تراجع خيار حكومة اللون الواحد مع فشل الرهان على الأرقام

مصادر بري لــ«الشرق الأوسط»: هناك حركة لإنقاذ الحل المنجز ومتمسكون بما يمليه «الطائف»

TT

يبدو أن خيار قوى 8 آذار بتشكيل حكومة من لون واحد والذي كان يتمتع بالحظوظ الكبرى في الساعات الماضية يتراجع تدريجيا مع اقتناع فريق المعارضة أن الحسابات الرقمية لا تنطبق مع رغباته الفعلية، فينتهج حزب الله حاليا مبدأ التريث في إطلاق المواقف من تسمية رئيس الحكومة المقبل بعدما كان رئيس كتلته النيابية قد أعلن أن المعارضة تريد شخصية تتمتع بسيرة مقاومة وطنية.

في هذا الوقت، كشفت مصادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ«الشرق الأوسط»، عن «حركة لإنقاذ الحل المنجز والذي أقر به الرئيس الحريري مؤخرا مما قد يسمح بإعادة تسمية قوى المعارضة للحريري نفسه رئيسا للحكومة المقبلة». وأضافت: «إقرار الرئيس الحريري بالتسوية دليل على أنه كان موافقا عليها وبالتالي وفي حال تمكنا من إصلاح الخلل الذي ضرب مساعي التوافق نتوصل حينها لحل يعيد الحريري إلى منصبه».

وعن احتمال تشكيل قوى 8 آذار حكومة من لون واحد قالت مصادر بري: «أحد بنود التسوية المتفق عليها تنفيذ بنود اتفاق الطائف والتمسك به. وهذا الاتفاق يشدّد على ضرورة أن يكون كل الفرقاء ممثلين بالحكومة وبطوائفهم وليس بأحزابهم. المعارضة لا تستطيع اليوم القفز فوق الطائف وتشكيل حكومة من لون واحد فهي ملتزمة بدستور لبنان الذي هو اتفاق الطائف». ودعت المصادر جميع الأفرقاء «لتحمل مسؤولياتهم والتمتع بحس وطني عال لمواجهة ما يخطط للبنان من فتنة وخاصة أن العدو الإسرائيلي على قاب قوسين أو أدنى من سرقة مواردنا الطبيعية وبالتالي مستقبل الأجيال الصاعدة التي باتت تعوّل على ثروات أرضنا لسد عجز الخزينة وبالتالي انتشال لبنان من أزمته الاقتصادية الكبرى».

من جهته شدّد عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب آلان عون على أن «المعيار لتسمية رئيس حكومة جديد هو معيار اتفاق سياسي وليس معيارا طائفيا» وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لن نشكل حكومة لا تقوم على اتفاق وانسجام سياسي يؤسس للمرحلة المقبلة، فقد خضنا تجربة فاشلة ولن نكررها مجددا. موضوع تسمية الرئيس المقبل لم تكن يوما ذات أبعاد شخصية، هناك مشاورات تجري مع عدد من الشخصيات ولكن يتوجب أولا التوصل معها لحد أدنى من الاتفاق السياسي وبالتالي لم يحسم الموضوع حتى الساعة». وعن إمكانية إعادة تسمية الحريري قال عون: «من يحاول كسب ثقة النواب يجب أن يسعى للاتفاق معهم على المستوى السياسي».

كما كشف عضو التكتل نفسه النائب عباس هاشم أن قوى 8 آذار «ستجتمع يوم الأحد المقبل لتحديد الموقف الملائم من الاستشارات النيابية التي تبدأ الاثنين» مشددا على أن «رئيس الحكومة الجديد يجب أن يتمتع بحسّ وطني سليم وأن يؤمن بأن الوقت حان للبنان لكي يتحول من ورقة على طاولة مفاوضات إقليمية ودولية إلى دولة تعيش العزة والعنفوان». وتابع هاشم: «نحترم رغبة سعد الحريري بعدم قدرته على تحمل الأزمة السياسية الحالية، علما أنه سبق أن أكد أنه ليس متمسكا برئاسة الحكومة».

بدوره، أوضح عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم أن «المعارضة وضعت دفتر شروط لكنها لم تقفل الأبواب بشكل نهائي أمام كل الاحتمالات والخيارات، وبالتالي لا مشكلة بعودة الرئيس سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة إذا قبل بدفتر الشروط في إطار تفاهم وطني»، مشددا على أن «الخلاف ليس على الشخص بل هو خلاف سياسي حول آليات حماية وإنقاذ لبنان في ظل ما يستهدفه».

بالمقابل، أعلن رئيس «التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد أنه «لا يمكن أن القبول بعودة الحريري إلى رئاسة الحكومة»، داعيا إلى «تسمية رئيس جديد للحكومة لا يستقوي بالخارج ضد أبناء بلده ولا يتآمر على المقاومة، بل يعمل على صيانة الاستقلال والسيادة والوحدة الوطنية، ويدافع عن المقاومة التي تشكل مع الجيش اللبناني عنوان السيادة والاستقلال». وقال سعد: «لقد أحسن وزراء المعارضة صنيعا حين أقدموا على إسقاط الحكومة بعد أن برهنت على عجزها الكامل عن معالجة أي ملف من الملفات الأساسية»، مشددا على «ضرورة قيام حكومة جديدة تكون قادرة على التصدي للقضايا الأساسية وصياغة التوجهات الملائمة بشأنها، ووضع حد للتدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية اللبنانية وإعادة ملف الاغتيالات إلى القضاء اللبناني».