الخارجية الأميركية: قيام استفتاء في أبيي في موعده غير ممكن

كراولي يطالب قادة شمال وجنوب السودان بتسوية تفاوضية لتفادي وقوع حرب

سوداني من الجنوب ينتظر في أحد مكاتب تسجيل الناخبين للاقتراع على انفصال الجنوب بينما يقف إلى جانبه أحد مسؤولي المكتب في الخرطوم أمس (رويترز)
TT

أكدت وزارة الخارجية الأميركية أمس أن استفتاء منطقة أبيي المتنازع عليها بين شمال وجنوب السودان لا يمكن أن يجرى في موعده المقرر في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لكنها قالت إنه يمكن التوصل إلى تسوية تفاوضية لتجنب الحرب. وكان السودان وضع في نهاية 2005 حدا لأكثر من عقدين من الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب بتوقيع اتفاق سلام ينص على تنظيم استفتاءين متزامنين في التاسع من يناير 2011.

وقبل شهر من هذا الاستحقاق التاريخي تجرى الاستعدادات على قدم وساق للاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان إلا أن الاستفتاء المتعلق بوضع أبيي الذي يجب أن يحدد ما إذا كانت المنطقة ستضم إلى الشمال أو إلى الجنوب يواجه الكثير من التحديات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيليب كراولي أمس: «أعتقد أن فكرة أن الاستفتاء لن ينظم في التاسع من يناير فكرة يشترك فيها الجميع لكننا ما زلنا نشجع الأطراف للعمل على إيجاد تسوية لأبيي».

ويجتمع رئيس بعثة الاتحاد الأفريقي بشأن السودان، رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي في الخرطوم مع كل من الرئيس السوداني عمر البشير ونائبه الأول الجنوبي سلفا كير. وكان الاتحاد الأفريقي اقترح منذ 10 أيام على البشير وكير حلا للخروج من مأزق أبيي لكن لم تكشف أي تفاصيل عنه. وقال مبيكي إن «الجانبين يدرسان اقتراحنا بجدية». وقال كول دينق رئيس منتدى استفتاء أبيي، وهي مجموعة ضغط تعمل على إجراء الاستفتاء، إن «الخيار بسيط: إما أن ينظم الاستفتاء أو أن تضم أبيي مباشرة إلى الجنوب».

وكان الحزب الحاكم استبعد بالفعل في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إجراء الاستفتاء في الموعد المقرر متذرعا بخلافات على معايير الناخبين الذين يحق لهم التصويت. كذلك يرى الكثير من الدبلوماسيين أنه لا يمكن الالتزام بموعد التاسع من يناير نظرا لعمق وحدة الخلافات.

وتشكل منطقة أبيي نوعا من الجسر الطبيعي بين الشمال والجنوب. ومنذ أكثر من 200 عام تهاجر قبائل المسيرية العربية البدوية سنويا إلى أبيي بحثا عن الكلأ والماء لماشيتها. من جانبها لجأت قبائل دينكا نقوك الجنوبية إلى أراضي أبيي مع بدايات القرن العشرين. وتتعايش القبيلتان في هذه المنطقة منذ قرن لكن أحيانا ما تثور بينهما خلافات خلال موسم الهجرة العربية إلى الجنوب. وبعد اشتباكات دامية عام 2008 في أبيي أثارت مخاوف من تجدد الحرب بين الشمال والجنوب رفعت الحركة الشعبية لتحرير السودان الحاكمة في الجنوب وحكومة الخرطوم، اللتان تتنازعان أبيي، الأمر إلى هيئة التحكيم الدائمة في لاهاي. وقضت هذه المحكمة بتقليص حجم هذه المنطقة لتقتصر على منطقة أراضي قبائل دينكا نقوك فيما منحت الجزء الآخر، الذي تتركز فيه حقول النفط، إلى شمال السودان.

وقد لقي هذا القرار موافقة الحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة سلفا كير ومن حزب البشير، المؤتمر الوطني، ومن قبائل دينكا نقوك إلا أن قبائل المسيرية رفضته. وقال أحد زعماء المسيرية: «أبيي ليست بالنسبة لنا مسألة نفط ولكنها مسألة المياه التي لا حياة لنا من دونها». وأشارت دراسة حديثة لمؤسسة «إنترناشيونال كرايسز غروب» إلى أن الذهب الأسود كان «في وقت مضى» هو الهدف في أبيي لكنه لم يعد كذلك الآن مع تقلص مساحة المنطقة. واستنادا إلى قانون الاستفتاء فإن قبائل دينكا نقوك و«باقي سكان» أبيي لهم الحق في المشاركة في الاستفتاء. وتخشى قبائل المسيرية الحرمان من الوصول إلى أبيي في حال ضم المنطقة إلى الجنوب وهذا ما يجعلها تهدد بعرقلة أي استفتاء إذا لم تمنح حق المشاركة فيه. وبذلك تكمن معضلة أبيي في إيجاد تسوية مقبولة من الحركة الشعبية لتحرير السودان وقبائل دينكا نقوك وحزب البشير وقبائل المسيرية.