ضابط بريطاني سابق درب «المجاهدين الأفغان» على محاربة القوات السوفياتية يحذر: إشراك قوات برية في الحرب على بن لادن وطالبان «غلطة قاتلة»

ضابط الاستخبارات توم كاريو يوكد ان الاعتماد يجب أن يكون على القوات الخاصة والمعارضة الأفغانية

TT

ذكر ضابط سابق في «قوات الخدمات الخاصة» البريطانية (ساس)، قضى اكثر من سنة سرا في افغانستان يدرب قوات المقاومة الافغانية ضد السوفيات، ان عملية للقوات الخاصة تسمح للافغان بمحاربة قوات طالبان هي التي ستتمكن من القضاء على الارهابيين في افغانستان. واوضح توم كاريو الذي قاتل جنبا الى جنب مع «المجاهدين الافغان» ضد السوفيات بعدما غزوا افغانستان قبل عقدين من الزمن ان اشراك قوات برية في الحرب على طالبان سيكون «غلطة قاتلة» وانهم سيستخدمون الغارات الجوية لصالحهم. وذكر كاريو انه كان اول عميل غربي يرتبط بالقوات الافغانية التي تقاتل الاتحاد السوفياتي، واوضح ان طبيعة المعارك هناك «ليست مثل اي شيء يمكن ان تتخيله». تجدر الاشارة الى ان قوات «ساس» المعروفة التي اكتسبت خبرة في افغانستان عندما دربت قوات «المجاهدين» خلال الحرب ضد السوفيات في الفترة بين عامي 1979 ـ 1989، يمكن ان تلعب دورا اساسيا في الحرب ضد اسامة بن لادن الذي يعتبر المتهم الرئيسي في هجمات الشهر الماضي في اميركا او في التعامل مع طالبان. وقد درب رجال الـ«ساس» من امثال كاريو رجال المقاومة على كيفية استخدام صواريخ «ستينغر» المضادة للطائرات.

وكان الضابط السابق البالغ من العمر 43 سنة والذي يدير الان معسكرا للتدريب على المشاق في بلجيكا قد عرض خبرته في افغانستان في كتاب «الجهاد.. الحرب السرية في افغانستان» الذي نشر العام الماضي. وسيتوفر الكتاب قريبا في الاسواق الاميركية. وكان كاريو قد جند في الثمانينات لجمع معلومات استخبارية عن القوات السوفياتية في افغانستان، ولتأسيس معسكر تدريب للمجاهدين الذين يقاتلونهم. كما قضى اكثر من 20 سنة كضابط في العمليات الخاصة في ايرلندا الشمالية وعمان والبلقان.

ورحب كاريو بقرار واشنطن عدم الانتقام الفوري واوضح «انهم، حتى الان، يقولون الاشياء الصحيحة، ويتمهلون، ويبدو انهم يخططون بطريقة صحيحة». وكان المسؤولون العسكريون الاميركيون قد ذكروا في الاسبوع الماضي ان القوات الخاصة الاميركية موجودة في افغانستان، ولكنهم نفوا انها بدأت عمليات. ويسود الاعتقاد بان قوات «ساس» موجودة ايضا في افغانستان، وان كان المسؤولون البريطانيون رفضوا التعليق على النبأ. وتجدر الاشارة الى ان بريطانيا لديها مصلحة خاصة في تحديد موقع بن لادن، فقد لقي اكثر من 200 بريطاني مصرعهم في الهجوم على مركز التجارة العالمي.

واشارت التقارير الصحافية البريطانية الى ان «ساس» قد دخلت في معارك مع قوات طالبان، الان ان العالمين ببواطن الامور شككوا في هذه المعلومات. ووصفها بول بيفر المستشار في الشؤون الدفاعية انها «محض هراء. ان الدخول في معركة حربية سيؤدي للفشل». ويتفق كاريو انه من غير المرجح ان تكون القوات قد دخلت في مهام بعد. وقال انهم ربما يقيمون قواعد ويجمعون معلومات استخبارية ويحاولون كسب ثقة الأدلاء المحليين، وقال «الامر في حاجة الى وقت. وعليك التصرف بطريقة صحيحة».

