26 ألف أفغاني في السعودية يخشون «شتاء ساخنا» يقضي على ما تبقى من أفغانستان

أبناء الجالية الأفغانية أسعدهم حديث الأمير نايف بشأن أوضاعهم وتسهيل أمورهم

TT

فيما تتجه الأنظار نحو افغانستان والمنطقة المحيطة بها بعد ان أعدت اميركا جيوشها وحلفاءها للحرب ضد الارهاب، صار الأفغان يراقبون بخوف وترقب ما يمكن أن يلحق بمدنهم التي دمر الاحتلال الانجليزي اجزاء منها ثم السوفياتي جزءا اكبر لتأتي الحرب الأهلية وتكمل ما تبقى.

ويعيش الاف العاملين الافغان في السعودية شعورهم بغربة الوطن وجدول لا محدود من الاتهامات التي تبدأ بالارهاب والاتجار بالمخدرات ثم العنصرية والتطرف وغسيل الاموال والعمل غير النظامي لتصل الى اتهامهم بأنهم السبب وراء انهيار كبرى شركات المقاولات والصيانة كونهم يعملون في اي مهنة يجدونها من دهان الجدران الى السباكة وحتى الاعمال التي تحتاج الى قدرة جسدية عالية كالحفر والبناء او حراسة المباني الجديدة في العاصمة الرياض مقابل 70 ريالاً اجرة اليوم الكامل (19 دولاراً) وهو الاجر المتعارف عليه.

وفي ظل هذا الوضع ومطاردة رجال الجوازات للمخالفين من العمالة الاجنبية فان الأفغان يراقبون إعداد أميركا لمواجهة جيوش الاشباح التي تدعم الارهاب العالمي، وهي الحرب التي تأخرت لانها لم تجد اهدافاً استراتيجية او غير استراتيجية لتضربها. وعبر عشرات من الافغان لـ«الشرق الاوسط» عن خوفهم على مصير اهلهم. وقال رجل مسن اسمه مجيب الحق (62 سنة) يعمل في السعودية منذ ثماني سنوات «ان اميركا تقوم باستعراض جديد على كل رئيس اميركي ان يلعبه ليثبت انه اقوى من الذي كان قبله وانه محارب وعظيم استطاع في يوم ان يحرك الجيش ليضيف انتصاراً الى جدول انتصاراته». وتتخوف غالبية الافغان من انهيار ما تبقى من بلادهم ودخولها في مجاعة تزيد من خطورتها ابواب دول الجوار المغلقة.

ولا تغيب المخاوف السياسية عن خيال العامل الافغاني البسيط الذي يخشى من اختلال معادلات الحرب الاهلية وما ينتج عن ذلك من عمليات انتقام وحشية. ولا يتوقف قلق الافغاني عند هذا، لكنه يمتد الى وضعه في السعودية والكويت والامارات واميركا واوروبا التي لا يجد فيها عادة اعمالاً مهنية كبيرة ليشغلها لكنه يعيش فيها عاملاً بسيطاً ربما يكون ضحية لمعادلات الدول.

ولا يتسرب النوم العميق الى عيني العامل الافغاني في السعودية رغم المجهود الذي يبذله طوال يومه بسبب الهموم التي يزيدها تعقيداً صعوبة الاتصال بافغانستان التي تعاني البنية التحتية فيها من الانعدام، ومن خلال تجمعات للعمالة الافغانية تتدارس اخبار الوطن بترقب وخوف على جدار وحيد تبقى في القرية لم يتحطم حتى اليوم.

