دبلوماسيون أوروبيون: الأدلة الأميركية ضد بن لادن تتضمن صورا بالأقمار الصناعية واتصالات اعترضتها الاستخبارات ومعاملات مالية وتجارية

TT

قدمت الحكومة الاميركية اول من امس ادلة مفصلة الى حلفائها في حلف شمال الاطلسي «الناتو» والى حكومة باكستان حول مسؤولية شبكة اسامة بن لادن عن تفجيرات نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر (ايلول) الماضي. واوضح ريتشارد باوتشر المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية ان المعلومات قدمت الى دول اخرى رفض تسميتها. وذكر المسؤولون الاميركيون والاوروبيون ان الادلة تشمل نصوص اتصالات تم اعتراضها بالاضافة الى معلومات تتعلق بمشاركة بن لادن في عمليات ارهابية سابقة. وذكر هؤلاء المسؤولون ان الحكومة البريطانية والوكالات الاميركية هي التي قدمت تلك المعلومات الاستخبارية. وناقش فرانك تايلور المسؤول عن مكافحة الارهاب في وزارة الخارجية الاميركية الادلة مع ممثلي «الناتو» في العاصمة البلجيكية بروكسل. وفي اسلام اباد قدمت السفيرة الاميركية هناك ويندي تشيمبرلين الادلة التي تم جمعها حتى الان الى الرئيس الباكستاني برويز مشرف في لقاء دام 90 دقيقة. واعترف المسؤولون الاميركيون بان عليهم اثبات التهمة على بن لادن ومنظمة القاعدة اذا رغبوا في الاحتفاظ بالتأييد الدولي لحملتهم على الارهاب. وتجدر الاشارة الى ان بعض القادة العرب، بالرغم من تأييدهم خطط الولايات المتحدة لمكافحة الارهاب، ذكروا انه من الاهمية بمكان ان تثبت واشنطن انها تلاحق الفاعلين الحقيقيين.

واوضح باوتشر «اننا نجمع قضية قوية ضد القاعدة (شبكة بن لادن) وهذه عملية تجميع معلومات. هناك كمية كبيرة من المعلومات توضح لنا وللاخرين ان القاعدة مسؤولة. لقد ذكرنا طوال الوقت اننا سنطلع الحكومات الاجنبية على هذه المعلومات قدر المستطاع». واضاف ان المعلومات سرية ولن يتم الكشف عنها في الوقت الراهن. وقال مسؤولان اميركيان ان دور بن لادن في تفجيرات نيويورك وواشنطن اتضح بعد ثبوت علاقة بعض منفذي هذه التفجيرات بتفجير السفارتين الاميركيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998 وبالهجوم على المدمرة كول في ميناء عدن اليمني العام الماضي. وفي بروكسل ذكر جورج روبرتسون الامين العام لـ«الناتو» ان الولايات المتحدة قدمت «ادلة واضحة دامغة. ومن الواضح ان كل الطرق تقود للقاعدة وتشير الى اسامة بن لادن بأنه متورط فيها». في الوقت نفسه ذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان الولايات المتحدة لم تقدم لحكومته ادلة حاسمة على مشاركة بن لادن في احداث 11 سبتبمر (ايلول)، لانه من الواضح، ان وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية «سي آي ايه» لا تثق في اجهزة الاستخبارات الروسية. الا ان بوتين ذكر ان روسيا لاتحتاج لمعلومات اضافية، قائلا «نحن لسنا في حاجة الى معلومات اضافية بشأن اشتراك بن لادن في هذه الهجمات. فهذا واضح بالنسبة لاجهزة خدماتنا الخاصة الا ان اجهزة الاستخبارات الروسية لم تحدد بعد الدور الذي لعبه بن لادن بالضبط ويمكن لزملائنا الاميركيين ان يساعدوا في هذا المجال».

وفي باكستان، كرر مشرف ان على الادارة الاميركية ان تتقدم بأدلة ضد بن لادن. وذكر مصدر باكستاني كبير ان تشيمبرلين قدمت ملامح تفصيلية عن القضية ضد بن لادن والقاعدة مدعومة بالوثائق. وردا على سؤال حول ما اذا كانت باكستان في حاجة للاقتناع بدور بن لادن المحتمل في التفجيرات الاخيرة، ذكر المصدر ان من المرجح ان تستخدم المعلومات في اقناع العناصر المعتدلة بين الاصوليين في جماعة طالبان الحاكمة في افغانستان بالانفصال عن الملا محمد عمر زعيم طالبان الذي سمح لابن لادن بالبقاء في افغانستان رغم احتمالات الهجوم العسكري الاميركي.

