ادعاء حزب الله الانتصار على الحريري.. قد يكون مكلفا

سيطرته بالقوة على البلاد من جديد قد تشوه صورته في العالم العربي

TT

مع إسقاط حزب الله للحكومة اللبنانية، تدخل الحركة الشيعية المسلحة ما قد يثبت أنه واحد من أخطر الفصول الخطرة خلال تاريخها الذي يمتد على مدى 30 عاما جعلتها ممقوتة في الغرب وشعبية في العالم العربي، وقد تبدو الحركة في الوقت الراهن في أعظم قوة لها، لكن السبيل الذي تواجهه يمكن أن يكشف عن أبرز مكامن ضعفها.

ويتوقع عدد من المشرعين اللبنانيين أسابيع وربما أشهر من التوقف في الوقت الذي تحاول فيه البلاد الإجابة على الأسئلة التي لم تلق إجابة منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1990 والمتمثلة في قوة أضخم المجتمعات الدينية وموقفها تجاه إسرائيل ومصير سلاح حزب الله وقوة راعيها الأجانب.

قليلون هم من يعتقدون ببراعة حزب الله في هذه الخطوة، فقد تغلب على خصومه في غضون أيام قلائل من القتال في مايو (أيار) 2008 عندما سيطر على جزء من العاصمة. لكن قيامه بذلك مرة أخرى يمكن أن يشوه صورته في العالم العربي ما سيجعله يبدو كأنه ميليشيا طائفية أكثر منه حركة مقاومة لإسرائيل كما ترى نفسها.

وسيثير ذلك من دون شك التوترات بين السنة والشيعة، وهو ما تخشى الحركة من أن يقوض مكانتها في الشرق الأوسط الذي تهيمن عليه أغلبية سنية. المفارقة هي أن هذه المواجهة فقط يمكن أن تمنحه ما يريد من رفض الحكومة اللبنانية لقرار المحكمة ورفض التعاون معها.

ويرى روبرت مالاي مدير برنامج شمال أفريقيا والشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية أنه «على الرغم من تعاظم قوة حزب الله في لبنان، فإنه بذلك ربما يكون فاقم من مشكلاته الخاصة في البلاد».

نتيجة لذلك فإن حزب الله الذي دخل الأزمة ربما يبدو مختلفا عن المجموعة التي ولدت في غمرة الغزو الإسرائيلي للبنان. ففي أعقاب يوم من سقوط حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها سعد الحريري، كانت العاصمة اللبنانية أكثر توترا نتيجة الازدحام المروري عنها من التوقعات بالاقتتال. فيبدو أن كلا الجانبين غير ميال إلى التصعيد ورفض حزب الله الإدلاء بأي تصريحات عامة قد تذكي من التوترات القائمة بالفعل.

لكن أحدا لم يشكك في عمق الأزمة. ورغم أنه ربما يكون من الدقة اعتبارها مجرد تكرار للأزمة التي بدأت مع اغتيال الحريري، إلا أنها قد ينظر إليها على أنها الأسوأ منذ الاقتتال عام 2008. ويقول محللون تابعون لحزب الله إنهم يأملون في التوصل إلى اتفاق بوساطة سورية - إلى جانب إيران، حليف حزب الله - والسعودية الداعمة للحريري. ومع فشل الوساطة، وجد حزب الله نفسه مسحوبا إلى نقطة أعمق في الساحة السياسية، ربما وبدرجة من التعالي يرى أنها أدنى من وصفه بحركة مقاومة، على الرغم من ممارسته قوة غير مسبوقة داخل هذه الساحة السياسية.

وحتى أن مؤيدي حزب الله يعترفون بأنه ضعيف في الوقت الراهن، لكن الحزب لا يخشى من أن المحكمة ستحاكم أيا من أعضائه - فاحتمال القبض على أي من أعضائه ربما يكون مستحيلا بالنظر إلى قوة حزب الله - لكنه يخشى بدلا من ذلك تأثيرات لائحة الاتهام الموجهة ضد أعضائه على مكانته في العالم العربي.

ومع مواجهة الدولة هذا النوع من الجمود، أصبح التساؤل: وماذا بعد؟ وقال مالاي من مجموعة الأزمات الدولية: «إنهم يدركون فخ الانسحاب وفقد المصداقية أو تنفيذ تهديدهم ودفع الثمن من صورتهم. وفي مرحلة ما سيقررون ما إذا كان عليهم أن يبدأوا في التحرك من عدمه».

سيعمق القيام بذلك بكل تأكيد من الغضب على حركة أعلنت من قبل أن هناك خطا أحمر ضد تحويل فوهات أسلحتها إلى صدور اللبنانيين. كما ستعمق الانقسامات لا بين المسلمين والمسيحيين ولكن بين السنة والشيعة، والتي يخشى البعض من تشكيل قوة مسلحة سنية محبطة نتيجة لذلك.

كلما طال وقوع الحركة في شرك الأزمة، نظر إليها على أنه عامل آخر في بلد تنقسم فيه القوى بين الطوائف الدينية. وحتى إذا كان الاستحواذ على الحكومة - خيار لا يتجاوز حدود الإمكان - لا يجعل الحزب ذلك أقل ضعفا، إلا أنه بذلك سيجعل من حزب الله والدولة مترادفين.

ويقول أنيس النقاش، مدير مركز أبحاث أمان في بيروت: «حزب الله لا يرغب في السيطرة على الحكومة أو الدولة على الرغم من قدرتهم على ذلك إذا أرادوا».

والبديل، حتى الوقت الراهن، ربما يكون الانتظار المألوف.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»