وتختلف قوات «ساس» اختلافا كبيرا عن القوات الخاصة الاميركية، فهي تندمج مع المقاتلين المحليين اندماجا كبيرا لدرجة ارتداء الملابس المحلية، والحياة على الطبيعة لعدة اسابيع. ويوضح بيفر انه في الوقت الذي تتميز فيه القوات الاميركية بالاعتماد على التكنولوجيا، فإن قوات «ساس» تعتمد على القدرات الانسانية. ويرجح وجود 500 فرد من هذه القوة متوزعين على عدة تخصصات ويعملون في مجموعات قوام كل منها اربعة رجال. وقد اشار الخبراء العسكريون الى ان اي حملة في افغانستان يجب ان تعتمد بشدة على القوات الخاصة مثل «ساس» البريطانية وقوات «دلتا» و«رينجرز» الاميركية. الا ان كاريو يصر على ان اي حملة ناجحة «لا يمكن الا ان تكون عمليات للقوات الخاصة». كما انه يعتقد انه «لن يحدث الكثير» الا مع حلول الربيع بسبب الطقس، وهو الامر الذي يمنح التحالف ميزة لانه يمنحهم الفرصة لتدريب قوات التحالف الشمالي التي تقاتل قوات طالبان.

وكما اوضح كاريو في كتابه فإن الثلوج في افغانستان في فصل الشتاء يمكن ان تكون كثيفة. كما انها الوسيط المثالي لاقتفاء الاثر، وهو الامر الذي يجعل اية عملية في فصل الشتاء اكثر خطورة. والاكثر من ذلك فإن المنطقة التي تتركز فيها قوات طالبان تنتشر فيها الكهوف والانفاق الطبيعية التي لا يمكن متابعتها بتكنولوجيا المراقبة وربما تكون ايضا محصنة ضد القنابل، بحكم طبيعتها. واضاف «عليك الانتقال من كهف الى كهف»، مشيرا الى ان السرية ضرورية للغاية، بما في ذلك ارتداء الحذاء المناسب. فآثار الاحذية العسكرية ستكشف وجود قوات غربية كما يجب ان تتم جميع العمليات في الليل.

واوضح كاريو ان الجيش السوفياتي حاول شن حرب تقليدية ضد المجاهدين كما لو انه يحارب قوات حلف شمال الاطلسي. وقال ان الافغان كانوا يدخلون في معركة نارية ثم يتبخرون، ويختفون وسط الجبال ولذا لم يتم قط تحديد خطوط للمعارك. كما اخطأ الروس في حرمان الجنود الافغان الذين جندوهم من اقامة الصلاة. وقال كاريو انه لا يعرف ما اذا كانت قوات المجاهدين التي عمل معها اصبحت على علاقة بنظام طالبان الاصولي المتشدد. وحذر كاريو من اسراع قوات التحالف بزعامة اميركا الذي لا يزال يتبلور حتى الان بشن عمليات عسكرية في افغانستان. وقال ان الطريقة الوحيدة للنجاح هي توحيد الجهود مع التحالف الشمالي وترك «الافغان يحاربون الافغان». وذكر انه من الضروري «ابعاد الجنرلات المتحمسين عن ذلك الامر والا سينتهي بك الامر في مستنقع كبيرإ فيتنام اخرى. عليك التمهل وتحريك اجهزة الدعاية المناسبة والعمل على ان يفهم الناس هناك ان نهاية طالبان قد اقتربت ولكن لا تقم بعمل كبير والا سيرتد اثره عليك».

ويرى كاريو سببا آخر وراء ضرورة بقاء الصراع بين الافغان، اذ لن يكون بامكان القوات النظامية التفرقة بين قوات طالبان والقوات المعادية لهم. وذكر كاريو ان اي وجود كبير الحجم لقوات اجنبية سيدفع الافغان الذين يخشون من التعرض للغزو مرة اخرى، الى الوقوف الى جانب طالبان. وقال ان القصف المدفعي هو الامر الوحيد المبرر. واضاف ان القوات النظامية الغربية لن تكون مستعدة لما وصفه بـ«الفنون القتالية الوحشية» لكل من طالبان والتحالف الشمالي، مشيرا الى التعذيب والقتل الذي يتعرض له الاسرى. وقال ان القوات الخاصة «تعلم كيف تتجاهل الامر»، مضيفا «هؤلاء الرجال لا يخشون شيئا ولا يخافون الموت. وعدالتهم سريعة ووحشية. لا تفكر في نصوص معاهدة جنيف».

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»