رئيس وزراء بريطانيا يعرض مساعدة الجيش لإعادة فتح مطار هيثرو

العاصفة الثلجية تكلف لندن مليار جنيه استرليني يوميا وحركة الطيران في أوروبا تتحرك ببطء

عدد من المسافرين ينامون في إحدى قاعات مطار هيثرو في لندن أمس بعد أن ألغيت رحلات الطيران بسبب الثلوج منذ يومين (رويترز)
TT

في وقت تستمر فيه العاصفة الثلجية في شل الحركة في الكثير من البلدان الأوروبية، يحذر خبراء اقتصاديون من إمكانية أن تعيد العاصفة الثلجية الوضع الاقتصادي الهش في الكثير من البلدان إلى وضع متردٍّ. وقالت صحيفة الـ«ديلي تيليغراف» البريطانية إن العاصفة تكلف بريطانيا مليار جنيه استرليني يوميا، مع إلغاء العديد من رحلات الطيران وامتناع المتسوقين عن التوجه إلى الأسواق في فترة من المفترض أنها الأكثر ازدحاما في العام، لأنها تسبق عيدي الميلاد ورأس السنة.

وذكر معهد الأبحاث الاقتصادي والأعمال في لندن، أن الاقتصاد البريطاني سيتأثر بخسائر تصل إلى مليار جنيه استرليني يوميا، إذا استمرت الثلوج بالتساقط والتسبب بتعطيل الحركة في المطارات وعلى الطرقات. وقدرت شركة التأمين «رويال آند سان» الخسائر الاقتصادية بأنها قد تصل إلى 1.2 مليار جنيه استرليني.

وجاء ذلك في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون أن فصل الشتاء الحالي هو الأبرد الذي يحل على بريطانيا، منذ 100 عام. وأعلن كاميرون في مؤتمر صحافي عقده في مقر رئاسة الوزراء أمس، أنه عرض على الشركة المشغلة لمطار هيثرو التي لا تزال تكافح لإعادة فتح المدرجات، الاستعانة بالجيش البريطاني. وقال إن الجيش مستعد للمساعدة في إعادة فتح المطار. وعبر كاميرون عن خيبته من تباطؤ أعمال فتح المطار، أمام عشرات الآلاف من المسافرين العالقين منذ أيام. ومساء أعلن مطار هيثرو أنه تمكن من فتح مدرج ثان لاستعماله مما يعيد تحريك حركة الطيران بوتيرة أسرع.

وكما حركة الطيران، شلت أيضا حركة القطارات بين الكثير من المدن البريطانية أمس. وعلقت جميع رحلات شركة «إيست كوست» المشغلة للقطارات بين لندن والشمال الشرقي. وبحسب متحدث باسم هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) فإن مئات المسافرين تقطعت بهم السبل على ستة قطارات في أماكن مختلفة بين لندن وبيتربرو في شرق البلاد. ولم يكن بإمكان الشركة المشغلة لتلك القطارات الخيار إلا بإجلاء الركاب العالقين في مجموعة تضم كل منها 20 شخصا وسط درجات حرارة دون الصفر. وعلقت جميع الرحلات على متن القطارات من وإلى محطة كينغس كروس في لندن ونصحت شركة «إيست كوست» للقطارات جميع الركاب بالعودة إلى منازلهم.

أما بالنسبة لمشهد المطارات في بريطانيا فلم يتغير منذ أن بدأت العاصفة الثلجية نهاية الأسبوع الماضي، فاستمر الطقس شديد البرودة في تعطيل الرحلات الجوية في بريطانيا، في حين تكونت طوابير طويلة في محطة «يورو ستار» للقطارات في لندن لركاب يسعون لإيجاد طريق بديل بسبب مأساة السفر. وفي الوقت الذي قدمت فيه هيئة «سالفيشن أرمي» الخيرية الحساء والمشروبات الساخنة للركاب الذين استبد بهم القلق والغيظ حول محطة «يورو ستار» للقطارات في سانت بانكراس وسط لندن، ذكرت شركات تشغيل القطارات أنها سيرت 80 في المائة من خدماتها إلى باريس وبروكسل. وامتدت الطوابير التي شكلها آلاف الركاب أمام محطة سانت بانكراس إلى ميل ونصف الميل، ووقف الركاب لأكثر من 7 ساعات في الخارج بانتظار حصولهم على فرصة السفر. وقالت الركبة الإيطالية سيمونا سوتي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع مقرف للغاية». وروت أنه بعد أن قامت الخطوط البريطانية بإلغاء رحلتها مع عائلتها يوم السبت الماضي من لندن (هيثرو) إلى ميلانو، حاولت مرارا وتكرار الانتظار في المطار على مدى 3 أيام من دون نتيجة واضطرت بعدها لحجز تذاكر جديدة على متن قطارات «يورو ستار» وانتظرت لأكثر من سبع ساعات، لتسمع بعدها بأن خدمة القطارات توقفت هي الأخرى.

