دمشق تبتهج لرؤية الثلوج بعد غياب عامين.. وعواصف رملية وخسائر في مصر والأراضي الفلسطينية

تحطم زوارق الصيادين في لبنان.. والأرصاد السعودية تتوقع وصول الموجة إلى المناطق الشمالية

جرافة تزيل الثلوج على الطريق الرئيسي بين بيروت ودمشق أمس (رويترز)
TT

الرياض: فيصل آل مغثم رام الله: كفاح زبون بيروت: «الشرق الأوسط»

* استمرت أمس موجة التقلبات الجوية والعواصف في سورية ولبنان ومصر والأراضي الفلسطينية وإسرائيل، بينما تنبأت الرئاسة العامة للأرصاد الجوية بالسعودية بامتداد هذه التقلبات لتشمل مناطق شمال السعودية هذا اليوم.

سورية

* بعد يوم من المطر الغزير غطت الثلوج مدينة دمشق وريفها وغالبية المناطق في سورية واستمر هطول الثلوج والأمطار طيلة يوم أمس، ومن المتوقع أن يستمر يوما آخر أيضا نتيجة تأثر البلاد بامتداد لمنخفض جوي في طبقات الجو كافة مرفقا بكتلة هوائية باردة وعالية الرطوبة.

الثلج أثلج قلوب السوريين، بعد جفاف طويل، ومع أن الحركة العامة خفت، إلا أن محلات الأطعمة وأفران الخبز سجلت حركة كثيفة خلال فترة الظهيرة، لا سيما مع توقع استمرار هطول الأمطار. الحاج أبو فتحي (80 عاما) كان يحمل عدة أكياس خبز وكمية برتقال، خرج من بيته في الصالحية على الرغم من مرضه وعلى الرغم من الثلج والمطر كي يتزود بمؤنة يومين وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أعيش وحدي، وكي لا ينقطع الخبز عندي اشتريت مزيدا منه، فقد سمعت في النشرة الجوية أن الثلج سيستمر 3 أيام، وقلت لنفسي إذا خرجت الآن أفضل قبل أن تزيد سماكة الثلج».

أما طلاب الجامعات والمدارس فقد أفرحهم منظر الثلج صباحا، وبدلا من الذهاب إلى المدارس والجامعات مكثوا في البيوت، ومنهم من خرج للعلب بالحدائق، وكذلك فعل العاملون في المحلات التجارية الذين افتقدوا المتسوقين، أحمد كان يتراشق بالثلج مع جيرانه في سوق الصالحية وقال إنها «فرصة، منذ عامين لم نرَ الثلج في دمشق، لقد اشتقنا له وللبرد كثيرا». إيمان، طفلة عمرها 12 عاما، منعتها أمها من الخروج واللعب مع أصدقائها فصعدت إلى سطح المبنى ومن هناك «راحت ترشق السيارات بكرات الثلج».

كما راحت بشرى هطول الثلوج تطير عبر الهواتف الثابتة والمحمولة والإنترنت بين السوريين، مصحوبة بصور، كل التقطها في منطقته، وما نغص حالة الارتياح العام عدم إمكانيته متابعة التلفزيون لتراكم الثلج على الصحون اللاقطة المنصوبة على أسطح العمارات، وانقطاع التيار الكهربائي أو شبكة الاتصالات الأرضية وبالأخص المناطق التي لا تزال تمديدات الأسلاك فيها خارجية. كما نشط السوريون على شبكات التواصل الاجتماعي منها «فيس بوك» على الرغم من أنها محجوبة في سورية؛ حيث نشر غالبية المشتركين صورا لتساقط الثلوج. مع تعليقات تهانٍ شاعرية وتبريكات وأدعية من دون أن يخلو الأمر من تعليقات لاذعة وساخرة مثل: «الحمد الله وصلت إلى بيتي سالما وربنا يعين الشعب المقطوع» أو بصيغة خبر عاجل «استيقظ السوريون في صبيحة هذا اليوم على قصف هائل للثلوج.. واحتفظوا لأنفسهم بحق الرد» كما لم ينسوا في هذه المناسبة تذكير الحكومة بدعم المازوت لمن يستحقه، التي لا تزال تسكت عنه ولم يعرف مصيره حتى الآن.

المهندس صدام الزهوري قال لـ«الشرق الأوسط»: «ذهبت إلى عملي، لكن عندما عدت إلى البيت خفت أن ينقطع الطريق كوني ساكنا في ضواحي دمشق، وأتوقع غدا ألا أتمكن من الذهاب إلى العمل، فالطريق بين دمشق والضواحي ومدن المنطقة الوسطى انقطع مساء». ويتابع صدام أنه «فرح الناس بالثلج أذهله»، معبرا عن ظنه «أن دمشق لم تشهد ثلجا بهذه الكثافة منذ أكثر من 15 عاما».

