تونس: تسجيل أول حالة وفاة بالرصاص الحي في أحداث سيدي بوزيد

انتقال الاحتجاجات إلى العاصمة ومدينة منزل بوزيان المجاورة

TT

سجلت مساء أول من أمس أول حالة وفاة بالرصاص الحي في الأحداث التي تشهدها منطقة سيدي بوزيد الواقعة على بعد 265 كلم من وسط تونس، وذلك بمعتمدية منزل بوزيان الواقعة على بعد 35 كلم من مركز ولاية محافظة «سيدي بوزيد».

وفي تونس العاصمة خرج أمس مئات التونسيين في مظاهرة احتجاجا على تفشي البطالة وللتعبير عن تضامنهم مع شبان منطقة سيدي بوزيد التي شهدت اشتباكات مع الشرطة خلفت سقوط قتيل برصاص الأمن أول من أمس.

وانطلقت المظاهرة التي شارك فيها نقابيون وحقوقيون وطلبة ومدونون من بطحاء محمد علي، أمام مقر الاتحاد التونسي للشغل لتجوب شارع المنجي سليم.

ورفع المتظاهرون شعارات «عار عار يا حكومة الأسعار شعلت نار» و«الشغل استحقاق» و«لا لا للاستبداد» و«الحرية كرامة وطنية». وألقى قياديون ونقابيون كلمات أمام المحتجين طالبوا فيها بحق الشبان الحاصلين على شهادات في عمل يكفل حياة كريمة لهم. وقدر نقابيون عدد المتظاهرين أمس بالعاصمة تونس بنحو 500 شخص. وقال سفيان الشورابي، أحد المشاركين في المظاهرة، إن الناس خرجوا بشكل عفوي للتعبير عن التعاطف مع شبان سيدي بوزيد المطالبين بحقهم في العمل.

من جهته، قال النقابي سليمان الرويسي لـ«رويترز» إن المسيرة هي رسالة لشبان سيدي بوزيد بأنهم ليسوا وحدهم، وأن مطالبهم مشروعة وتتطلب حلولا عاجلة. وأضاف «نحن هنا أيضا لنقول كفى للمعالجة الأمنية لأن الوضع سيزيد تعقيدا في حال استمر الوجود الأمني بسيدي بوزيد والرقاب والمزونة والمكناسي وبوزيان».

إلى ذلك، قال عبد السلام الحيدوري، ناشط نقابي من منزل بوزيان، إن شابين آخرين قد أصيبا في الحادثة إصابات بليغة وهما رامي النصري (معلم) الذي تلقى طلقة في الصدر بالرصاص الحي، فيما أصيب الشاب نوفل العياشي (تلميذ) بطلقة نارية في البطن، وقد أجريت لهما عمليتان جراحيتان بالمستشفى الجهوي بصفاقس الواقعة على بعد نحو 150 كلم من مدينة سيدي بوزيد، وهما في وضع صحي حرج للغاية.

وحول ملابسات الحادثة التي أدت إلى المواجهات الدامية بمنزل بوزيان، قال الحيدوري إن قوات الحرس التونسي قد عذبت أحد المواطنين المحتجين، وألقت به خارج مركز عملها في وضع صحي سيئ للغاية وهو ما جعل المحتجين يهاجمون بضراوة مركز الحرس الوطني بمنزل بوزيان وهو ما اضطر قوات الأمن هناك لإطلاق الرصاص الحي بصفة عشوائية على صفوف الشباب الغاضب، مما أصاب الشاب محمد البشير العماري (28 سنة) حاصل على شهادة جامعية في اختصاص الرياضيات، إصابة مباشرة أدت إلى وفاته رغم المحاولات اليائسة لإنقاذه وحمله على جناح السرعة إلى المستشفى الجهوي بمدينة صفاقس (نحو 350 كلم من العاصمة التونسية).

وحول الوضع الأمني بمدينة منزل بوزيان التي أصبحت مركز الاحتجاجات، قال عبد السلام الحيدوري إن المدينة محاصرة بالكامل، وهي تعيش فيما يشبه حظر التجول بالنهار والليل، إذ تمنع قوات الأمن أكثر من شخصين من السير معا.. كما أن بقية الطرقات المؤدية للمدينة قد أغلقت بالكامل، وقد أمرت قوات الأمن عائلة الضحية محمد بشير العماري بالعودة على أعقابها، وكانت متوجهة إلى صفاقس لجلب جثمان ابنها بغية دفنه.. وقال إن العائلة تلقت تعليمات صارمة بعدم المجازفة بالتوجه إلى أي مكان. وذكر شاهد عيان أن الاحتجاجات متواصلة بباقي المدن القريبة من مركز ولاية سيدي بوزيد وذلك بمدينتي بن عون والرقاب بالخصوص، وهما اللتان تشهدان مسيرات احتجاجية تضامنا مع أول ضحية تعرفها المواجهات الاحتجاجية في الجهة.

وكانت وزارة الداخلية التونسية قد أصدرت أمس بلاغا حول حادثة القتل بالرصاص الحي قالت من خلاله، إن أحداث شغب جدت في مدينة منزل بوزيان بولاية سيدي بوزيد قامت خلالها مجموعات من الأفراد بحرق قاطرة لأحد القطارات وإضرام النار في 3 سيارات للحرس الوطني قبل أن تهاجم مركز الحرس بالمدينة. وأورد البلاغ أن المجموعات الغاضبة قد حاصرت وهاجمت مركز الحرس وقذفته بالزجاجات الحارقة والحجارة بعد أن وضعت الحواجز في الطرقات القريبة ثم أقدمت على إضرام النار في بناية المركز من الخارج وحاول عدد من الأفراد اقتحام مركز الحرس بالقوة. وأضاف البلاغ أن قوات الحرس الوطني حاولت التصدي لهم وأطلقت طلقات نارية تحذيرية في الهواء إلا أن المجموعات واصلت محاولة اقتحام مركز الحرس الوطني مما اضطرها لاستعمال السلاح في «نطاق الدفاع الشرعي عن النفس»، كما جاء في نص البلاغ.. وهو مما أدى إلى مقتل شاب وجرح اثنين فيما أصيب عدد من أعوان الأمن بحروق من بينهم اثنان في حالة غيبوبة، حسب ما أوردت ذلك الرواية الرسمية.

وقال النقابي إن الشاب تسلق عمود كهرباء للتوتر العالي وهو يصرخ «يكفي بؤس، يكفي بطالة». وزار وزير التنمية محمد نوري جويني الخميس سيدي بوزيد ليعلن عن إجراءات رئاسية لإحداث وظائف وإطلاق مشاريع بقيمة 15 مليون دينار (الدينار يساوي 0.52 يورو).

من جهته، دعا الحزب الديمقراطي التقدمي (معارضة مصرح لها) إلى وضع حد لحملة الاعتقالات وفتح حوار مع مكونات المجتمع المدني والعاطلين عن العمل الشباب. وتشهد ولاية سيدي بوزيد اضطرابات اجتماعية منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) بعد يومين من محاولة انتحار أقدم عليها بائع متجول احتجاجا على مصادرة الشرطة لعربته التي يستخدمها لبيع الخضر والفواكه في مدينة سيدي بوزيد. وقد قام بإحراق نفسه وأصيب الشاب بحروق يعالج منها في المستشفى قرب العاصمة تونس.