رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا: نتعرض لضغوط لا مثيل لها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي

الشيخ عين الدين لـ «الشرق الأوسط»: بعثنا برسائل إلى ميدفيديف وبوتين لبناء مساجد.. ولم نتلق الرد حتى الآن

مسلم بعد أداء الصلاة في أحد مساجد مدينة نالتشيك التي شهدت اضطرابات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي (رويترز)
TT

كشف الشيخ راوي عين الدين، رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا ورئيس مجلس المفتين، عن أن السلطات الروسية تمارس الضغط على المسلمين، وهو ما قال إنه لم يسبق له مثيل منذ انهيار الاتحاد السوفياتي السابق.

وقال الشيخ عين الدين، في تصريحات خص بها «الشرق الأوسط»: إن الكرملين يقف وراء إنشاء إدارات إسلامية جديدة، في الوقت الذي يحاول فيه المسلمون توحيد إداراتهم الدينية الثلاث. وأشار إلى أن إنشاء الإدارة الدينية الرابعة في مقاطعة ستافروبول جاء على حساب استقطاع بعض صلاحيات الإدارتين الدينيتين المجاورتين في قبرطية بلقاريا وبشكورتستان وبتمويل مباشر من جانب ألكسي غريشن، رئيس مجلس تنسيق المشاريع الإسلامية والاتصالات مع المنظمات الإسلامية التابع لديوان الكرملين.

وأوضح الشيخ عين الدين أن الإدارات الجديدة «تسهم في إضعاف مواقع الإسلام والحد من تطوره وتنميته»، مشيرا إلى أن توحيد الإدارات الدينية لم يلق قبولا من جانب الدولة، وقيل لمن تقدم بهذه المبادرة إن ذلك لا يتطابق مع سياسات الدولة، كما قال إنه على موعد مع رئيس تتارستان رستم مينينخانوف الذي يلتقيه في قازان لمناقشة محاولات الإطاحة بمفتي الجمهورية هناك. وكشف عن أنه تقدم بالكثير من الرسائل إلى الرئيس ديمتري ميدفيديف ورئيس الحكومة فلاديمير بوتين يطلب تخصيص الأراضي اللازمة لبناء المساجد من دون أن يتلقى ردا حتى اليوم، على الرغم من أن القضية مطلب ملح لكل مسلمي روسيا وكانت في الأمس القريب موضوع نزاع بين مسلمي موسكو وجيرانهم ممن اعترضوا على إقامة مسجد تيكستيلشكي وكاد يفضي إلى مواجهة بين الطرفين.

وأضاف الشيخ عين الدين أنه سبق أن طرح هذه القضية منذ سنوات، لكنه اصطدم بعدم تفهم بعض المحافظين أو رؤساء المدن لمطالب المسلمين حول هذه القضية، مشيرا إلى أنهم «يرفضون أحيانا طلب بناء المسجد أو يخصصون المواقع التي لا تتلاءم مع احتياجات المسلمين حين يحددون مواقع بعيدة عن وسط المدينة أو في الضواحي التي لا تتناسب مع أماكن سكن أو عمل المسلمين، كما يرفضون تعيين الأئمة في المناصب المدنية ويطرحون المبررات غير المنطقية لعدم قبولهم».

كانت «الشرق الأوسط» قد حضرت الجدل الذي احتدم بين الشيخ عين الدين وألكسي غريشن، ممثل الكرملين، على هامش الاحتفال الذي أقامه علي حسن جعفر، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى روسيا الاتحادية، في مقر سكنه بموسكو بمناسبة عيد الأضحى المبارك في حضور سفراء عدد من البلدان العربية والإسلامية وأعاد فيه الشيخ راوي عين الدين على مسامع الحاضرين بعض جوانب المشكلة التي تتمثل في نقص المساجد وعدم اتساع المساجد الأربعة الوحيدة في موسكو للمصلين من مسلمي العاصمة وضيوفها من ممثلي الجمهوريات الإسلامية السوفياتية السابقة الذين وفدوا إليها سعيا وراء الرزق.

