كردستان: قنبلة حق «تقرير المصير» التي فجرها بارزاني من أبرز أحداث العام

طفرة في علاقات الإقليم الخارجية دبلوماسيا واستثماريا

TT

حدثان بارزان ميزا عام 2010 في كردستان هما انعقاد اجتماع قادة الكتل العراقية تحت ظل مبادرة رئيس الإقليم مسعود بارزاني لإخراج العراق من أزمته السياسية جراء تأخير تشكيل الحكومة العراقية، والثاني إطلاق بارزاني في ختام العام لدعوته لإقرار حق تقرير المصير للشعب الكردي والذي أثار ردود فعل متباينة على الصعيدين العراقي والعربي.

ولكن الحدثان لم يغطيا على بقية الأحداث التي وقعت في إقليم كردستان خلال شهور العام، فقد كانت كردستان مركزا لاستقطاب الحدث تارة، ولصنعه تارة أخرى.

وفيما عدا ذلك، كانت الانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت في السابع من مارس (آذار) لا تقل أهمية عن هذين الحدثين، خصوصا أنها أفرزت حقيقة تثبيت المعارضة الكردية بقيادة كتلة التغيير التي يقودها نوشيروان مصطفى أقدامها في كردستان من خلال حصولها على ثمانية مقاعد منافسة بذلك الاتحاد الوطني الكردستاني وهو الحزب العريق في الخارطة السياسية الكردستانية، حيث استطاعت الحركة زحزحة شعبية الاتحاد الوطني في معقله الرئيسي بمنطقة السليمانية وفرض نفسها كقوة جديدة على الساحة السياسية الكردستانية، مما أنعش الآمال الشعبية بتأسيس جبهة معارضة للحزبين الرئيسيين اللذين استأثرا منذ أكثر من أربعة عقود بالقرار السياسي بكردستان. ويعود ظهور حركة التغيير إلى انتخابات العام الماضي 2009 عندما خاضت لأول مرة انتخابات برلمان كردستان وفازت بربع مقاعده بواقع 25 مقعدا. وأثار فوز حركة التغيير بتلك النسبة من مقاعد البرلمان العراقي ردود فعل غاضبة من الاتحاد الوطني الذي لجأ - حسب قيادات التغيير - إلى اعتقال عدد كبير من أنصارها، وفي غضون ذلك هدد قيادي في الحركة باللجوء إلى المحكمة الاتحادية لوقف خروقات التحالف الكردستاني. ورغم تلك الخلافات التي ظلت على حالها إلى اليوم فقد شاركت حركة التغيير في تشكيل كتلة الائتلاف الكردستانية التي ضمت بالإضافة إليها كلا من التحالف الكردستاني بحزبيه الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية، وهي الكتلة التي أخذت على عاتقها قيادة المفاوضات الكردية في بغداد مع الكتل السياسية العراقية.

ومن الأحداث البارزة أيضا المؤتمر الثالث للاتحاد الوطني الذي انعقد في الأول من يونيو (حزيران) بالسليمانية بمشاركة 1690 عضوا ترشح 250 منهم لعضوية القيادة، والمجلس الاستشاري المكون من 80 عضوا. وأسفرت انتخابات المؤتمر عن تشكيل مجلس قيادي جديد دخلت بموجبه 9 نساء إلى الهيئة القيادية، وكذلك تأسيس المجلس الاستشاري من 80 عضوا يضاف إليهم 21 آخرون بتزكية من الأمين العام طالباني.

ومع اشتداد الأزمة السياسية في العراق جراء تأخر تشكيل الحكومة العراقية، وإثر عودته من زيارة إلى إيطاليا طرح رئيس الإقليم مسعود بارزاني مبادرة لجمع قادة العراق على طاولة مفاوضات واحدة للتفاهم حول النقاط الخلافية، ووصل طالباني إلى أربيل للقاء بارزاني والإشراف معا على رعاية اجتماع القادة العراقيين في أربيل وكان في مقدمة الحاضرين رئيس الوزراء المكلف نوري المالكي وزعيم القائمة العراقية إياد علاوي. ووصف طالباني الاجتماع بأنه «تاريخي»، والمالكي يؤكد على أن هناك «ثلاث نقاط مهمة هي الوحدة الوطنية والمصالحة والشراكة». وبعد الاجتماع الأول انتقلت المحادثات إلى بغداد وأثمرت قبيل عيد الأضحى عن اتفاق لتقاسم السلطة.

وفجر بارزاني في مؤتمر حزبه قنبلة بدعوته إلى حق تقرير المصير للشعب الكردي، وقال في كلمة له بالمؤتمر «إن المؤتمر يعقد في وقت تحققت فيه معظم أهداف الحزب السياسية بفضل جهود شعبنا ونضال البيشمركة. فالحزب الذي تأسس كضرورة تاريخية وتولى قيادة ثورة الشعب التحررية قد خط لنفسه طريق النضال السياسي والجماهيري لتحقيق مطالب شعبه في الديمقراطية والحكم الذاتي ثم تبني الفيدرالية، وقد أكدت المؤتمرات السابقة للحزب أن الكرد كأي شعب آخر في العالم له حق تقرير المصير، والآن فإن أعضاء الحزب يطالبون بإدخال حق تقرير المصير في منهج الحزب وبرنامجه وسيطرح هذا المطلب على المؤتمرين لاتخاذ القرار اللازم بشأنه». وأثار الإعلان ردود فعل قوية من جانب القوى العربية مما دفع نيجيرفان بارزاني، نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، إلى أن يصدر بيانا صحافيا يطمئن فيه العراقيين وقادتهم السياسيين إلى أن «دعوة الرئيس بارزاني بتبني حق تقرير المصير لا تعني الانفصال عن العراق، وأن قرارنا هو البقاء ضمن إطار الدولة العراقية». وأكد مسعود بارزاني نفسه ذلك بقوله إن حق تقرير المصير هو في إطار العراق الفيدرالي ولا يعني الاستقلال. وخلال العام ارتفعت وتيرة الاستثمارات بإقليم كردستان، وأعلن رئيس هيئة الاستثمار أن «حجم الاستثمارات الأجنبية في كردستان فاق 12 مليار دولار، وتتوقع حكومة الإقليم أن يزداد حجمها أكثر من ذلك، ولذلك فهي تعمل حاليا على وضع الخطط لجذب الاستثمارات العربية، وخصوصا الخليجية، إلى كردستان».

وشهد العام طفرة مهمة في علاقات الإقليم الخارجية وتم افتتاح القنصلية المصرية في أربيل كأول بعثة دبلوماسية في كردستان، كما قررت الخارجية البريطانية رفع تمثيلها الدبلوماسي في كردستان إلى مستوى القنصلية. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بدا رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حكومة الإقليم، فلاح مصطفى، فخورا بإنجازات دائرته وهو يعدد 18 قنصلية ومكتب تمثيل دبلوماسي معتمدة في كردستان، مؤكدا أن «العدد سيزداد في السنة المقبلة بعد تلقي الدائرة إشعارات من ثلاث دول عربية أخرى بفتح ممثلياتها في الإقليم».