدي لذلك»، معتبرا أن «القرار الظني مسيس» وقال: «يجب على المعنيين أن يقتنعوا بأن القرار الظني هو قرار فتنة وليس للوصول إلى العدالة»، مؤكدا أن «المطلب ليس الاستقرار مقابل العدالة، إنما الاستقرار للوصول إلى الحقيقة والعدالة، ونحن لا نقول للرئيس سعد الحريري أن ينسى أمر المحكمة».

ودعا رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية «القوى السياسية إلى التحاور قبل أن تفرض عليها التسوية من الخارج»، ورأى «أن المحكمة الدولية تريد الخراب للبنان، وعلينا تدارك الأمر قبل وقوعه».