وبشكل عام بدأت الحركة العامة تتعطل بعد ظهر أمس؛ حيث أعلن أمس الاتحاد السوري لكرة القدم تأجيل مباريات المرحلة السابعة من دوري المحترفين إلى أجل غير مسمى بسبب سوء الأحوال الجوية، كما أجلت وزارة التعليم العالي الامتحان التقويمي الوطني للصيدلة إلى يوم الأربعاء المقبل، وأغلقت الكثير من الطرقات الواصلة بين المحافظات السورية، ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن المدير العام للأرصاد الجوية إبراهيم خليل مصطفى أن سماكة الثلوج بلغت في محافظة ريف دمشق ما بين 70 و100 سم في عدة قرى. يشار إلى أن هذه الأمطار والثلوج أتت بعد فترة من الانحباس المطري الذي شهدته البلاد؛ حيث أدت إلى ارتفاع نسب الهطول في معظم المناطق السورية، التي كانت مثار جدل في الشارع السوري؛ إذ تداولت المواقع الإلكترونية السورية خبرا عن أن إمام الجامع الأموي الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي أرجع تأخر هطول الأمطار إلى بث مسلسل درامي «ما ملكت أيمانكم» في شهر رمضان الفائت، وإلى قرارات صادرة عن وزير التربية السوري بنقل عدد كبير من المعلمات المنتقبات إلى مواقع إدارية.

لبنان

* لا يزال لبنان يعيش تحت تأثير عاصفة ثلجية قوية ورياح عاتية، خلفت خسائر وأضرارا كبيرة في الأرواح والممتلكات والمزروعات، وحولت الطرقات العامة في كل المناطق إلى مستنقعات كبيرة وبرك من المياه التي غرقت فيها السيارات لساعات طويلة، وأدت إلى توقف كامل لحركة الملاحة في المرافئ، وهي مرشحة للاستمرار حتى مساء الأربعاء، ولهذه الغاية وضعت القوى الأمنية والدفاع المدني وأجهزة وزارة الأشغال العامة في حالة تأهب قصوى تحسبا لأي طارئ، في حين أعطى رئيس الحكومة سعد الحريري تعليماته إلى الهيئة العليا للإغاثة لمباشرة الكشف على الأضرار فور توقف العاصفة وصرف تعويضات للمتضررين بدءا من أصحاب المنازل المنكوبة والمزارعين.

وأدت الرياح العاتية إلى اقتلاع شجرة نخيل على أوتوستراد طرابلس - المينا، سقطت بشكل مباشر على سيارة من نوع هوندا «سي آر في»، مما أدى إلى مقتل سائقتها رولا يمق التي كانت بداخلها، وهي في العقد الرابع من العمر وأم لـ4 أطفال، أما في الجنوب فجرفت الرياح والأمواج العاتية التي تضرب الشاطئ اللبناني نحو 30 منزلا في مخيم جل البحر في صور. وتسببت بغرق 75 مركبا للصيد في ميناء الدالية في منطقة الروشة في بيروت، وأدت أيضا إلى غرق 20 مركب صيد في ميناء ضبية وتضررت 10 مراكب أخرى بشكل كبير. كما أصابت مرفأ صيدا بأضرار جسيمة. وتسببت الرياح، التي وصلت سرعتها في بعض الأحيان إلى 90 كيلومترا في الساعة، في اقتلاع مئات الأشجار العالية والمعمرة، وعدد كبير من أشجار النخيل على الكورنيش البحري عند منطقة المنارة في بيروت، ومئات اللوحات الإعلانية والمحال التجارية، وتضررت مئات السيارات المتوقفة في الطرقات. وارتدت جبال لبنان الوشاح الأبيض، فتساقطت الثلوج على المرتفعات التي تعلو عن سطح البحر 950 مترا فما فوق وغطتها بالكامل وعزلت قرى جبلية عن بعضها، ومنعت قوى الأمن الداخلي السيارات غير المجهزة بسلاسل معدنية من عبور طريق صوفر والتوجه إلى البقاع بسبب تراكم الثلوج، في حين استمرت حركة الملاحة الجوية في مطار بيروت الدولي تعمل بشكل طبيعي، وأفادت مصادر في المطار بأن كل الرحلات المقبلة إلى المطار والمغادرة منه ما زالت في مواعيدها المحددة ولم يتم تأجيل أي منها على الرغم من الظروف الجوية.

