وكيل مشروعات بن لادن بالسودان مسجون في القاهرة .. سعيد سلامة أدار مشروعات رأسمالها 50 مليون دولار

TT

يعتقد المحققون الأميركيون أن تنظيم القاعدة قد تحول من مجرد خلية أصولية إلى مؤسسة اقتصادية ضخمة متعددة الجنسيات تعمل للانتشار في كل بلدان العالم لتمويل الأنشطة التي يمارسها تنظيم القاعدة وحلفاؤه خاصة جماعة الجهاد المصرية.

ويعد السودان أحد البلدان الذي أقام فيه أسامة بن لادن مسؤول تنظيم القاعدة في الفترة من 1992 إلى 1997 وأسس فيها مشروعات اقتصادية في مختلف مناطق السودان، عمل بها أعضاء الجماعات الأصولية التابعة له من ناحية، واعتبرت تلك المشروعات بمثابة لافتة شرعية لاخفاء الهاربين من وجه العدالة من بلدانهم.

وفي أوراق قضية «العائدون من ألبانيا» والتي صدرت أحكامها في 1999 في مصر العديد من المعلومات حول أنشطة جماعة بن لادن وعلاقته بالجهاد المصرية خاصة وأن هذه القضية طالت بعض أعضاء مجلس شورى الجهاد مثل أحمد سلامة مبروك، وأحمد السيد النجار مسؤول لجنة التنظيم المدني والذي نفذ فيه حكم الاعدام في محاولة تفجير سيارة مفخخة في حي خان الخليلي.

لكن الأكثر اثارة في هذه القضية أنها ضمت من بين المتهمين مدير مشروعات بن لادن في السودان، سعيد السيد سلامة خالد الذي صدر بحقه حكم بالسجن 15 عاماً.

وتذكر أوراق التحقيقات التي أجرتها نيابة أمن الدولة العليا في مصر أن سلامة من مواليد محافظة بني سويف في صعيد مصر ويبلغ عمره 38 عاماً وحاصل على بكالوريوس تجارة من كلية التجارة ببني سويف التابعة لجامعة القاهرة. وقالت تحريات مباحث أمن الدولة المرفقة بأوراق القضية أن سلامة قد انضم إلى جماعة الجهاد في مدينة بني سويف تحت قيادة مجدي كمال وفي نفس المجموعة التي ينتمي إليها الأصولي المصري أسامة أيوب الذي تجرى معه تحقيقات في ألمانيا حالياً لمعرفة صلته بمحمد عطا أحد الانتحاريين المشتبه في أنه قاد طائرة وارتطم بها في برج التجارة العالمي بنيويورك.

وغادر سلامة مصر إلى السعودية عام 1990 عقب انشقاق قاده حسام البطوطي عن جماعة الجهاد وهو الانشقاق الذي اندلع على أثره صراع بين جماعة الجهاد والبطوطي انتهى بمقتل الأخير وهروب خلية الجهاد ببني سويف والتي عرفت حركياً باسم «مجموعة الشادر».

قابل سلامة مسؤول مجموعته مجدي كمال في السعودية حيث كلفه باستقبال عناصر مجموعة الشادر وربطهم بقيادي جماعة الجهاد محمد سعيد العشري تمهيداً لدفعهم للمشاركة في الجهاد الأفغاني ضد الاحتلال السوفياتي. والتحق سلامة في 1993 بمؤسسة بن لادن وتولى وهو هناك استقبال أعضاء جماعة الجهاد أحمد فاروق وأحمد عبد الرحيم وعصام شعيب وعصام عبد التواب وهم من مجموعة الشادر حيث تولى تدبير أماكن اقامتهم واعاشتهم في جدة قبل تسفيرهم إلى اليمن.

ووفقاً لأوراق القضية فقد كلف أسامة بن لادن سلامة بالاشراف على مشروعاته التي يمتلكها بالسودان وكانت تعد في ذلك الوقت النواة الاقتصادية لتنظيم القاعدة قبل أن يتوسع التنظيم في مشروعاته الاقتصادية في أنحاء شتى من العالم وتبلغ قيمة تلك المشروعات 50 مليون دولار وهي : 1- مشروع الزراعة بجنوب السودان.

2- شركة وادي العقيق وتضم عدة مشروعات من بينها مصنع لانتاج الطوب ومزرعة لانتاج الألبان ومزرعة لانتاج اللحوم ومزرعة بمنطقة قنب.

3- مصنع لدباغة الجلود بالخرطوم.

4- شركة الهجرة للانشاء والتعمير وعملت بمشروع انشاء طريق بطول 700 كيلو متر بين مدينتي عطبرة وهيا.

واعترف سلامة في التحقيقات التي أجرتها معه مباحث أمن الدولة المصرية أنه كان يقيم في جدة ويتردد على اليمن وسورية قبل الوصول إلى السودان خشية رصده من قبل الأمن السعودي ودون اثبات أية أختام دخول أو خروج من السودان على جواز سفره حيث كان يسمح له بدخول الخرطوم بورقة منفصلة صادرة من ادارة جوازات السودان عبر أحد العاملين في جهاز الأمن السوداني.

وخلال الفترة من 1993 إلى 1998 والتي كان يتردد فيها على السودان، أقام سلامة بحي مركز الرياض بالخرطوم والذي كانت تقيم به عناصر جماعة الجهاد المصرية واتخذت من مسجد الواضحي بنفس الحي حيث كان يلتقي سلامة بشكل شبه دوري بقيادات جماعة الجهاد خاصة علي أمين الرشيدي المعروف باسم أبو عبيدة البنسيري والذي كان يقود عمليات القاعدة ضد القوات الأميركية في الصومال قبل أن يقتل غرقا في بحيرة فيكتوريا.1996 وأضاف سلامة أنه قام في نهاية 1997 بتأسيس شركة للنقل الثقيل في السودان بالمشاركة مع مواطن سوداني واخر سعودي برأسمال قدره 125.000 دولار.

وقامت السلطات السعودية بتوقيفه في ابريل (نيسان) 1998 ورحلته إلى مصر حيث تسلمته السلطات المصرية لتبدأ رحلة التحقيقات والمحاكمة التي انتهت بعقابه بالسجن 15 عاماً.

ورغم انكار سلامة لكافة الاعترافات التي أدلى بها أمام مباحث أمن الدولة وانكاره لها في تحقيقات النيابة فإن المتهم عصام عبد التواب والذي صدر بحقه حكم بالاعدام في محاولة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق الدكتور عاطف صدقي أكد معرفته له وأنه كان أحد قيادات تنظيم الجهاد في مجموعة الشادر ببني سويف. وذكر عبد التواب أنه قابل سلامة في جدة 1990 وان كنيته أبو سلامة، وقال انه أخذ منه جواز سفره وسلمه لمحمد سعيد العشري لاحضار تأشيرة دخول إلى باكستان وعندما فشل في ذلك قام سعيد سلامة بتسفيره إلى اليمن وأعطاه تذكرة السفر إلى هناك. وينتمي سلامة إلى أسرة فقيرة الأمر الذي اضطره للعمل وهو صغير للانفاق على نفسه حيث عمل حداداً من السابعة صباحاً حتى السابعة مساء حتى حصل على الثانوية العامة 1982 والتحق بكلية التجارة جامعة القاهرة فرع بني سويف والتحق بالقوات المسلحة المصرية لأداء الخدمة العسكرية.