وبدا الركاب في حالة عصبية شديدة ووصف مسافر أميركي جاء من شيكاغو وعلق في لندن، بأن بريطانيا هي أسوأ من بلاد العالم الثالث لأنها ليست المرة الأولى التي تواجه فيها البلاد موجة صقيع من دون أن تتحضر لذلك. وأضاف أن الثلوج تغطي المطارات في أميركا ولكن لم تتأثر أي رحلة جوية أو برية بذلك. وقال متحدث باسم «يورو ستار»: «نطالب جميع العملاء الذين حجزوا للسفر قبل الكريسماس بأن يستردوا أموالهم، ما لم يكن لسفرهم ضرورة». وفي الوقت نفسه، ذكرت شركة الخطوط الجوية البريطانية «بريتيش إيرويز» أنها ما زالت تعاني من «تعطل شديد» لرحلاتها داخل وخارج مطار هيثرو في لندن، لا سيما الرحلات القصيرة.

وفي اتصال أجرته «الشرق الأوسط» مع المسافر اللبناني زخيا الخوري العالق في مطار هيثرو وهو في طريقه إلى بيروت أمس، وصف الوضع في المطار بأنه فوضوي للغاية، فهو حصل على بطاقة الصعود إلى الطائرة لأن رحلته كانت محجوزة ليوم أمس وكانت رحلته مقررة إلى بيروت في الساعة الواحدة بعد الظهر، إلا أنه تم تأجيلها لغاية الساعة الثالثة و11 دقيقة بعد الظهر. وأضاف الخوري بأنه لم يتم السماح للركاب الذين انتظروا طيلة الليل والذين كان من المقرر أن يسافروا قبل يوم أمس بالدخول إلى المطار وطلب منهم إجلاء المطار، وقال الخوري إنه تم إلغاء رحلة تابعة لـ«طيران الشرق الأوسط» أول من أمس، والمشكلة كبيرة جدا لأن هناك عددا كبيرا من الركاب الترانزيت القادمين من كندا وأميركا في طريقهم إلى بيروت عبر لندن. وبالنسبة للخوري فقد وصل إلى المطار عند الساعة الثامنة من صباح أمس، ولكن لم يحصل على أي معلومات من السلطات في المطار تفيد بموعد الإقلاع أو هبوط الطائرة من بيروت، وقال مصدر في «طيران الشرق الأوسط» إنه لم يتم ترك أي راكب من دون مساعدة، إلا أن المشكلة أكبر من الشركة. ووصف الخوري الأجواء في المطار بأنها محزنة، فهناك ركاب ينامون على الأرض ويصرخون بوجه موظفي المطار بسبب عدم إعطاء المعلومات الكافية.

وفي اتصال أجرته «الشرق الأوسط» مع توماس هامبورغ رئيس وحدة علاقة السفر العالمي في مطار زيوريخ، قال: «البريطانيون غير متعودين على العمل في مجال السفر والملاحة والنقل في ظروف طقس قاسية على عكس السويسريين، ففي مطار زيورخ يتم تنظيف المدارج ابتداء من شهر أكتوبر (تشرين الأول) ولكن لا يمكننا أن نلقي باللائمة على البريطانيين فهم ليسوا مهيئين لمثل هذا الطقس». وأضاف هامبورغ أن حركة الملاحة في مطار زيورخ طبيعية ولكن هناك بعض الرحلات التي كانت متوجهة إلى لندن ألغيت بسبب إغلاق المطارات هناك، وهناك نحو 60 مسافرا عالقين في قاعات الترانزيت منذ نهاية الأسبوع الماضي بسبب عدم حيازتهم على فيزا شينغن، وتم الاتصال بالشرطة في المطار لإعطائهم الحق في دخول الأراضي السويسرية كحالة خاصة إلا أن الطلب رفض بسبب مسائل أمنية. ولكن تم إعطاء جميع الركاب البطانيات والمراتب والمشروبات الساخنة والمأكولات، فجميع الرحلات من وإلى زيوريخ مستمرة باستثناء تلك المتوجهة أو الآتية من لندن وبعض الرحلات إلى فرانكفورت، كما توجد بعض الطائرات التي تم تحويل مسارها واضطرت للهبوط في زيوريخ بدلا من لندن من بينها «طيران الإمارات» و«الخطوط السنغافورية».

ونالت فرانكفورت أيضا نصيبها من موجة البرد مما اضطرها إلى تعليق الرحلات الجوية في مطار فرانكفورت، وقال أمس ناطق باسم مطار فرانكفورت في غرب ألمانيا إن الرحلات الجوية استؤنفت صباح الثلاثاء في هذا المطار الذي يعتبر الأكبر في البلاد، لكن تعين إلغاء 300 رحلة من أصل 1300. ولم تتمكن الطائرات من الإقلاع ولا الهبوط بسبب رداءة الأحوال الجوية وقد ألغيت الاثنين 376 رحلة جوية من أصل 1400 في هذا المطار الذي يعتبر أحد أكبر مطارات أوروبا مع لندن وباريس. وردا على سؤال لوكالة وكالة الصحافة الفرنسية رفضت شركة «لوفتهانزا» أكبر شركة جوية أوروبية تقديم أي توقعات حول متى ستعاود نشاطها الاعتيادي نظرا للوضع في فرانكفورت كما رفضت تقييم الأضرار الناجمة عن سوء الأحوال الجوية. من جهة أخرى أعلن ناطق باسم مطار ميونيخ (جنوب) إلغاء خمسين رحلة من أصل 1100 موضحا أن حالات الإلغاء «ناجمة خصوصا عن سوء الأحوال الجوية في مطارات أخرى» حيث إن العاصمة البافارية لم تتعرض حتى لسوء الطقس، مؤكدا أن عدة رحلات كانت متوجهة إلى مطارات أخرى هبطت في ميونيخ.