حزب الله: لا نهدد ولا نتوعد.. ولكن إذا صدر قرار ظني مزور فهل يبقى بلد أو حكومة؟

فتفت لـ «الشرق الأوسط»: الحريري قدم ما يمكن من التنازلات ولم يعد هناك ما يتنازل عنه

TT

تبلغ الحملات التصعيدية التي يشنها حزب الله منذ نحو الأسبوع تزامنا مع قرب صدور القرار الاتهامي، أوجها يوم الخميس المقبل مع الخطاب المنتظر لأمين عام حزب الله حسن نصر الله في ذكرى عاشوراء. وكشفت أوساط حزب الله لـ«الشرق الأوسط»، عن أنه «سيكون للسيد نصر الله يوم الخميس خطاب عالي النبرة، يضع خلاله النقاط على الحروف، خاصة أنه ترك فسحة طويلة للمساعي الخيرة السعودية -السورية. وبالتالي، وبعد تبيان تعثر هذه المساعي وعدم تمكنها من التوصل إلى برنامج معين وانتظار المخارج اللبنانية للبناء عليها، لا بد للنبرة العالية للسيد نصر الله أن تكون بمثابة عامل محفز للفريق الآخر، وبالتحديد لرئيس الحكومة سعد الحريري لأخذ المبادرة قبل صدور القرار الظني». ولفتت الأوساط إلى أن «هناك نقاطا محددة وواضحة يعرفها تماما الرئيس الحريري مطلوب منه المسارعة في إعلانها لتريح الوضع الداخلي والإقليمي». وأضافت: «ما نطلبه من الحريري هو ما يطلبه السوريون نفسه، وعدم إتمام زيارته لدمشق حتى الساعة تندرج في هذا الإطار. فنحن قلنا ونكرر إن ما قبل القرار الظني لن يكون كما بعده ومعطياتنا تؤكد أن بلمار يسلم كاسيزي القرار الاتهامي قبل 22 من الشهر الحالي، وبالتالي فالمطلوب التحرك قبل هذا الموعد».

ورد عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت على ما تشيعه قوى «8 آذار» عن أن الكرة اليوم في ملعب رئيس الحكومة سعد الحريري، مؤكدا أن «الرئيس الحريري قدم كل ما يمكن تقديمه من تنازلات إلى حد أنه لم يعد هناك شيء يقدمه». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «المطلوب اليوم مواقف معينة ومتعقلة من حزب الله على غرار ما صدر عن الرئيس السوري بشار الأسد الذي أكد أنه يقبل قرارا اتهاميا مبنيا على أدلة قاطعة»، معتبرا أن «موقفا كهذا من قبل حزب الله يدفعنا بخطوات كبيرة إلى الأمام».

وشدد فتفت على أن القرار الاتهامي «ليس آخر الدنيا»، مستغربا تعاطي حزب الله مع الملف كأنه يتهم نفسه، وأضاف: «الرأي العام اللبناني مصدوم من طريقة تعاطي حزب الله مع الموضوع. فالحملة التي يشنها الحزب اليوم أسوأ طريقة للدفاع عن النفس». ورأى فتفت أن «الفريق الآخر يعتمد سياسة عقيمة، فكلما قدمنا تنازلا ما يطالبوننا بالمزيد بدلا من ملاقاتنا عند منتصف الطريق»، وقال: «تراجع حزب الله عن التزاماته فيما يخص المحكمة الدولية، من سياسة التهديد والوعيد التي ينتهجها بالإضافة إلى عدم قيامه بأي خطوات إيجابية، كل ذلك عوامل تدفعنا في اتجاه انعدام الثقة بيننا وبينهم»، متمنيا أن يكون خطاب نصر الله يوم الخميس «متعقلا ومسؤولا كما اعتدناه، لأن السيد نصر الله أوعى وأكبر من جر البلاد في اتجاه الفتنة».