أما الطقس المتوقع في لبنان اليوم الاثنين، فهو غائم وممطر بغزارة مع عواصف رعدية متفرقة وانخفاض ملحوظ في درجات الحرارة واشتداد في سرعة الرياح التي تقارب أحيانا 85 كيلومترا في الساعة، مع توقع بتساقط الثلوج ابتداء من ارتفاع 1100 متر ويتدنى إلى حدود 950 مترا مع ما قد يسببه من خطر الانزلاق بسبب الثلوج وارتفاع منسوب المياه على الطرقات.

مصر

* استمرت موجة الطقس السيئ التي تتعرض لها مصر لليوم الثاني على التوالي؛ حيث تأثرت حركتا النقل الجوي والبحري بالمطارات والمواني، مما أدى إلى تحويل الكثير من الرحلات إلى مطارات بديلة وإلغاء رحلات أخرى، إضافة إلى استمرار إغلاق عدة مواني على البحرين الأحمر والمتوسط، إلى جانب شحوط باخرة إيطالية بالإسكندرية.

كما تعرضت المباني بعدة محافظات لانهيارات جزئية، وسجلت نسبة كبيرة للتغيب عن العمل والدوام الدراسي بالمدارس والجامعات، بينما أعلنت وزارة الداخلية حالة الطوارئ على الطرق السريعة، وأغلقت بعض الطرق، ودعت المسافرين إلى ضرورة توخي الحرص الشديد في حال الاضطرار لاستخدام الطرق الأخرى، وأدت حوادث متفرقة من جراء الطقس السيئ إلى مقتل 10 وإصابة نحو 80 شخصا، بمحافظات الإسكندرية والشرقية وأسيوط والقليوبية والدقهلية.

وتعرضت بعض مباني محافظة الإسكندرية لانهيارات جزئية، وأعلنت الأجهزة الأمنية إعادة إغلاق طريق وادي النطرون، الواصل بين غرب القاهرة والساحل الشمالي، بعد ساعات من إعادة تشغيله نظرا لسوء الأحوال الجوية.

على صعيد النقل الجوي، أدى سوء الأحوال الجوية في عدد من دول المنطقة إلى تحويل مسار بعض الرحلات وإلغاء رحلات أخرى. وصرحت مصادر ملاحية بمطار القاهرة الدولي بأن سوء الأحوال الجوية بمطار النزهة الرئيسي بالإسكندرية أدى إلى تحويل مسار عدة رحلات إلى مطار برج العرب (غرب المدينة) ومطار القاهرة الدولي.

وعلى صعيد النقل البحري، قررت سلطات ميناء الإسكندرية استمرار إغلاق ميناءي الإسكندرية والدخيلة لليوم الثاني علي التوالي؛ نظرا لسوء الأحوال الجوية وزيادة سرعة الرياح وارتفاعات الأمواج وهطول الأمطار، كما أدى سوء الأحوال الجوية وزيادة سرعة الرياح إلى شحوط الباخرة الإيطالية (جولي أمارنتو) خارج ميناء الإسكندرية، وذلك عقب عطب أصاب ماكينتها.

وتبين أن الباخرة، التي كانت مقبلة من إيطاليا وتحمل حاويات بداخلها عدة أطنان من مواد الطلاء ومواد الطباعة، جنحت، ويبلغ عدد أفراد طاقم الباخرة 19 شخصا من إيطاليا ورومانيا، وتبذل سلطات ميناء الإسكندرية والجهات المعنية جهودا مكثفة لإنقاذ السفينة وتعويمها.

إلى ذلك، قال مسؤول بهيئة قناة السويس: إن حركة شحن البضائع المارة بالقناة لم تتأثر بإغلاق المواني المصرية على البحرين الأحمر والمتوسط، مشيرا إلى أنه تم إدخال السفن المقبلة من البحر الأحمر، وبلغ عددها 29 سفينة، بينما تم تطبيق قواعد الطقس الرديء على هذه السفن وطلب منها توخي الحذر عند المرور.

وقال إن إدارة القناة منعت أمس الأحد دخول 26 سفينة المجرى الملاحي لقناة السويس بسبب سوء الأحوال الجوية الذي تشهده معظم المحافظات المصرية منذ يوم السبت، بينما تم منع دخول سفن قافلة الشمال المقبلة من البحر المتوسط بسبب انعدام الرؤية وارتفاع سرعة الرياح إلى 40 عقدة في الساعة.

من جانبه، قال اللواء بحري جمال عبد المقصود، مدير عام ميناء العريش البحري: إنه تم إغلاق الميناء اليوم (أمس الأحد) أمام حركة دخول وخروج السفن بسبب سوء الأحوال الجوية، بينما أكد أن حركة العمل الداخلية على الأرصفة مستمرة، إلا أن السفن لن تتمكن من مغادرة الميناء إلا بعد استقرار الأحوال الجوية.

