مشاورات ماراثونية أميركية مع قادة السودان لتسهيل ميلاد الدولة الجديدة

كيري في الخرطوم: السودان يواجه لحظة حاسمة.. وتصريحات البشير بشأن الجنوب «مشجعة جدا»

كيري خلال لقائه مستشار الرئيس السوداني غازي صلاح الدين (أ.ف.ب)
TT

شرع مسؤول أميركي رفيع في مباحثات في الخرطوم وجوبا لصوغ مشروع اتفاق بين الشمال والجنوب والعلاقات بين البلدين حال إعلان قيام الدولة الجديدة، في وقت شدد فيه على أن السودان يواجه «لحظة حاسمة».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الولايات المتحدة تدرس تقديم صفقة للحكومة السودانية وحكومة الجنوب مقابل إجراء الاستفتاء في مواعيده بسلاسة، والتوصل «لطلاق سلمي»، وقبول الخرطوم لانفصال الجنوب وقيام دولة جديدة وتقديم العون لها، إلى جانب وقف أي أعمال عدوانية على الحدود المشتركة، التي يبلغ طولها أكثر من 2200 كيلومتر مربع كأطول حدود إقليمية داخل أفريقيا. وأشارت المصادر إلى أن مسؤول العلاقات الخارجية بالكونغرس الأميركي جون كيري بدأ مباحثات في جوبا أول من أمس، مع مسؤولي حكومة الجنوب، وفي الخرطوم قام بلقاء نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه، ومستشار الرئيس غازي صلاح الدين. وأشارت مصادر حكومية بالخرطوم إلى أن كيري بحث مع طه «الترتيبات الجارية لبدء مرحلة الاقتراع للاستفتاء والعلاقات المستقبلية بين شمال وجنوب السودان في المرحلة المقبلة. ويفترض أن يبدأ إجراء الاستفتاء في التاسع من يناير (كانون الثاني) الحالي، وعبر كيري عن ارتياحه لنتائج زيارة الرئيس عمر البشير لمدينة جوبا أول من أمس. ونقلت وكالة السودان للأنباء حرص الولايات المتحدة على استدامة السلام والاستقرار في السودان والتزام واشنطن بالتواصل الإيجابي مع السودان لبناء علاقات متميزة لمصلحة البلدين». وتشير مصادر إلى أن واشنطن تبحث رفع العقوبات عن السودان ورفع اسمه عن قائمة الإرهاب الدولي وتطبيع العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، مقابل استقلال الجنوب، ووقف الانتهاكات في إقليم دارفور المضطرب. وعبر كيري عن إشادته بزيارة الرئيس البشير لجوبا، ووصف خطابه بأنه مشجع للغاية وبناء ويضع اللبنات الجيدة تجاه التطورات والأحداث التي ستشهدها البلاد الأيام المقبلة».

وقال كيري في تصريحات صحافية عقب اجتماعه مع غازي صلاح الدين إن الاجتماع تناول موضوعات عدة إلا أنها ركزت على موضوع الاستفتاء الذي سيبدأ بعد ثلاثة أيام، مشيرا إلى التقدم الذي أحرزه السودان في تطبيق اتفاقية السلام الشامل خلال فترة العام ونصف العام الماضية. وأضاف أن ذلك التقدم أمر جديد تجب الإشادة به. وقال كيري «إن الاستفتاء الذي يتوقع أن يجرى بصورة سلسة يمثل فرصة فريدة وغير عادية لكل السودان، وإن الولايات المتحدة الأميركية تتطلع إلى أن ترى نجاح هذه العملية التي ستكون مؤشرا لعلاقات قوية وجيدة بين السودان والولايات المتحدة ودول أخرى».

وأعرب كيري عن اعتقاده بأن السودان سيسير على الطريق الصحيح الذي يتوجب أن يواصل المسير فيه إلى نهايته. ويكون التركيز على الاستفادة الإيجابية التي سيحصل عليها الشعب السوداني شمالا وجنوبا، وهو الأمر الذي يتطلع إليه الجميع، وأكد كيري أنه لم يتحدث عن حوافز بعينها خلال لقاءاته مع المسؤولين السودانيين، إنما كان حديثا موجبا تركز حول كيفية التعامل مع بعض المشكلات القائمة، وأن الجانبين يأملان في أن يساعد ذلك في السير على الطريق الصحيح. وأضاف «هناك من دون شك تحديات اقتصادية كبيرة على الطاولة»، وفي السياق ذاته، أصدر جون كيري بيانا صحافيا قال فيه «إن الولايات المتحدة لعبت دورا مهما في إنهاء الحرب الأهلية بالسودان، مما جعل استفتاء هذا الأحد ممكنا». وأضاف «التزامنا للشعب السوداني سيتجاوز ما بعد الاستفتاء، أيا كانت نتائجه، ونعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في المنطقة». ووصف كيري التطورات السياسية في السودان بأنها «لحظات حاسمة».

في غضون ذلك، أكد الأمين العام لمفوضية استفتاء جنوب السودان محمد عثمان النجومي انتظام كل موظفي الاقتراع في مراكزهم تمهيدا لبدء العملية الأحد المقبل. وقال في تصريحات صحافية «لا توجد ضمانات حول إقبال الناخبين نحو مراكز الاقتراع باعتبارها عملية طوعية تتوقف على رغبة الشخص المعني»، ونوه باحتمالية وجود صعوبات طبيعية مثل الأمطار وغيرها، متمنيا أن يحرص الكل على ممارسة حقهم في الاستفتاء، وأن تكلل العملية بالنجاح.

ومن جهتها، عقدت الهيئة القيادية العليا لتأمين ولاية الخرطوم اجتماعا برئاسة شرطة ولاية الخرطوم لبحث كل الخطط التأمينية والخطة الخاصة بتأمين الاستفتاء، والترتيبات الأمنية والإدارية المرتبطة بالخطة، وأشار إلى أن الاجتماع بحث الآلية التي تعمل بها الغرف المشتركة والغرفة المركزية للشرطة. وتعتزم الخرطوم نشر 17 ألفا و500 شرطي لتأمين ولاية الخرطوم وحماية مراكز التصويت والناخبين الجنوبيين. وأكد مدير دائرة الجنايات بشرطة ولاية الخرطوم اللواء محمد أحمد علي أن أهم الموجهات التي ناقشتها الهيئة تلك التي تختص ببث الطمأنينة بين المواطنين كافة وحماية أبناء جنوب السودان وتمكينهم من القيام بحقهم الدستوري في عملية الاستفتاء، وتأمين الولاية بصورة عامة من أي مهددات أمنية.