لكن من الواضح ان امام مشرف جماعات اخرى عليه اقناعها. فقد شارك اكثر من 10 الاف من انصار الحزب الاسلامي الباكستاني الموالي لطالبان في مظاهرة في شوارع العاصمة اسلام اباد وادانوا مشرف والولايات المتحدة. وقد شعرت الشرطة بالقلق من حماس الجماهير ومستوى المشاعر المضادة للغرب لدرجة انهم ابقوا رجال الاعلام الغربيين في فنادقهم. في الوقت ذاته كانت لهجة سفير طالبان في باكستان عبد السلام ضعيف استرضائية بعض الشيء خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في مدينة كويتا في جنوب غربي باكستان. فقد طالب ضعيف الولايات المتحدة بالتفاوض وقال ان ادارة الرئيس جورج بوش يجب ان تقدم ادلة على جرم بن لادن لحكومة طالبان. واكد ضعيف «نحن على استعداد للتفاوض. ويبقى على الجانب الاخر الموافقة. ان طريق المفاوضات هو الطريق الذي سيحل مشاكلنا». لكن المسؤولين في الادارة الاميركية رفضوا الدعوة للتفاوض وكرروا ما سبق ان ذكروه وهو أن تسليم بن لادن امر لا يقبل التفاوض.

وذكر دبلوماسي اوروبي عن الادلة الاميركية انها «تتضمن اشخاصا يتحدثون عن قيامهم بالعمل. ومناقشات عن روابط شخصية بين بن لادن واشخاص نظموا الهجوم واعوانهم». واوضح الدبلوماسي «توجد ادلة اخرى علي تحويلات مالية وتجارية ـ تأسيس شركات لشراء الاسلحة ـ واشياء مثل ذلك». الى ذلك، ذكر مسؤول كبير في وزارة الخارجية «اننا لن نجادل الناس. لقد تعرضنا لهجوم ومن حقنا الرد... ولكننا تعهدنا بتقاسم المعلومات وهذا ما نفعله. لقد اطلعنا اجهزة تطبيق القانون والقنوات الاستخبارية على ما لدينا من معلومات ونفعل ذلك الان مع القنوات الدبلوماسية».

وكان الدبلوماسيون الاوروبيون الذين استمعوا الى العرض الذي قدمه تايلور في مقر «الناتو» قد ذكروا ان المعلومات التي قدمها «بالرغم من افتقارها الى الادلة المادية كافية لادانة بن لادن ومنظمة القاعدة وطالبان بتهمة المشاركة في ارتكاب افعال ارهابية». فاضافة الى صور التقطتها الاقمار الصناعية واتصالات اعترضتها وكالات الامن الاميركية التي وصفت بأنها «ظرفية على افضل الاحوال» فإن الدبلوماسيين ذكروا ان الكثير من الادلة السرية معروفة علنا، مثل سيرة بن لادن الشخصية ودور منظمته في عمليات ارهابية سابقة مثل الهجوم في عام 1998 علي السفارتين الاميركيتين في كل من دار السلام ونيروبي ووضع التحقيقات الحالية. واوضحت تلك المصادر ان هذه العناصر تشمل قائمة من التحويلات المالية وعمليات تحويل مصرفية عبر القارات ومعاملات باستخدام بطاقات الائتمان من قبل الخاطفين المشتبه فيهم، بالاضافة الى روايات عن علاقات شخصية مثل الزواج الاخير لواحدة من بنات بن لادن من الملا عمر. وحسب مسؤول في الادارة الاميركية فان واشنطن لا تقدم المعلومات ذاتها الى جميع الدول المعنية بل ان كمية المعلومات ودرجة خطورتها تتوقف على مدى قوة علاقات اميركا معها. الى ذلك، عبر جاك سترو، وزير الخارجية البريطاني، امس عن امله في امكانية الكشف عن الادلة الاميركية. ففي مقابلة مع تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي» قال سترو انه يدرك ان دولا كثيرة تسأل عن الادلة، مضيفا ان المسألة تخضع لبحث دقيق «ونحن نأمل في فعل ذلك لكن هذا لن يكون على نحو يعرض مصادرنا للخطر».

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»