المغرب يفكك خلية إرهابية تضم 27 شخصا ويضبط 3 مخابئ للأسلحة في الصحراء

اسمها «طارق بن زياد» ويقودها مغربي عضو في «القاعدة» مقيم بشمال مالي

الطيب الشرقاوي وزير الداخلية المغربي يتحدث خلال لقاء صحافي في الرباط أمس (أ ب)
TT

أعلن المغرب الليلة قبل الماضية عن تفكيك شبكة إرهابية ذات صلة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وذلك بعد مرور 10 أيام على الإعلان عن تفكيك خلية أخرى تتكون من 6 أشخاص، كانت تعتزم استخدام سيارات مفخخة لشن هجمات إرهابية ضد مصالح أجنبية ومنشآت ومراكز أمنية مغربية.

وقال الطيب الشرقاوي، وزير الداخلية المغربي، إن الخلية المفككة حاولت إنشاء قاعدة خلفية لها في الصحراء، جنوب مدينة العيون. وأوضح الشرقاوي في لقاء صحافي عقده صباح أمس في الرباط، أن الخلية تضم 27 فردا، ويقودها مغربي عضو بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، يقيم بشمال مالي.

وهذه أول مرة تعلن فيها الرباط عن تفكيك خلية إرهابية يقودها مغربي عضو في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.

وكشف الشرقاوي أن الخلية كانت تتوافر على ثلاثة مخابئ للسلاح في منطقة «أمغالا» الواقعة على بعد 220 كيلومترا من مدينة العيون، كبرى مدن الصحراء.

وعثرت المصالح الأمنية المغربية في هذه المخابئ على 30 رشاشا من نوع «كلاشنيكوف»، و3 مسدسات رشاشة، وقاذفة من عيار 82 ميللمترا، وقاذفة «آر بي جي»، و66 خازنا للذخيرة، بالإضافة إلى خرائط طبوغرافية للحدود المغربية - الجزائرية. وأشار الشرقاوي إلى أن أربعة من أعضاء الخلية تم اعتقالهم خلال محاولتهم تسلل الحدود المغربية - الجزائرية في منطقتي أحفير وفكيك (شرق المغرب). وأضاف الشرقاوي أن أعضاء في هذه الخلية متورطون في محاولات لمداهمة وكالات مصرفية، وشركات نقل الأموال في مدينتي الدار البيضاء والرباط، تروم الحصول على التمويل الضروري لمشاريعهم الإرهابية.

وأوضح الشرقاوي أن التحريات الأولية كشفت أن الخلية كانت مكلفة بمهمة إعادة تجميع بعض أفراد الشبكات الإرهابية التي تم تفكيكها في المغرب في وقت سابق. وذكر وزير داخلية المغرب أن التحريات بينت أن الخلية لها ارتباطات بعناصر متطرفة تقيم في بعض الدول الأوروبية من جنسيات مختلفة. وأبرز الشرقاوي أنه في محاولة لكسب تجربة قتالية لأعضاء هذا التنظيم تم التخطيط لإرسال بعضهم إلى معسكرات «القاعدة» بالجزائر وشمال مالي للخضوع لتدريبات عسكرية، والرجوع إلى المغرب بقصد تنفيذ مخططهم التخريبي باستعمال الأسلحة المحجوزة في منطقة أمغالا. وذكر الشرقاوي أنه سيتم تقديم أعضاء هذه الشبكة الإرهابية إلى العدالة بعد انتهاء البحث الجاري تحت إشراف النيابة العامة المختصة. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر أمني مطلع، أن أعضاء الخلية أطلقوا على خليتهم اسم «طارق بن زياد»، وأن اكتشافها تم عن طريق الصدفة. وقال المصدر ذاته إنه قبل أكثر من أسبوع حاول أربعة من أعضاء الخلية التسلل إلى الجزائر عن طريق أحفير وفكيك، وأن رجال الأمن شكوا فيهم، فاعتقلوهم وأجروا تحقيقا معهم أدى إلى كشفهم عن مواقع السلاح في الصحراء، وعن باقي أعضاء الخلية التي تتكون كلها من مغاربة.