السعودية

* امتدادا لما شهدته عدة دول عربية من تقلبات جوية اليومين الماضية، تنبأت الرئاسة العامة للأرصاد الجوية بالسعودية بامتداد هذه التقلبات لتشمل مناطق شمال السعودية هذا اليوم.

وكشف موقع الرئاسة العامة للأرصاد الجوية السعودي، عن احتمال حدوث عاصفة ترابية على عدد من المناطق شمال وشمال غربي السعودية، مع تدنٍّ في مستوى الرؤية الأفقية، وهبوط في درجات الحرارة.

وبينت توقعات الرئاسة وجود كتلة هوائية باردة، تؤدي إلى انخفاض ملموس في درجات الحرارة، مع نشاط في الرياح السطحية المثيرة للأتربة والغبار تحد من مدى الرؤية الأفقية إلى أقل من كيلومترين، وذلك على مناطق شمال السعودية التي تشمل تبوك والجوف وحائل والحدود الشمالية، كما تزداد سرعة الرياح شمال السعودية، لا سيما الجزء الغربي منها؛ حيث تصل سرعة الرياح في تبوك إلى ما يقارب 35 كيلومترا في الساعة.

وينتظر هطول أمطار رعدية على مناطق شمال شرقي وشمال وسط السعودية، تشمل حائل والقصيم ورفحاء والجوف وحفر الباطن، مسبوقة بنشاط في الرياح السطحية تحد من مدى الرؤية الأفقية.

ويصل تأثير موجة الغبار إلى مناطق غرب السعودية؛ حيث تشير التنبؤات إلى تكون العوالق الترابية في مدينتي مكة المكرمة وجدة، التي تنتظرها أجواء غائمة جزئيا باقي الأسبوع، كما ستعم موجة الغبار مدينة ينبع، شمال جدة.

ووفقا لموقع هيئة الأرصاد الجوية، يتوقع تكون عواصف رعدية في العاصمة السعودية الرياض، مما يتيح فرصة هطول الأمطار، الأمر ذاته على الساحل الشرقي من البلاد، يشمل الدمام والمدن المجاورة لها.

كما تظهر السحب الركامية على المرتفعات من جنوب غربي السعودية، مما يجعل الفرصة مهيأة لهطول أمطار رعدية على مناطق جنوب غربي المملكة، خاصة مرتفعات منطقتي عسير والباحة، التي تشير التوقعات للأيام الخمسة المقبلة، إلى أنها ستشهد أجواء غائمة وعواصف رعدية، مما يتيح احتمالية هطول الأمطار بها طيلة هذا الأسبوع. كما تغطي العواصف الرعدية أجواء جازان، جنوب غربي السعودية، مع حفاظها على درجات حرارة تزيد على 20 درجة مئوية في أدنى حالاتها. وتنشط الرياح السطحية في البحر الأحمر، خاصة على الجزأين الشمالي والأوسط؛ حيث تصل سرعة الرياح إلى أكثر من 50 كيلومترا في الساعة، ويرتفع موج البحر إلى أكثر من مترين، وكذلك الحال في الجزء الشمالي للخليج العربي.

الأراضي الفلسطينية

* بدأت الأمطار مـتأخرة أمس في شمال إسرائيل، وانتقلت منتصف الليل إلى مناطق الضفة الغربية بعد يومين من العواصف الرملية التي قليلا ما تضرب المنطقة.

وشهد مطار بن غوريون الإسرائيلي تشويشات في حركة الإقلاع والهبوط بسبب تدني مدى الرؤية، وطلب تحويل عدة طائرات كان مقررا هبوطها في بن غوريون إلى مطار لارنكا في قبرص، لأسباب تتعلق بالسلامة والأمان، كما أدت الأحوال الجوية العاصفة إلى إغلاق عدد من المطارات الداخلية في إسرائيل بحيث أغلق مطارا حيفا وهرتسيليا.

ولم يتوقف تأثير الحالة المغبرة على المجال الجوي، بل شهدت حركة السفن اضطرابا كبيرا وشهدت المنطقة المقابلة للسواحل في شمال إسرائيل غرق سفينة من بنما وتعطل سفينة أخرى تركية.

وفي الأراضي الفلسطينية، تسببت الأجواء العاصفة المغبرة في أضرار جسمية للمزارعين، وخربت مساحات واسعة من الدفيئات الزراعية، وأثرت سلبا على الحياة العامة، من خلال انقطاعات في الكهرباء، وتوقف بعض المدارس في شمال الضفة.