إسرائيل تتجه لتحالفات استراتيجية مع دول بلقانية تشاركها القلق من سياسات تركيا

في خطوة وُصفت بأنها التحرك الدبلوماسي الأهم لحكومة نتنياهو

TT

تغيرت البوصلة الإسرائيلية في إقامة التحالفات، ومنذ شهور أخذت هذه البوصلة تشير إلى دول البلقان التي تشارك إسرائيل القلق من سياسات تركيا في المنطقة. ونقل عن مصادر دبلوماسية إسرائيلية القول إن حكومة بنيامين نتنياهو تعمل منذ عدة شهور على بلورة تحالف جديد مع بعض دول البلقان القلقة هي الأخرى، كإسرائيل، من سياسة رئيس الحكومة التركية الإسلامي رجب طيب أردوغان.

ويبدو أن التحالفات الجديدة لا تقتصر فقط على العلاقات العسكرية، وتقول صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية: «إن بعض مقومات الحلف الجديد هي تعاون استخباراتي وتدريبات عسكرية مشتركة، ومئات آلاف السياح».

تأتي هذه التحالفات الجديدة على خلفية انهيار «التحالف الاستراتيجي» الذي كان يربط بين إسرائيل وتركيا، خلال الحرب على غزة وما تلاها من اعتداء على أسطول الحرية، قافلة السفن التركية في نهاية مايو (أيار) الماضي، الذي أدى إلى مقتل 9 متضامنين أتراك، وزاد من توتر العلاقات الإسرائيلية - التركية.

ووصفت «هآرتس» تحالف البلقان الجديد، بأنه أهم تحرك دبلوماسي ذي مغزى أقدمت عليه حكومة نتنياهو بعد انهيار العلاقات مع تركيا، وفي ظل التوتر الكبير وفقدان الثقة الحاصل بين إسرائيل من جهة والإدارة الأميركية من جهة أخرى، إضافة إلى الفتور في العلاقات مع دول غرب أوروبا والقطيعة مع العالم العربي.

أما أهم دولتين رئيسيتين وثقتا علاقتهما بإسرائيل خلال العام الأخير، فكانتا اليونان وبلغاريا، هذا في وقت شهدت فيه العلاقات كذلك بين إسرائيل وكل من قبرص ورومانيا وصربيا ومونتينيغرو (الجبل الأسود) ومقدونيا وكرواتيا، دفئا كبيرا.

والقاسم المشترك الذي جمع بين هذه الدول جميعها وإسرائيل أنها تشاركها قلقها مما وصفته مصادر إسرائيلية بـ«زيادة التطرف في تركيا وتغلغل الجهاد العالمي فيها». وبحسب المسؤولين الإسرائيليين فإن هذه الدول تعتبر أرضا خصبة لإمكانات التعاون الأمني والتكنولوجي والاقتصادي مع إسرائيل.

وضربت «هآرتس» مثلا حول تقوية العلاقات مع هذه الدول، بالزيارة التي قام بها إلى بلغاريا، قبل شهر، رئيس جهاز (الموساد) الحالي مئير دوغان ولقائه رئيس الحكومة البلغارية بويكو بوريسوف. وقالت إن البيان الصادر عن الزيارة أشار إلى إعراب الجانبين عن ارتياحهما لحجم التعاون و«العمليات المشتركة الناجحة لأجهزة الأمن البلغارية والإسرائيلية».

وقال دبلوماسي إسرائيلي كبير على اطلاع بالعلاقات مع بلغاريا: إن بوريسوف أعرب، خلال لقائه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في القدس، مطلع هذا العام، عن رغبته في توثيق التعاون الأمني والاستخباراتي مع إسرائيل «بعد أن أدرك حجم الخطر التركي على بلغاريا التي كانت تحت الحكم العثماني لنحو 500 عام». واقترح رئيس الحكومة البلغارية على نتنياهو أن «يجري سلاح الجو الإسرائيلي تدريبات في أجواء بلغاريا وفي قواعدها العسكرية». وستجرى الجولة الأولى من هذه التدريبات قريبا.

وتحدث الدبلوماسي الإسرائيلي عما وصفه بـ«دفء دراماتيكي» في العلاقات أيضا بين إسرائيل واليونان، في أعقاب القرار الشخصي الذي اتخذه رئيس الحكومة اليونانية يورغوس باباندريو بالتجاوب مع رغبات نتنياهو بإقامة تعاون أمني واستراتيجي مع اليونان في العام المقبل. وبحسب «هآرتس»، فإن العلاقات الوثيقة بين الرجلين تترجم في مكالمات هاتفية أسبوعيا بينهما.

ذلك كله يحدث في وقت يزداد فيه التوتر الإسرائيلي التركي في كل يوم. فقد اتهمت مصادر مقربة من مكتب نتنياهو أنقرة بلعب دور سيئ في تغذية التطرف في الشرق الأوسط، خصوصا في المنطقة المحيطة بالأراضي الفلسطينية المحتلة.

ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن المصادر قولها: «إن تل أبيب لن ترهبها تصريحات أردوغان أو تمنعها من اتخاذ أي إجراءات لضمان أمنها في ظل التهديدات الوجودية التي تتعرض لها».

كانت إسرائيل بذلك ترد على تصريحات لأردوغان في لبنان تعهد فيها بعدم التزام الصمت تجاه أي هجمات تشنها إسرائيل ضد غزة أو لبنان.

وقال أردوغان أول من أمس في لبنان إن بلاده التي «أصبحت اليوم قوة إقليمية ذات ثقل عالمي في مختلف الميادين، لن تقف مكتوفة الأيدي إذا حاولت إسرائيل قصف مدنيين في لبنان أو في قطاع غزة». وأضاف: «إسرائيل تقتل الأطفال في لبنان وتهدم المدارس والمستشفيات وبعدها تطلب منا أن نسكت! وتستخدم أحدث الأسلحة وتدخل غزة وتقتل الأطفال وبعد ذلك تطلب منا أن نسكت! تقوم بالقرصنة في البحر الأبيض المتوسط وتقتل 9 مواطنين من الأتراك كانوا في طريقهم إلى غزة وبعدها تطلب منا أن نسكت! فلن نسكت وسنقول الحق ونكون مع الحق».