لبنان: «عين الحلوة» هادئ حتى إشعار آخر

«اللينو» لـ «الشرق الأوسط»: هناك مساع يائسة لتفجير الوضع نواجهها بالشراكة والتفاهمات

TT

يفتح أبو حسن دكانه كل يوم عند الساعة السابعة صباحا، آملا أن يمر نهاره على خير؛ «فنحن في عين الحلوة حيث الأمور قد تتأزم في أي لحظة». هاجس انفجار الوضع داخل المخيم يتشارك به قسم كبير من اللاجئين الـ80 ألفا، الذين يعيشون في مساحة لا تتخطى كيلومترا ونصف الكيلومتر في منطقة صيدا في جنوب لبنان.

اكتظاظ هائل، سلاح بين أيدي الصغير والكبير، المتطرف والإرهابي، نفوس محقونة، فقر وعوز إلى ما لا حدود، كلها عوامل تتلاقى لتشكل فتيلا قد يشتعل دون سابق إنذار. ولا شك أن الاستقرار الأمني الذي شهده المخيم منذ نحو السنة ونصف السنة إنجاز كبير حققته القوى والفصائل الفلسطينية الممسكة بأمن المخيم، التي تمكنت ومن خلال تشكيل لجنة متابعة تضم كل الفرقاء تجتمع دوريا لمتابعة أمور المخيم، من إرساء وضع أمني مستتب لم يخرق إلا مؤخرا مع اغتيال أمير ما كان يُعرف بتنظيم «جند الشام»، غاندي السحمراني (أبو رامز)، الذي أُعدم منذ نحو الأسبوع في ظروف غامضة.

الهدوء عاد إلى أرجاء المخيم بعد «خضة» مقتل السحمراني، لكن الأقاويل تنتشر حتى في الزواريب الضيقة على ألسنة الصغار، الذين يرددون روايات سمعوها هنا أو هناك. ولعل أبرز الروايات ما يحكى عن أن «حركة فتح، وبالتحديد الكفاح المسلح، قررت تصفية العناصر المتطرفة التي تهدد أمن المخيم، فساهمت في تصفية أحد كبار المطلوبين في لبنان، عبد الرحمن عوض، الذي قتله الجيش اللبناني في أغسطس (آب) الماضي، بعدما تم استدراجه إلى منطقة شتورة في البقاع اللبناني، من ثم اغتال أبو رامز لما كان يشكله من رمز جامع لبعض المتطرفين في المخيم».

رواية ينفيها جملة وتفصيلا قائد الكفاح الفلسطيني المسلح، العقيد محمود عبد الحميد عيسى، المعروف بـ«اللينو»، مشددا لـ«الشرق الأوسط» على أن «الكفاح المسلح وحركة فتح بعيدان كل البعد عن منطق التصفيات»، لافتا إلى أنه «شخصيا سلم أكثر من مطلوب للجيش اللبناني، وأن الخطة المتبعة للحفاظ على أمن المخيم هي اعتقال الأفراد وتسليمهم للسلطات اللبنانية»، وأضاف: «طريقة قتل أبو رامز والتحقيقات الأولية تؤكد أن الدائرة الضيقة جدا من حوله هي من قتلته؛ فهو كان متواريا عن الأنظار، ولم نكن نعرف له سبيلا على الرغم من أنه كان من المطلوبين من قبلنا ومن قبل الدولة اللبنانية»، وأوضح اللينو أن «هناك مساعي يائسة لتفجير الوضع داخل المخيم الذي يبقى في دائرة الاستهداف»، مشددا على أن «التفاهمات القائمة بين مختلف القوى الفلسطينية، التي باتت تشكل على الأرض شراكة حقيقية، هي الضامنة لبقاء الوضع داخل عين الحلوة على ما هو عليه من استقرار»، وتابع: «يشكل الكفاح المسلح اليوم الأداة الأمنية التنفيذية، وبالتالي نحن على اتصال مباشر وتعاون دائم مع الأجهزة الرسمية اللبنانية لضبط الأوضاع».

ويرى ممثل «القوى الإسلامية» في «عين الحلوة»، الشيخ جمال خطاب أن «هناك مبالغات في التعاطي مع الملف الأمني للمخيم»، لافتا إلى أن «هناك غموضا يلف اغتيال أبو رامز» مستبعدا أن «يكون لحركة فتح أي يد في الموضوع، لأن المربع حيث كان يتواجد السحمراني لا سلطة للحركة عليه».

ويصف خطاب الوضع حاليا في المخيم بـ«المستقر»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «الكل هنا في المخيم يعلم تماما أننا على سفينة واحدة وأن أي خرق فيها يغرق الجميع، وبالتالي نحن متوافقون على التعاون لحل أي خلل أمني».

من جهتها، تشدد مصادر واسعة الاطلاع في المخيم لـ«الشرق الأوسط» على أنه «يتوجب خلق صيغة معينة للتعاطي مع منطقة التعمير في عين الحلوة، التي لا تخضع لا لرقابة الدولة اللبنانية أو لرقابة حركة فتح أو غيرها من القوى، لأنها تضم جنسيات متعددة من لبنانيين وفلسطينيين وغيرهم، وبالتالي أصبح كل مطلوب يلتجئ إليها، حتى باتت تشكل بؤرة أمنية تحسب على المخيم، على الرغم من أن المنطقة هي خارج نطاقه».

وتؤكد المصادر ما أشيع عن خروج مجموعات إرهابية من «عين الحلوة» باتجاه دول أوروبا، لافتة إلى أن «عدد من غادروا منذ نحو 8 أشهر لا يتجاوز العشرين شخصا، تم إلقاء القبض على 5 منهم وتسليمهم للسلطات اللبنانية بعد ملاحقتهم هناك».

وتقول المصادر: «لا شك أنه لا يزال هناك مطلوبون متطرفون غير مرئيين داخل المخيم لا يتخطى عددهم العشرة أشخاص، إلا أنه لا قدرة لهم على القيام بأي عمل إرهابي، لأنه لا حيثية لهم أو ارتباطات خارجية، وبالتالي هم (هامشيون) يفضلون الخروج من المخيم والسفر إلى الخارج متى أتيحت لهم الفرصة».