وكشف أعضاء الخلية الأربعة أن الأسلحة دخلت إلى المغرب على دفوعات، كما تحدثوا عن جزائري يحمل الجنسية الفرنسية له علاقة بالخلية، بيد أنه لم يتم اعتقاله حتى الآن. وذكر المصدر الأمني ذاته أن بعض أعضاء الخلية الـ27 سبق لهم أن قاموا بمحاولات فاشلة للسطو على مصارف وشركات نقل الأموال، وأن آخرين مرتبطون بتيار السلفية الجهادية.

وهذه هي المرة الثانية التي تعلن فيها السلطات المغربية عن ضبط أسلحة. ففي المرة الأولى تم ضبط أسلحة في محافظة الناظور (شمال البلاد) بالقرب من الحدود المغربية - الجزائرية، في إطار ما يعرف بخلية «عبد القادر بلعيرج». لكن الجديد هذه المرة يتعلق بوجود أسلحة في ثلاثة مواقع بالصحراء، وبالضبط في منطقة «أمغالا» الشهيرة، التي شهدت أكثر المعارك ضراوة بين المغرب وجبهة البوليساريو والجيش الجزائري في منتصف عقد السبعينات من القرن الماضي، وهو ما يحيل بشكل مباشر إلى الحراك الإرهابي في منطقة الساحل والصحراء.

بيد أن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه بشدة هو: كيف؟ ومن أين دخلت هذه الأسلحة إلى المغرب، خاصة أن «أمغالا» منطقة عسكرية حساسة؟

وفي سياق ذلك، تجدر الإشارة إلى أنه توجد منطقة عازلة بين الأراضي الصحراوية المغربية والجزائر تسمى «المنطقة العازلة»، وهي منطقة تعتبرها جبهة البوليساريو «أراضي محررة». وسبق للأمين العام الحالي للامم المتحدة بان كي مون في أحد تقاريره أن نبه إلى أن المنطقة تعرف رواجا لتجارة الأسلحة والمخدرات، إضافة إلى الهجرة السرية. وحذر المسؤولون المغاربة مرارا من وجود ارتباط بين تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وجبهة البوليساريو. ويسود اعتقاد كبير أن نشطاء «القاعدة» في بلاد المغرب الإسلامي لهم صلات بمهربي المخدرات الصلبة (الكوكايين) في موريتانيا.

وعلى الرغم من أن الخلية التي تم الكشف عنها نهاية الشهر الماضي، والتي تضم 6 أشخاص لا علاقة لها بخلية «طارق بن زياد»، فالملاحظ أن هناك رابطا بينهما هو أنهما كان يعتزمان استعمال الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة في عملياتهم الإرهابية، وهو ما يؤشر إلى احتمال وجود ارتباط ضمني بين خلايا مختلفة. يذكر أن السلطات المغربية لأول مرة، منذ تفجيرات الدار البيضاء، تتحدث عن اعتقال خلية كانت تعتزم استعمال سيارات مفخخة.

ويلاحظ أنه منذ تفجيرات الدار البيضاء ليوم 16 مايو (أيار) 2003 لم تنفذ أي أعمال إرهابية باستثناء قيام عبد الفتاح الريدي بتفجير نفسه في أحد نوادي الإنترنت في المدينة ذاتها، ذلك أن أجهزة الأمن المغربي انتهجت خططا استباقية لتفكيك الخلايا الإرهابية قبل مضيها قدما في تنفيذ عملياتها. كما يلاحظ أنه في تفجيرات 2003 تم استعمال متفجرات تقليدية تم صنعها محليا، بينما الحديث عن شبكة الصحراء الجديدة يتضمن أسلحة متطورة مثل قاذفة «آر بي جي»، ورشاشات من نوع «كلاشنيكوف» ومسدسات رشاشة وذخيرة حية. وسبق للأمن المغربي أن اعتقل في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 4 أشخاص، في الصحراء، قالت وزارة الداخلية إنهم شكلوا خلية أطلقوا عليها اسم «جبهة الجهاد الصحراوي»، بيد أن هذه الخلية لم تكن تتوافر على أسلحة.

يذكر أن معظم الخلايا التي ضبطتها أجهزة الأمن المغربية ظلت دائما تدور في إطار مغربي - مغربي، أما خلية «طارق بن زياد»، فتتشابك فيها التنظيمات الإرهابية في المنطقة، باعتبارها من ثمار تحول الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

وفكك المغرب أكثر من 70 خلية إرهابية منذ تفجيرات الدار البيضاء التي أوقعت 45 قتيلا، بمن فيهم 13 انتحاريا.