سليمان يرفع جلسة مجلس الوزراء بعد تعثر التوافق.. والمخارج المقترحة تصطدم بالحائط

المعارضة تفرض «شهود الزور» بندا أول.. والأكثرية تنجح في منع التصويت

الرئيس سليمان مترئسا جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
TT

لم تنجح حركة الاتصالات والمشاورات التي نشطت في اليومين الأخيرين في تأمين التوصل إلى مخرج توافقي حول ملف «شهود الزور» على طاولة مجلس الوزراء، الذي لم يفلح في اجتياز هذه العقدة لمعالجة 310 بنود موضوعة على جدول الأعمال.

وبينما التأم مجلس الوزراء بحضور كامل أعضائه برئاسة الرئيس سليمان، الذي استبق انعقاد الجلسة بعقد خلوة مع الرئيس الحريري، لاقى اقتراحا رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس الحريري، من أجل التوصل إلى تسوية ترضي الفريقين، رفضا متبادلا من الجانبين، لتذهب مشاورات اليومين الأخيرين سدى.

وكان الرئيس بري اقترح إحالة ملف «شهود الزور» إلى المجلس العدلي ليبت بصلاحية درسه أم لا، في حين اقترح الرئيس الحريري تشكيل هيئة تشريعية من قضاة للنظر في الملف وبحثه.

وكما كان متوقعا، تكرر بالأمس سيناريو الجلسة التي عقدت في العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إذ بعد التئام مجلس الوزراء، متأخرا عن موعده نحو ثلثي الساعة، طرح رئيس الجمهورية، ميشال سليمان، ملف «شهود الزور»، باعتباره البند الأول على جدول الأعمال، بعد نقاش مستفيض حول أضرار العاصفة الجوية الأخيرة والحرائق التي التهمت الثروة الحرجية في عدد من المناطق اللبنانية.

وأشار وزير الإعلام، طارق متري، بعد انتهاء الجلسة إلى أن الرئيس سليمان شدد على أهمية التهدئة الداخلية، وأكد: «إننا لن نعتبر الانسحاب من شمال قرية الغجر، إذا تم، تنفيذا للقرار 1701»، معتبرا أن «كل ما يؤدي إلى فتنة تحض عليه إسرائيل»، في حين عرض الحريري نتائج جولته الخارجية الأخيرة، لا سيما زيارته إلى كل من إيران وفرنسا، مؤكدا أن «المسعى السعودي - السوري مستمر، لكنه لا يعفينا كلبنانيين من مسؤوليتنا في التهدئة».

وبعد نقاش هادئ، في الشكل لا المضمون، حول ملف «شهود الزور» ومداخلات لعدد من الوزراء، طالب وزراء «8 آذار» بطرح الملف على التصويت لإحالته إلى المجلس العدلي، وهو ما رفضه وزراء «14 آذار». وأعرب رئيس الجمهورية عن قناعته بأن «لا جدوى من التصويت»، ورفع الجلسة من دون أن يحدد الموعد المقبل لانعقادها بعد أن رفض وزراء «8 آذار» الانتقال إلى مناقشة أي بند آخر.

وعلى الرغم من انعقاد مجلس الوزراء قرابة الساعة ونصف الساعة، فإن النقاش لم يحمل جديدا، وهو ما كانت عكسته التصريحات التي جاءت على لسان عدد من الوزراء قبل انعقاد الجلسة. وأكدت مصادر وزارية في «8 آذار» لـ«الشرق الأوسط» أن النقاش «اتسم بالجدية، رغم التباين في وجهات النظر»، مشددة على أن «أجواء الجلسة كانت هادئة على الرغم من حالة التشنج لدى دخول الوزراء إلى الجلسة». وأعربت عن اعتقادها بأن «الأمور تراوح مكانها، لأن لا أرضية للاتفاق على أي ناحية في هذا الملف، لا من الناحية السياسية ولا القانونية».

وفي إطار المواقف الصادرة قبل انعقاد مجلس الوزراء، أعلن وزير الصحة، محمد جواد خليفة، قبل دخوله إلى مجلس الوزراء، أنه «لن يصار إلى مناقشة باقي جدول أعمال جلسة الحكومة قبل البت في ملف (شهود الزور)»، وهو ما أكده وزير الشباب والرياضة، علي العبد الله، بقوله إنه «لن يتم التداول بأي بند قبل البت في (شهود الزور)».

ولفت وزير الزراعة، حسين الحاج حسن، إلى «تمسك قوى (8 آذار) بالبت في ملف (شهود الزور) في الجلسة»، معتبرا أن «وزراء المعارضة لم يتلقوا أي مبادرة توافقية، بل هم الذين أطلقوا المبادرات المطروحة حتى هذه اللحظة».

في موازاة ذلك، استبعد وزير الدولة، جان أوغاسابيان، «انسحاب أي فريق من جلسة الحكومة»، لافتا إلى أن «رئيس الجمهورية سيرفع الجلسة قبل انسحاب أي فريق»، بينما أوضح وزير الدولة، ميشال فرعون، أن «لدينا عدة اقتراحات تقدم بها رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة». وقال: «باعونا هدنة على عيدي الفطر والأضحى، ويحق لنا بهدنة على عيد الميلاد».

وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي غالب غانم، نفى ما تداولته بعض وسائل الإعلام، أمس، لناحية إبلاغه رئيس الجمهورية «رفض المجلس البت في ملف (شهود الزور) قبل التحقيق في الملف الأصلي، أي جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري الموجود لدى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان»، واعتبار أنه «من غير الجائز قانونا البت فيه بالمجلس العدلي». واستغرب غانم أن تُنسب إليه تصريحات للمرة الثانية في موضوع لم يطرح عليه إطلاقا، ولم يتناوله على الإطلاق، لأن المجلس لا يتخذ موقفا إلا بما يعنيه في عمله.