وبينما يعتبر بعض قوى «8 آذار» أن «استقالة الناطقة باسم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان فاطمة العيساوي من منصبها، دلالة على عمق المأزق البنيوي الذي يواجه هذه المحكمة»، دعا رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد «الطرف الآخر إلى أن يعيد حساباته ويراجع خياراته، لأن البلد سيتعرض للإساءة وسيهتز وضعه»، وقال: «لا أحد يريد أن يهان في كرامته من دون دليل، ولا أحد يريد أن يشترى قاض ويباع من أجل أن يخدم هذا المشروع السياسي أو ذاك، لا أحد يقبل أن تعتمد أسوأ معايير للعدالة في محكمة لا يعمل فيها إلا رجال مخابرات من كل دول العالم»، وتابع: «نحن لا نهدد ولا نتوعد، لكن طبيعة الأمور هي أن الكرة ستتدحرج تلقائيا بشكل سلبي يهدد الاستقرار في البلد، فماذا إذا صدر قرار ظني مزور ومفبرك وتهم ملفقة ضد أبرياء؟ فهل سيبقى بلد أو حكومة؟ هذا ما نريد أن نلفت النظر إليه، ولكن في النهاية نحن معنيون بأن ننبه ونعطي الحجة تلو الحجة والدليل تلو الدليل، وكل واحد يتحمل مسؤوليته».

وشدد النائب عن حزب الله حسن فضل الله على أن «المقاومة تتعرض لحملة مغرضة»، وقال: «اخترنا توقيتا مناسبا بالنسبة إلينا، ومواتيا كذلك، من أجل البدء في حملة مضادة لمواجهة هذه الحرب الدعائية الإعلامية النفسية، قبل اللجوء إلى أي أسلوب آخر. هم يعلمون أنهم بقرارهم الظني المنتظر لا يستطيعون أن يعتقلوا أحدا، ولا أن يمسوا سلاح المقاومة. صحيح أننا أقوياء ولا ينتابنا أي قلق تجاه ما يحضرون من قرار اتهامي، لكن علينا أن نوضح للناس، لأنه ليس المهم أن تكون قويا فقط».

في المقابل، رأى رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن «الحل لا يكون بالاستسلام لشروط الفريق الآخر، فالقضية ليست مسألة تقويم كلام»، وقال: «إذا استسلمنا لما يريده حزب الله وحلفاؤه عندها نضع لبنان في داهية كبيرة». وحول ما إذا كان حزب الله يهول بـ«7 أيار» جديد أو أي استعمال للعنف مجددا، قال جعجع: «لا أعتقد أن حزب الله يهدد باستعمال العنف في هذه القضية، لأنه يدرك أن استعمال العنف ليس نزهة يستطيع القيام بها في كل لحظة، فهناك مثل يقول: (مش كل مرة بتسلم الجرة)»، مشددا على أن «الدولة اللبنانية ستواجه حزب الله في حال نزل إلى الشارع، إذ لديها قوة شرعية وقوة القانون التي هي أقوى من أي سلاح».

وقرأ عضو كتلة «الكتائب» النيابية ايلي ماروني بسحب رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد كلامه عن مهل زمنية «نية جديدة للبحث بعمق في الملفات واحترام المؤسسات الدستورية، وبالتالي احترام موقعي رئاسة الجمهورية والحكومة»، مشيرا إلى أن «عودة النائب رعد عن كلامه يعني أنه يتخبط بملف الوضع الإقليمي الذي لا يسمح له بالوصول إلى هذا الحد من التهديدات وتحديد أيام لعملية ما». وعن توقعاته بالنسبة إلى الوضع الأمني، قال ماروني: «كل شيء وارد، فالاحتقان موجود ولا نلمس من حزب الله خطاب تهدئة في انتظار ما سيقوله الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله الخميس المقبل»، متمنيا أن «يكون رسالة خير واقتناع بأن ينال المجرم عقابه، فلا أحد يتهم حزب الله، وليأخذ القانون مجراه».