الفلسطينيون «حائرون» في كيفية مواجهة سياسة «الإبعاد» الإسرائيلية لمسؤولي القدس

عبد القادر وأبو عرفة: لا نملك خيارات كثيرة

TT

يواجه المسؤولون والناشطون الفلسطينيون في القدس المحتلة، خطر الإبعاد بحجج مختلفة، منها عدم الولاء والتحريض، وهو أسلوب لجأت إليه إسرائيل مؤخرا، ويهدد مئات الأسماء البارزة في القدس، غير أن الفلسطينيين لا يعرفون بعد كيف يمكن مواجهة هذه السياسة بل يبدون حائرين في ذلك.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أبعدت إسرائيل عضو المجلس التشريعي محمد أبو طير من مسقط رأسه إلى رام الله، ويفترض أن تكون قد نفذت أمس، إبعادا بحق أمين سر حركة فتح في سلوان، عدنان غيث، والقائمة طويلة.

وهذه هي المرة الأولى التي تنفذ فيها إسرائيل سحب هويات مقدسيين وطردهم لأسباب سياسية. وتركت الخطوة مخاوف كبيرة من أن تفتح الباب أمام طرد نخبة كبيرة من السياسيين والناشطين في المدينة، وآلاف المقدسيين الآخرين.

وتحذر مراكز ومؤسسات حقوقية وشخصيات مقدسية من استمرار إسرائيل في تنفيذ هذه السياسة. وقال مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية «إن الإجراءات الإسرائيلية تفتح الباب واسعا أمام إجراءات أكثر خطورة ستستهدف في المرات المقبلة إبعاد مواطنين من مختلف الأعمار والفئات».

وأضاف حاتم عبد القادر، وزير القدس الأسبق، لـ«الشرق الأوسط»: «لا نملك القوة الميدانية لمنع ذلك، ولا قوة القانون».

ودليل على حيرة الفلسطينيين إزاء كيفية معالجة المسألة، هو توجههم للمحكمة العليا لتقديم التماس لوقف الإبعاد، ليتراجعوا قبل أن ينطق القاضي قراراه.

وأوضح عبد القادر «خشينا من تثبيت سابقة قانونية بإعطاء أوامر الحاكم العسكري غطاء قانونيا». وأضاف «قررنا عدم تنفيذ الأوامر فحسب، وغيث لن يسلم هويته ولن يرحل طوعا، لكن إذا جاءوا واعتقلوه وأبعدوه بالقوة فماذا نفعل؟.. تلك مسألة لا يمكن مواجهتها الآن إلا عبر الاعتصام في مقرات دولية مثل مقر الصليب الأحمر» الذي يعتصم فيه منذ نحو 196 يوما 3 نواب من حماس، ولم يغادروه أبدا خشية اعتقالهم وترحيلهم كما فعلوا بأبو طير.

وقال عبد القادر «المطلوب برأيي عمل سياسي.. وبغير ذلك لا يمكن مواجهة الأمر». ويرى عبد القادر أن الاتحاد الأوروبي الذي قال إنه يدرس سياسة جديدة للتعامل مع القدس المحتلة، يمكنه أن يوقف هذه السياسة. وأوضح «لا نريد من الاتحاد الأوروبي أن يدفع قدما مفاوضات السلام، فهي لن تسير أبدا، ولا نريد منه تحرير القدس كذلك، نريد منه أن ينشغل في قضيتين، الإبعاد، وهدم المنازل». وأردف «أعتقد أن الأوروبيين قادرون على التأثير في إسرائيل في ما يخص هذين الملفين، إذا استخدموا الضغوط المطلوبة».

ولم تستجب إسرائيل لمناشدات دولية وتدخلات كثيرة قبل أن تبعد أبو طير الذي اعتقلته بتهمة الوجود غير الشرعي في المدينة المقدسة، وهي التهمة التي يواجهها النواب المعتصمون في مقر الصليب الأحمر، وهم خالد أبو عرفة، وأحمد عطون، ومحمد طوطح.

وضربت باعتراض السلطة الفلسطينية الرسمية على إبعاد النواب عرض الحائط، وحتى طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التدخل لم يؤت ثماره حتى الآن.

ولا يتفق البعض مع عبد القادر فيما يخص قوة التأثير السياسي للأوروبيين لحل المسألة، وقال أبو عرفة، وزير القدس السابق، لـ«الشرق الأوسط»: «الموضوع ليس بيدنا، الموضوع بيد الإسرائيليين ويجب أن يتوقفوا عن هذا». وأضاف «في الحقيقة، ليس لدينا خيارات.. كنا نتوقع من المجتمع الدولي التدخل لإثبات أن القدس محتلة، وحمل إسرائيل على الانسحاب منها، وحماية سكانها تحت الاحتلال والتخفيف عنهم، كنا نتوقع أن يتدخل المجتمع الدولي كأحد الخيارات السلمية لتعفينا من التوجه إلى خيار العنف، لكن خابت التوقعات».

ويقول أبو عرفة إنه لا يتوقع إطلاقا أن ينجح الاتحاد الأوروبي أو غيره في حمل إسرائيل على وقف سياسة الإبعاد. وأضاف «ما من جهة تستطيع أن تتدخل سياسيا». ورغم ذلك عاد أبو عرفة ليقول إن الخيارات الممكنة هي ما يعمل عليه النواب ومسؤولون آخرون منذ فترة طويلة، وهي «تكثيف الجهود على مستوى مؤسسات المجتمع المدني الأوروبي، كي تسير في مجال نزع الشرعية عن إسرائيل، والعمل بالتوازي على مستوى البرلمانات الأجنبية والعربية لحماية زملائهم النواب الفلسطينيين».

ولا يستبعد أبو عرفة أن تنتهي قضيتهم بدفعهم ثمنا كبيرا جدا، لافتا إلى إمكانية قتلهم في مواجهات ما، وقال «قد ندفع ثمنا باهظا لكن استعادة الحقوق بحاجة إلى دفع أثمان باهظة أحيانا».