ويوجد في السعودية اليوم عدد متواز تقريباً من العمالة المدنية للأميركيين والأفغان، حيث تحتل العمالة المدنية الاميركية المرتبة الـ 23 في حجم اليد العالمة الاجنبية في المملكة مع وجود 27.6 الف اميركي يعملون في المراكز الادارية العليا في الشركات ذات رأس المال المختلط وخاصة العاملة في القطاعات النفطية والتقنية والبحثية او المالية، تليها العمالة الافغانية التي تحتل المركز الـ 24 التي يوجد منها نحو 26.2 الف عامل يعملون في المهن العادية وخاصة اعمال البناء، فيما تحتل العمالة الباكستانية التي تعبر عن تضامنها وتعاطفها مع الشعب الافغاني، المرتبة الثالثة في حجم القوى العاملة الاجنبية في السعودية مع وجود اكثر من 800 الف عامل باكستاني يعملون في مختلف المهن من الطب الى قيادة سيارات الاجرة الى التجارة الحرة غير النظامية وفي قطاع الادارة والبنوك والتقنية والزراعة وحتى المهن البسيطة التي تعتمد على القدرات البدنية كالبناء.

قد وجدت الجالية الافغانية المقيمة في السعودية نوعاً من العزاء في حديث الامير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي خلال مؤتمره الصحافي العالمي الذي عقده في الرياض الاحد الماضي واوضح فيه ظروف اتخاذ بلاده قرار قطع علاقاتها مع حكومة حركة طالبان وموقف المملكة من الجالية الافغانية، حيث قال «بالنسبة لقطع السعودية علاقتها مع طالبان فانه واضح في البيان الذى صدر عن وزارة الخارجية وأسباب مواقف سابقة ومواقف غير ودية من طالبان مع السعودية التي عملت من اجل افغانستان، وفي نفس الوقت ارادت ان تعمل من اجل تصحيح مسار طالبان، وكلكم تعلمون الجهود التى بذلتها المملكة مع الافغان في السابق والمؤتمر الذى دعا له خادم الحرمين الشريفين للوفاق بين الافغانيين ولكنه للأسف لم يحقق ذلك وهذا شأنهم». واضاف ان السعودية بذلت في الاحداث الاخيرة جهوداً تعاملت معها طالبان بشكل لم يعبر عن الاخوة او الدين المشترك بغض النظر عن الموافقة عليها، مشيراً الى ان طالبان تعاملت مع الجهود السعودية بشكل لا يليق بالمسؤولين مما اوجد قناعة لدى بلاده من عدم وجود جدوى من ابقاء علاقتها مع سلطة كهذه، فقطعت علاقتها بها بشكل كامل.

واشار الامير نايف الى انه بالنسبة للأفغان فليس من اخلاقيات السعودية وأهلها بأي حال من الاحوال ان تعامل اي انسان بسبب تصرفات انسان آخر من بلده، وقال «الاخوان الافغانيون موجودون بالآلاف في السعودية ويعاملون كما يعامل المقيمون الآخرون، وهم اخوان مسلمون ما داموا يحترمون هذه البلد ويحترمون العمل فيه ويحترمون كل انظمته، فنحن نحترمهم ولا تعميم هنا لاخطاء البعض منهم لان ذلك موجود في كل الجنسيات وحتى من المواطنين، فليس هناك اي معاملة استثنائية للأفغانيين ابداً، وهم كما كانوا ويتمتعون بكل الاشياء التي يتمتع بها كل مقيم في السعودية». واضاف قائلاً «علمت قبل ايام قليلة ان هناك اخوانا افغانيين توجد مشاكل في اقامتهم فبلغت الجهات المسؤولة ان يصححوا اقامتهم ويعطوا لهم فرص العمل ويقيموا، لأنهم ابرياء من كل شيء وليس لهم علاقة، وهم اناس يتحلون بالاخلاق الاسلامية ونحن نحترم من يحترم عقيدته ويحترم نفسه».

ووجه الامير نايف بتقديم التسهيلات اللازمة للمقيمين من الجنسية الافغانية في السعودية الذين انتهت اقاماتهم او يجدون صعوبة في اصدار وثائق سفرهم، مؤكداً أن على الجهات المختصة اصدار كل ما يضمن استمرار اقامتهم في البلاد في اطار الانظمة المتبعة في مثل هذا الشأن تقديراً منه لما يعانيه الشعب الافغاني نتيجة للظروف الدولية المستجدة بعد التفجيرات التي شهدتها اميركا.

=