البابا شنودة يطالب الشباب المسيحي بالحكمة للحفاظ على استقرار الوطن

مفتي مصر يدعو لإقامة مشاريع تنموية مشتركة بين المسلمين والمسيحيين

البابا شنودة الثالث (أ.ب)
TT

طالب البابا شنودة الثالث، بابا المسيحيين الأرثوذكس بمصر، الشباب المسيحي بالتحلي بالحكمة لـ«الحفاظ على استقرار الوطن»، مشددا على أهمية الحوار في حل المشكلات، داعيا أقباط المهجر إلى الاقتداء بموقف الكنيسة الأم، فيما اعتبره الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) بمصر «رجل المواقف الصعبة».

من جانبه، دعا مفتي مصر الدكتور علي جمعة إلى إقامة مشاريع تنموية مشتركة بين المسلمين والمسيحيين لنشر روح التسامح والوحدة.

وقال شنودة، في مقابلة تلفزيونية هي الأولى له منذ الانفجار الذي وقع عشية أول أيام العام الجديد أمام كنيسة القديسين مار مرقس والأنبا بطرس بالإسكندرية: «أطلب من أبنائنا أن يهدأوا لأن الهدوء يمكنه حل جميع المواضيع»، مشيرا إلى أن مظاهرات كثيرة قد حدثت وفي مجموعها ليست من المسيحيين فقط، وقال «إن الكثيرين ركبوا الموجة ودخلوا باسم التعاطف مع أحداث الإسكندرية وهم بعيدون كل البعد عن المشكلة».

وانتقد شنودة بعض التصرفات التي تمت خلال المظاهرات قائلا «إن هتافات البعض تجاوزت كل الأدب وكل القيم بأمور لا يمكن أن نرضاها، ولا يمكن أن تصدر أيضا عن مسيحي أو مسلم يتمسك بالقيم والخلق الكريم والبعض حاول استخدام العنف وليس هذا بأسلوبنا إطلاقا، ولا نوافق على التجاوزات التي حدثت».

ودعا البابا شنودة الجميع إلى التحكم في رد فعلهم، وقال «ربما يخسر الإنسان القضية التي يغضب من أجلها بأسلوبه الغاضب في التعبير.. كلنا نغضب في مواجهة ما يحدث من شرور، لكننا نحسب حسابا لما نفعله وردود الفعل عليه، وهكذا تتدخل الحكمة».

وأعرب البابا شنودة عن أمله في استمرار التوحد بين أبناء الشعب المصري، الذي ظهر عقب أحداث كنيسة القديسين، وقال إن ذلك يتطلب تفاهم أبناء الشعب، مشيرا إلى وجود بعض مشكلات لدى المسيحيين يجب حلها، مضيفا أن «الجميع يؤمن بسيادة القانون وأهميته، وأي دولة لا يوجد بها قانون تختل، وعدالة القانون هي من ضمن شروط المساواة بين الكل في قانون واحد».

وأكد شنودة أن الكنيسة المصرية ستحتفل بعيد الميلاد في موعده، وقال «إن عدم الاحتفال بالعيد معناه أننا غير متدينين من جهة، ومن جهة أخرى تصعيد الأمور بطريقة لا توصل إلى نتيجة، إضافة إلى أن عدم الاحتفال به يعني أننا تحكمنا الأعصاب وليس العقل والحكمة».

وقال البابا: «إن البلد بلدنا جميعا، وخيره خير لكل واحد فينا، والضرر فيه ضرر لكل واحد فينا.. فليتنا جميعا نعيش في محبة وفي سلام ولا نترك سببا يجعل الغير يتدخل في أمورنا».

وبعد ساعات من تلك المقابلة، أشاد الحزب الوطني الديمقراطي بالبابا شنودة ووصفه بأنه رجل المواقف الصعبة. وقال الحزب في مقال نشر على موقعه الإلكتروني إنه «دائما يتحلى بأنبل صفات الحكمة والوطنية المصرية، وذلك من خلال أحاديثه وتصريحاته المستمرة التي تؤكد عمق معاني الوحدة الوطنية والروابط المشتركة التي تجمع بين مسلمي مصر ومسيحييها».

وأضاف المقال «للمرة تلو الأخرى، يثبت البابا شنودة، أحد الرموز الكبرى للوطنية المصرية، إعلاءه لوحدة الصف المصري وتأكيده على الثابت المشترك بين أبناء الوطن، وأهمية التحلي بالهدوء والحكمة في معالجة الأزمات وعدم الانجرار وراء العنف تحت أي مسمى».

من جهة أخرى، قالت مصادر كنسية لـ«الشرق الأوسط» إن البابا شنودة حتى أمس زاره 15 وزيرا والأمين العام لجامعة الدولة العربية عمرو موسى وعدد من النواب والمسؤولين الذين حرصوا على الإعراب عن مواساتهم للبابا في ضحايا الحادث، والوقوف إلى جانب المسيحيين في ذلك الظرف الصعب.

من جانب آخر، دعا الدكتور علي جمعة مفتي مصر إلى إقامة مشاريع تنموية مشتركة بين المسلمين والمسيحيين وتنظيم برامج تلفزيونية للشباب من الجانبين وبرامج ثقافية ترسخ مفاهيم التسامح والوحدة وتعمق روح التعاون والتعايش بين أبناء مصر والتصدي لمحاولات إشاعة الفتنة الطائفية مع مراعاة ثقافة المجتمع وهويته وطبيعته.

وأكد المفتي، في مؤتمر صحافي عقده أمس، ضرورة التكامل والتنسيق بين مختلف المبادرات الداخلية في مصر لإشاعة روح التسامح وتأكيد مفاهيم المواطنة. وأشاد الدكتور جمعة بدعوة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بإنشاء بيت العائلة المصرية كصوت مشترك للأزهر والكنيسة لمواجهة دعاوى الفتنة الطائفية وإزالة أي أسباب للاحتقان بين المسلمين والمسيحيين، وهو بمثابة جبهة حكماء من الجانبين، تساهم في إزالة أي أسباب للتوتر بين عنصري الأمة وتبحث في أسبابها وعلاجها.

وأكد مفتي مصر أن محاصرة الإرهاب تحتاج إلى سياسة النفس الطويل وتعاون وتنسيق بين كل الجهات المعنية، مشيرا إلى دور الشباب في هذا الصدد لتوضيح الأمور، موضحا الدور الذي تقوم به المؤسسة الدينية لمواجهة أي تطورات في المجتمع والعالم والتصدي لأي آثار سلبية لها بالتعاون مع الجهات المعنية.

واعتبر الدكتور جمعة أن المظاهرات المسيحية التي اندلعت بعد الحادث تعد تعبيرا عن الغضب، وقال: «لكن لا بد من مراعاة مصلحة الوطن»، معتبرا أن أي عمل مشترك من مسلمين ومسيحيين لرفض أعمال العنف هو تعبير عن الشعور الوطني وتجب مراقبته بحرص للمصلحة العامة.