«إخوان» مصر يعيدون ترتيب مسارهم بعد «نكسة» الانتخابات البرلمانية

مرشدهم ركز على الدعوة كاستراتيجية ثابتة

متظاهرون سوريون يحملون جريحا بعد إطلاق الغازات المسيلة للدموع من القوات السورية في إدلب أول من أمس (رويترز)
TT

تواجه جماعة الإخوان المسلمين في مصر واقعا سياسيا مختلفا بخسارتها في الانتخابات البرلمانية التي جرت مطلع الشهر الماضي وخرجت منها صفر اليدين، خاصة في ظل خطاب «متشدد» من قبل قيادات بالحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) تبلور في المؤتمر السنوي السابع للحزب الذي انتهت فعالياته قبل أيام، بالإضافة لعدم قدرة الجماعة على بلورة موقف «موحد وفعال» للمعارضة في البلاد.

ونفت الجماعة التي تتعامل معها الحكومة المصرية بوصفها جماعة محظورة قانونا ما تردد حول إحالتها مشروع تأسيس حزب سياسي لمكاتبها الإدارية بالمحافظات لاستطلاع آرائها حول تلك الخطوة، مؤكدة أن الجماعة لن تتقدم للجنة أحزاب يترأسها أمين عام الحزب الحاكم بحكم منصبه كرئيس لمجلس الشورى، وقال الدكتور محمد مرسي المتحدث الرسمي باسم «الإخوان» إنه «لن نتقدم لتأسيس حزب في ظل مناخ فاسد.. هذا كلام مدسوس، ومن غير الواقعي أن نقدم على خطوة معروفة النتائج سلفا» في إشارة لرفض تتوقعه الجماعة من لجنة شؤون الأحزاب التي وصفها بـ«الخصم والحكم».

ويشترط قانون الأحزاب السياسية في مصر لتأسيس حزب سياسي جديد حصوله على موافقة لجنة شؤون الأحزاب التي يترأسها رئيس مجلس الشورى وعضوية وزير الداخلية، ووزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية، و3 من الرؤساء السابقين للهيئات القضائية أو نوابهم من غير المنتمين إلى حزب سياسي، و3 شخصيات عامة من غير الحزبيين.

وكانت جماعة الإخوان قد أقرت فكرة إنشاء حزب سياسي في اجتماع مجلس شورى الجماعة عام 1989، وفوض المجلس مكتب الإرشاد (أعلى سلطة تنفيذية بالجماعة) لدراسة الأمر عام 1995.

ويرى مراقبون أن الجماعة تواجه تحدي «إعادة ضبط مسارها» خلال الفترة المقبلة بعد أن خرجت صفر اليدين من الانتخابات البرلمانية الأخيرة، مشيرين إلى أن حصول «الإخوان» على 88 مقعدا في انتخابات 2005 أضر بالجماعة أكثر مما أفادها، و«هي الآن مطالبة بإعادة رسم أولويات عملها».

وقال الدكتور محمد حبيب نائب المرشد السابق إن «النظام المصري لم يكن قادرا ولا مستعدا لاستيعاب عدد نواب (الإخوان) في الانتخابات البرلمانية في 2005 وهو ما كان يعني تأثر الجماعة سلبيا بهذا الحضور على الساحة السياسية، والمطلوب الآن هو العودة إلى الوظيفتين الأخريين للجماعة وهما التربية والدعوة».

وأشار حبيب إلى أن الهدف الرئيسي من الحضور السياسي لـ«الإخوان» على ساحة العمل العام هو تشكيل فضاء قانوني لممارسة الدعوة والتربية، ما دام المناخ العام غير مهيأ للمنافسة على السلطة.

وبينما رأى مراقبون أنه من اللافت أن يوجه الدكتور محمد بديع مرشد جماعة الإخوان أول رسائله عقب انتهاء فعاليات مؤتمر الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) إلى مسؤولي التربية بالجماعة، وهو ما فسره البعض على أنها رسالة إلى الحزب الحاكم بتركيز الجماعة خلال الفترة المقبلة على الدعوة، قال الدكتور عصام العريان المتحدث الرسمي للجماعة إن دور المرشد هو التأكيد على ثوابت «الإخوان» ووضع استراتيجيات العمل وأفضل الوسائل لتحقيقها، «في هذا الإطار يمكن فهم رسالة المرشد»، مضيفا أن الصف الإخواني يشكو في بعض الأحيان من الطابع السياسي لرسائل المرشد.

وكانت تقارير دولية قد حذرت من أن استبعاد التيار الإسلامي المعتدل «يفضي إلى إضعاف مصادر التحديث والاعتدال في المجتمع الإسلامي والعربي، ويقود بالضرورة إلى المزيد من تأجيج نار الفتنة والعنف ومن التطرف، بالإضافة إلى ظهور تيارات متشددة».

وحرصت الجماعة في بيانها الأسبوعي على تأكيد مشاركتها قوى المعارضة في تشكيل «برلمان شعبي»، لكن قيادات بالجماعة أعربت عن قلقها بشأن رؤية المعارضة لطبيعة ودور هذا البرلمان.

وكانت خلافات في المعارضة حول اسم البرلمان المقترح قد أجلت إعلانه، وتحفظت الجماعة على اسم «البرلمان الموازي»، لكنها أكدت مشاركتها في الوعاء المطروح من القوى والأحزاب السياسية تحت مسمى «البرلمان الشعبي» لملاحقة «الفساد، وما وقع من تزوير خلال انتخابات مجلس الشعب الماضية».

ويواجه برلمان المعارضة حالة من الانقسام بعد تراجع حزب الوفد الليبرالي عن استضافته في مقاره، في وقت قالت قيادات بالحزب إن «العقبة الرئيسية هي سيطرة الإخوان المسلمين عليه، خاصة في ظل وجود قرار حزبي بعدم التنسيق مع الجماعة».