وفي حديث جانبي مع «الشرق الأوسط»، سرعان ما اتسعت دائرة أطرافه، أعرب الشيخ عين الدين عن مخاوفه التي راودته خلال صلاة عيد الأضحى بعد أن توافد على المسجد «الجامع» ما يزيد على 70 ألفا من المصلين حضروا الصلاة مع سعد الحريري، رئيس الحكومة اللبنانية، وأعضاء الوفد المرافق له، وعدد من سفراء البلدان العربية والإسلامية.

وقال إنه كان يخشى احتمالات حدوث أي طارئ أو تصرف أخرق من جانب أي متطرف أو مدسوس لإفساد أجواء البهجة والأمن التي سادت احتفالات العيد. وأضاف أن مثل ذلك التجمع الكبير كان يحمل في طياته ما لا تحمد عقباه وما كان يمكن أن يسيء إلى سمعة روسيا ومكانتها في الساحة الدولية وينال من قدرتها على حماية أمن مواطنيها. وكشف عن أنه سبق أن انتزع موافقات عمدة موسكو السابق يوري لوجكوف على بناء عدد من المساجد، إلا أنه عاد ونكث عن وعوده قبل أن يتخذ الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف قراره بإقالته في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

كما أشار أيضا إلى أن فلاديمير بوتين، رئيس الحكومة الروسية، وعده، في حضور عدد من أبرز القيادات الدينية خلال اجتماعه بهم في سوتشي، ببناء مسجد في هذه المدينة التي تستعد لاستضافة أولمبياد 2014 الشتوية وتخلو من المساجد، إلا أن شيئا لم يتحقق بعدُ لوضع هذا الوعد حيز التنفيذ.

وشكا الشيخ عين الدين نقص عدد المساجد في العاصمة موسكو التي يقطنها ما يزيد على مليون ونصف المليون مسلم. وحين تدخل ألكسي غريشن، ممثل الكرملين، في الحديث، مؤكدا عدم صحة مثل هذا الطرح، وأن هناك في روسيا ما يزيد على 7500 مسجد، قال الشيخ راوي: إنه من غير الطبيعي أن يكون عدد المساجد في روسيا القيصرية قبل ثورة أكتوبر 1917 ما يقرب من 14300 مسجد بينما لا يوجد الآن سوى 7500 مسجد، وهو ما عاد ليرد عليه غريشن بقوله: إن موسكو قطعت شوطا كبيرا على طريق الصحوة الدينية وسجلت خلال العقدين الأخيرين ما لم تستطع بلدان أخرى كثيرة تحقيقه خلال قرن من الزمان.

واعترف غريشن بوجود أخطاء للدولة، لكنه أشار أيضا إلى وجود أخطاء للإدارة الدينية مناشدا الجميع البحث عن الحلول الوسط. وتوقف عند ما سبق أن توقف عنده الشيخ عين الدين حول ضرورة تبديد مخاوف مواطني روسيا من الإسلام، وهو ما كان يعني به ضرورة تجديد الخطاب الديني وتنقية سلوك المسلمين مما يشوه جوهر العقيدة وسماحة الإسلام. وأشار أيضا إلى عدم جواز ذبح الأضاحي في غير الأماكن المخصصة لذلك، مما كان، ولا يزال، يثير مشاعر غير المسلمين ويؤذي أنظارهم، وهو ما سبق أن حذرت منه السلطات المحلية في أكثر من مناسبة. كان غريشن قد تعمد عدم الاستجابة لتحديد موعد للحديث إلى «الشرق الأوسط»، متذرعا بضرورة إرسال الأسئلة إليه مكتوبة للحصول على إذن بالرد عليها، وهو ما فعلته «الشرق الأوسط»، لكنها لم تتلق ردا على الطلب منذ ذلك الحين.